post

ما مصير حكومة الدبيبة مع قرب انتهاء مدّتها وما مستقبل باشاغا بعد فشل سيطرته على الحكم في طرابلس؟

المغرب العربي الإثنين 30 ماي 2022

من المقرّر أن تنتهي المدة القانونية الممنوحة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في جوان القادم، بحسب خارطة الطريق المتفق عليها من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف.

ومع قرب هذه المدة تُطرح بعض الأسئلة حول مصير "الدبيبة" ومستقبله السياسي، وما إذا كان سيسلم السلطة فعلا الشهر القادم أم سيستمر في مهامه حتى نهاية العام الجاري بحجة إجراء انتخابات برلمانية كما طرح مؤخرا.

وأعلن الدبيبة خلال لقاء مع مترشحين للرئاسة والبرلمان في ليبيا عن نيته طرح مبادرة رسمية تخص العملية الانتخابية تكون بتواريخ محددة على أن تجرى انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري تتبعها انتخابات رئاسية.

وجاءت المبادرة بالتزامن مع تقديم ثلاث شخصيات استقالتهم من لجنة تتبع حكومة الدبيبة كان أنشأها لفتح حوار وطني بخصوص الانتخابات، وسط اتهامات من الأعضاء المستقيلين للدبيبة بأنه غير جاد في قراراته وأنه لا يريد الانتخابات قريبا.

باقية حتى الانتخابات

وقالت الأكاديمية الليبية والأمين العام السابق لحزب الجبهة الوطنية، فيروز النعاس، إنه "لا يوجد شيء اسمه انتهاء مدة الحكومة، والمذكور في اتفاق جنيف وتونس هو أن تنتهي ولاية هذه الحكومة بعد إجراء الانتخابات، وحاليا لا توجد أي بارقة أمل بحدوث انتخابات بصفة عامة ورئاسية بصفة خاصة، وإن حدثت فستكون انتخابات برلمانية فقط"، بحسب تقديرها.

وأشارت في تصريح صحفي، إلى أن "الدبيبة سيصر على البقاء حتى تتم انتخابات، والحقيقة أن كل الأجسام الحالية غير قانونية وغير شرعية ورغم ذلك يتعامل المجتمع الدولي معها، لذا فلا أعتقد أن المجتمع الدولي لديه بديل في المرحلة الحالية، وقد سئم الشعب لعبة البعثة وإصرارها على تغيير السلطات التنفيذية مع الحفاظ على الأجسام الأخرى البالية مثل البرلمان ومجلس الدولة".

حكومة طوارئ

ورأى الخبير القانوني الليبي مجدي الشبعاني أن "حكومة الدبيبة أصبحت طرفا سياسيا واقعيا، ولا يمكن التعامل معها إلا وفق معطيات سياسية، وبالأخص مع تعطل الدائرة الدستورية وبالتالي غياب الخيارين القانوني والقضائي لانتهاء الحكومة".

وأضاف في تصريح صحفي: "لذا فأتوقع بقاء هذه الحكومة حتى نهاية العام الحالي على أقل تقدير، ولن يدعم المجتمع الدولي طرفا على آخر"، وفق توقعاته.

وهو ما أكده أيضا الباحث السياسي الليبي محمد محفوظ بقوله إن "مسألة بقاء الدبيبة أصبحت محسومة، خاصة أن المجتمع الدولي لم يتحدث عن موعد محدد لانتهاء فترة حكومته، كما أن ما جرى من محاولات فاشلة لدخول باشاغا لطرابلس أكدت وجود الدبيبة كأمر واقع يتعامل معه الجميع".

وبيّن في تصريح صحفي، أن "الصراع التنفيذي سيستمر إلى أن تحسم قضية القاعدة الدستورية والقوانين اللازمة لإجراء الانتخابات، بعدها سيكون هناك اتفاق دولي ومحلي لدعم حكومة طوارئ لمدة معلومة الزمن ستكون مهمتها الرئيسية هي إجراء الانتخابات".

حكومة منتهية

وفي المقابل، قال عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركسي، إن "حكومة الدبيبة ستنتهي على كل المستويات في جوان القادم، فقد انتهت على مستوى الثقة من البرلمان في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، وستنتهي على مستوى شرعية ملتقى الحوار السياسي في الشهر القادم".

وقال في تصريح صحفي: "سيصر الدبيبة على البقاء، ولكنه يعلم أنه لا شرعية محلية ولا دولية له، هو لا يريد الشرعية، هو يريد أن يكون طرفا في الصراع وليتحصل على جزء من الغنيمة له ولحاشيته في أي صفقة سياسية قادمة".

مستقبل باشاغا

وفي سياق متصل، أجمع محللون ليبيون على أن رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، يغامر بمستقبله السياسي، ويخسر مزيدا من رصيده في أوساط الليبيين، بسبب تحركاته للسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد، التي كان آخرها محاولته الفاشلة لدخول العاصمة طرابلس.

واعتبر محللون أن فشل محاولة باشاغا لفرض أمر واقع، والسيطرة على العاصمة طرابلس؛ أثر في صورته أمام مجلس النواب، الذي منحه التكليف، وفي موقف الأطراف الدولية التي رفضت المحاولة، في حين اعتبر آخرون أن فشل دخوله العاصمة طرابلس، يمثل نهاية لحكومته.

وفي آخر تصريح له، أكد باشاغا أنه لا خطط لديه في الوقت الراهن للعمل من طرابلس، بعد أن أثارت محاولته الانتقال إليها مؤخرا، ومخاوف من عودة الصراع على نطاق واسع. وقال باشاغا، في مقابلة؛ إن حكومته ستباشر عملها من مقرها الرئيس في مدينة سرت، على ساحل البحر المتوسط.

وبرز باشاغا كوزير داخلية "قوي" في عهد حكومة الوفاق التي كان يرأسها فايز السراج، وكان له دور بارز في حماية الجبهة الداخلية في الغرب الليبي، وإدارة جبهات القتال إبان العدوان الذي شنه اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس في الرابع من أفريل عام 2019، ما منحه صيتا ورصيدا كبيرين في الغرب الليبي، خاصة في ظل مواقفه المعلنة التي عبر فيها عن رفضه لتوجهات حفتر، وللحكم العسكري في البلاد آنذاك.

إلا أن الرجل سرعان ما انقلب على  مواقفه، وفق محللين، حين انضوى في تحالف مع أعداء الأمس، حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ضمن انتخابات السلطة التنفيذية في جنيف التي عقدت في فيفري الماضي، إلا أن هذا التحالف لم ينجح أمام الدبيبة الذي تمكن من الفوز والصعود إلى السلطة.

ولم يتوقف باشاغا عند هذا الحد، بل إنه قبل أن يشكل حكومة مدعومة من البرلمان في مواجهة حكومة الدبيبة، أملا في إنهاء حكم الأخير لطرابلس، وإزاحته عن المشهد، مستفيدا من علاقاته بالمكونات الأمنية والعسكرية الواسعة في العاصمة، التي بناها حين كان وزيرا للداخلية، إلا أن الأمر لم ينجح، إذ أن هذه المكونات أعلنت صراحة دعمها لمسار الانتخابات العامة، وطالبت في الوقت نفسه، بتحييدها عن الأزمة الناشبة بين الحكومتين.

وحاول مؤخرا، باشاغا دخول العاصمة طرابلس، إلا أنه فشل في ذلك، على إثر اشتباكات مسلحة دارت بين قوات تابعة لحكومة الوحدة وأخرى داعمة لرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب في طبرق، فتحي باشاغا، بعد ساعات من وصوله إلى المدينة لمباشرة أعمال حكومته؛ قبل أن يغادرها.

تقاسم السلطة

وقال المحلل السياسي، عبد السلام الراجحي؛ إن  باشاغا يخوض مسارا بعيدا عن الانتخابات والتوافقات بتحالفه مع القوى في الشرق الليبي، مهملا بذلك مراكز القوة غربا؛ ما سبب انتكاسة له.

ورأى الراجحي في تصريح صحفي، أن باشاغا يخوض هذا المسار أملا في توافقات لتقاسم السلطة، ذلك أنه يعلم أن الانتحار الحقيقي له هو الدخول في الانتخابات، وشدد على أن تحركات رئيس الحكومة المكلف من البرلمان، تعدّ فرصته الأخيرة للعودة إلى السلطة.

وأشار المحلل السياسي إلى أن باشاغا وحلفائه يعملون على إلغاء فكرة الانتخابات، ويركزون على إيجاد "حلول توافقية أو بمعنى أدق تقاسم للسلطة مع حفتر".

واعتقد الراجحي أن "حظوظ باشاعا ضعيفة في الشارع، حتى قبل أن يتحالف مع حفتر وعقيلة صالح، خاصة مع وجود تيار ثالث يقوده دبيبة، الذي نجح في اختطاف الشارع الليبي وشعبيته".

التلويح بالحرب

وحذر المحلل السياسي من خوض باشاغا مغامرة عسكرية في الغرب في إطار مساعي الوصول إلى السلطة، وقال إن "باشاغا تحدث أكثر من مرة حول خلفيته العسكرية، وقال أنا عسكري وأعرف الحرب وقيادتها". وشدد الراجحي على أن الحل يكمن في ممارسة ضغط دولي قوي وحقيقي على باشاغا، لدفعه إلى الانخراط في الانتخابات رغم كل معطيات حظوظه القليلة.

بدوره، قال المحلل السياسي، السنوسي بسيكري؛ إن فشل محاولة باشاغا لفرض أمر واقع في العاصمة في محاولة ثانية وما ترتب عليها من نتائج؛ أثر في صورته أمام مجلس النواب، وفي موقف الأطراف الدولية التي رفضت المحاولة، وعبرت عن رفضها للاستيلاء على السلطة بالقوة.

وشدد بسيكري في تصريح تلفزي، على أن باشاغا وضع نفسه في موقف حرج جدا جراء هذه المحاولة، وجلب لنفسه تحديات وضغطا إضافيا، يجعل من مهامه كرئيس حكومة ليست بعيدة عن تجربة الحكومة السابقة في شرق ليبيا التي كان يرأسها عبد الله الثني.

لعبة سياسية قذرة

من جهته، قال الكاتب السياسي الليبي، أسامة كعبار؛ إنه "من المؤسف أن نرى الوضعية التي وصل إليها باشاغا من أجل الوصول للسلطة، فقد تم الزج به في لعبة سياسية قذرة، نجح من خلالها حفتر وعقيلة صالح والمخابرات المصرية في إرباك المشهد في المنطقة الغربية، وحرق ورقة أحد أهم الشخصيات في الثورة الليبية". وشدد كعبار في تصريح صحفي، على أن طريقة تنصيب باشاغا كرئيس حكومة تخالف الترتيبات الدولية في جنيف بخصوص الملف الليبي.

وتتصاعد في ليبيا المخاوف من انزلاق البلاد لحرب أهلية بعد انقسام حصل على خلفية تنصيب مجلس النواب فتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة، بدلا من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب.

inbound1565621751864344643.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً