تقدمت هولندا باعتذار رسمي لأول مرة لمسلمي البوسنة والهرسك عن مجزرة سربرنيتسا، في الذكرى 27 لارتكابها على يد القوات الصربية عام 1995.

جاء ذلك على لسان وزيرة الدفاع الهولندية كاجسا أولونغرن خلال مشاركتها في إحياء ذكرى المجزرة أمس الإثنين، وقالت إن سربرنيتسا تحتضن ذكريات مرعبة منذ 27 عاما.

وأضافت أن عدم توفير المنظمات الدولية الأمن للشعب البوسني البريء كما وعدت سابقا، بما في ذلك بلدها هولندا، أدى لاقتحام سربرنيتسا وتدميرها.

وزعمت الوزيرة الهولندية أن جنود بلادها فعلوا كل ما بوسعهم من أجل أداء مهمتهم في الدفاع عن الناس الأبرياء في سربرنيتسا. وأردفت قائلة: "آلام المجزرة لن تُمحى أبداً"، وأوضحت أن الصرب البوسنيين هم من ارتكبوها، وأن الكثير منهم خضع للمحاكمة في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وأكدت أنه كان يجب على المنظمات الدولية توفير الأمن لشعب سربرنيتسا، وأن هولندا كانت جزءاً من ذلك الفشل، متقدمة بالاعتذار العميق لأهالي المدينة جراء ذلك.

أردوغان يدين المتواطئين

من جهته، أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولات الدول -التي قال إن لها دورا في ارتكاب المجزرة- في تبرئة نفسها. جاء ذلك في رسالة تلاها نائبه في حزب العدالة والتنمية نعمان قورتولموش أثناء مشاركته في مراسم إحياء ذكرى المذبحة.

وقال أردوغان "في الوقت الذي ما زال فيه ذوو الضحايا يسعون لمعرفة مصير أبنائهم وأقربائهم، تعدّ محاولات الدول التي لعبت دورا في المجزرة لتبرئة نفسها بدل محاسبتها أمرا مخجلا".

وأكد أن تركيا ترفض "هذه الخطوات الرامية إلى تقليل أهمية المجزرة، وتجاهل أوجاع الشعب البوسني الشقيق، وإلحاق الأذى بالذكرى العزيزة للشهداء".

ووصف أردوغان الإبادة الجماعية في سربرنيتسا بـ"الصفحة السوداء في تاريخ أوروبا، حيث امتهنت كرامة الإنسان"، وأشار إلى استمرار "آلام المجزرة حتى يومنا رغم مرور أكثر من ربع قرن، مع اكتشاف كل مقبرة جديدة". وقال إن تركيا لن تسمح بنسيان ذكرى المذبحة التي وقعت أمام أنظار العالم والجنود الأوروبيين، وفق تعبيره.

دعوة أممية للعدالة

من جانب آخر، أكدت الأمم المتحدة تضامنها مع عائلات ضحايا مذبحة سربرنيتسا، وشاركت المستشارة الأممية الخاصة المعنية بمنع الإبادة الجماعية أليس ويريمو نديريتو في فعاليات إحياء الذكرى 27 في بوتوتشاري.

ودعا المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق -خلال مؤتمر صحفي- إلى "العمل من أجل المساءلة الشاملة والعدالة لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم مرة أخرى".

وأحيت البوسنة أمس الاثنين، الذكرى 27 لمذبحة سربرنيتسا، وأقيمت مراسم لدفن رفات 50 ضحية من ضحايا المذبحة في مقبرة بوتوتشاري، بعدما تم تحديد هوياتهم حديثا، ليرتفع بذلك مجموع عدد الضحايا المدفونين في المقبرة إلى 6 آلاف و721.

وفي 11 جويلية 1995، دخلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش المدينة بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت خلال أيام (تواصلت إلى غاية يوم 22 جويلية من نفس السنة) مجزرة راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني تراوحت أعمارهم بين 7 و70 عاما، بعدما سلمت القوات الهولندية العاملة هناك عشرات آلاف البوسنيين إلى القوات الصربية.

وسنويا في 11 جويلية، تقيم جمهورية البوسنة والهرسك مراسم دفن رفات ضحايا مذبحة سربرنيتشا في مقبرة بوتوتشاري، ممن عثر على رفاتهم في أعمال البحث عن ضحايا المقابر الجماعية. ووُصفت هذه الإبادة الجماعية بأنها أبشع جريمة حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.