post

لماذا ارتفعت وتيرة الاعتداءات داخل الفضاءات التربوية؟

تونس الجمعة 17 ديسمبر 2021

أطلق المتدخلون في الشأن التربوي، من وزارة ومربين وأولياء وهياكل مهنية، صيحة فزع بعد ارتفاع وتيرة الاعتداءات داخل الفضاءات التربوية وفي محيطها، وفي ظل تواتر عمليات اعتداء وضحايا للعنف اللفظي والمادي سواء كانوا تلامذة أو أساتذة أو من بقية أفراد الأسرة التربوية.

فهل باتت المدرسة منتجة للعنف؟ ولماذا تتكرر حوادث العنف في الفضاءات التربوية؟ ومن المسؤول عن ظاهرة العنف المدرسي؟

أكد وزير التربية فتحي السلاوتي في تصريح إذاعي أمس الخميس، أن ظاهرة العنف في الوسط المدرسي استشرت نتيجة انتشار العنف في المجتمع عموما وهو ما يتطلب العمل على مقاومتها.

وأضاف السلاوتي أن ذلك لا يمكن أن ينجح إلا بتظافر جهود كل المتداخلين في الشأن المدرسي ابتداء من العائلة التي تضطلع بدور رائد في تنشئة الطفل على قيم التسامح بالإضافة إلى دور الإطار التربوي الذي ابتعد حسب قوله في حالات عدة عن مشاغل التلاميذ ودعاه في الخصوص لمزيد تفهم هذا الجيل المختلف الذي يحتاج إنصاتا.

ومن جهة أخرى، أقر السلاوتي بأن نقطة الضعف في المنظومة التربوية هي الإعداديات، حيث أبرزت الدراسات أن 85% من إحصائيات العنف تحدث بين السنة السابعة والتاسعة أساسي منها 38% في السنة السابعة.

وأضاف أن السنة السابعة أي سنة التحول من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية لها اثار وصفها بالكارثية على التلاميذ على عدة مستويات كالانقطاع المدرسي وممارسة العنف وتعاطي المخدرات. وأكد السلاوتي في الخصوص أن الوزارة ستقوم بدراسة خاصة بهذه المرحلة لتبين أسباب تفشي العنف خلالها واليات التوقي منه ومعالجته.

كما شدد وزير التربية على ضرورة مراجعة المحتوى البيداغوجي للكتب المدرسية في أقرب وقت، ولفت إلى أن الوزارة انطلقت فعليا في هذه المراجعة.

وأضاف أن البرامج المدرسية يجب أن تتضمن تحديات جديدة تتماشى مع طبيعة ونمط تفكير تلاميذ هذا الجيل. كما سيتم برمجة حوار وطني قريبا يجمع كل المتداخلين في الشأن التربوي لتحديد استراتيجية واضحة للتصدي للعنف في الوسط المدرسي.

وتواترت حالات عنف في المدارس والإعداديات والمعاهد، في الآونة الأخيرة، ما أثار نقاشا بين من يعتبر التلميذ ضحية منظومة تربوية سيئة ناتجة من عجز وزارة التربية عن الإصلاح، وبين من يحمّل العائلات المسؤولية نظراً لتخليها عن دورها، والذي يفرز جيلاً يفتقر إلى العديد من القيم.

ويذكر أن ناقوس الخطر دق مجددا بعد حادثة معهد ابن رشيق الزهراء ببن عروس، حيث قام تلميذ (17 سنة)، في 8 نوفمبر الماضي، بطعن أستاذه بسكين وساطور لأنه رفض إعادة اختبارات تغيب عنها. ونجا الأستاذ من موت محقق بعد أن خضع لعدة عمليات جراحية.

وفي 16 من نفس الشهر، قرّر مجلس التأديب بمعهد في حي النصر طرد تلميذ بعد أن ظهر في فيديو على الفايسبوك، وهو يلقي ملابس داخلية على أستاذه. كما تداول تونسيون يوم 17 نوفمبر، مقطع فيديو يظهر تلاميذ يقومون ببث مباشر عبر الفايسبوك من داخل المدرسة، ويسخرون فيه من الأساتذة بترديد كلمات بذيئة.

ولكن ضحايا العنف المدرسي ليسوا دائما من المعلمين والأساتذة، فهم بدورهم يمارسون عنفاً على التلاميذ، وفي 18 نوفمبر الماضي، تسبب معلم من القيروان في كسر أصابع تلميذة في الصف الثالث بعد ضرب مبرح بعصا.

ويذكر أيضا أنه صدر كتاب حول "العنف المدرسي" بمشاركة مجموعة من الخبراء ومتعاونين مع وزارة التربية، وتم من خلاله تأكيد أن "60 في المائة من العنف يقع داخل الصف المدرسي، وأن 80 في المائة من المحالين إلى مجلس التربية لاتخاذ عقوبات بحقهم من أبناء الطبقات الفقيرة، وأن المشكلة بين الأستاذ والتلميذ تتفاقم، ويجب التدخل فيها، كما أن تجاهلها يؤدي إلى زيادة التوتر وصولاً إلى الصدام المباشرة".

ويُشار إلى أن فرع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس، نظم مؤخراً، مؤتمراً حول العنف في الوسط المدرسي، وقال مدير المركز، مهدي مبروك، خلال فعاليات المؤتمر، إن "المدرسة مهما كانت حصانتها، ليست قلعة محصنة، لأن العنف في الشارع، وفي الوسط السياسي ينتقل إليها، ولا بد أن تتضافر الجهود للحد من الظاهرة، والتي لا يمكن القضاء عليها نهائيا.

العنف-ف-محط-المسسات-التربو-1.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً