post

من لم يعانقه شوق الحياة.. تبخّر في جوّها واندثر

صحافة الخميس 23 ديسمبر 2021

كتب الإعلامي زياد الهاني مقالا قال فيه: "لم يتعرض إعلامنا الوطني للإهانة والتحقير، مثلما يحصل له في عهد قيس سعيّد. والغريب في الأمر أنه بقدر تجاهله للصحفيين التونسيين ولمؤسساتهم الإعلامية واعتماده سياسة الاتصال الفايسبوكي بديلا عن التواصل معهم، نجدهم عوض مقاطعتهم له، يتسابقون لترويج مداخلاته وجعلها مادة أساسية لبرامجهم ومقالاتهم.

قديما، قال أهلنا في أمثالهم الشعبية: «عز نفسك تصيبها»، وقالوا في سياق متصل: «وين تحط روحك تصيبها». ولوم منحني الهامة مرتضي المذلة لنفسه، أحقّ من لوم من امتطى ظهره وسامه علف المذلة والهوان.

لذا، أعتقد أن أهل مهنتي أحق باللوم من حاكم قرطاج الذي فتح له الإعلام الوطني أبوابه منذ 2011 ومهّد له الطريق إلى قلوب الناس وثقتهم، فكافأ اللّذين أعلوا قدره ومقامه، بترذيلهم واحتقارهم، والأمر من مأتاه لا يستغرب.

علينا أن لا ننسى أن الرجل "الصادق المُدافع عن الفضيلة"، الذي انقلب على الدستور وحنث باليمين التي أقسمها على كتاب الله لاحترامه، لا يضيره الانقلاب على إعلام حرّ لا يراه إلا أحاديا خاضعا وتابعا له.

وللتاريخ، أحمّل مسؤولية ما نحن فيه اليوم كصحفيين من ضعف وهوان، أساسا للذين أسقطوا بحساباتهم الأنانية والمصلحية الضيقة بعث اتحاد الصحفيين التونسيين الذي طلب منّا رئيس الجمهورية الأسبق فؤاد المبزع تقديم مشروع مرسوم فيه لإصداره واعتماده، لكن المكتب التنفيذي لنقابتنا أسقط العرض وخان الأمانة.

هذا الاتحاد كان سيقوم على دعامتين أساسيتين: الأولى هي التحكم في المهنة من جهة، من خلال السلطة الحصرية في إصدار بطاقتها المهنية وبالتالي منع مزاولة العمل الصحفي على كل من لا يحمل هذه البطاقة ولا يحترم ميثاق شرف المهنة. وهو ما سيؤدي إلى غربلة القطاع وقطع الطريق أمام الدخلاء ممن يسيئون لرسالتنا النبيلة، ويستولون على مواقع العمل الصحفي دون أية كفاءة على حساب حق أبناء المهنة المؤهلين، بما يعنيه ذلك من غرامات وعقوبات جزائية في صورة المخالفة. وتتمثل الدعامة الثانية في ضمان الاستقلالية المالية للمنظمة المهنية المحدثة من جهة أخرى.

وللتاريخ، أؤكد بأن الزميل منجي الخضراوي كاتب عام النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين حينها، هو الوحيد الذي وقف إلى جانبي في المكتب التنفيذي للمطالبة بتشكيل لجنة تقوم بإعداد مشروع لقانون الاتحاد. لكن تم الانقلاب على المطلب الاستراتيجي المغدور الذي قرره الصحفيون بصورة ديمقراطية وناضلت أجيال متعاقبة منهم من أجل إنجازه، وتم رفض عرض رئاسة الجمهورية بإصدار مرسوم ببعث الاتحاد.

والنتيجة، نحن اليوم قطاع مستباح، نتلقى الإهانة تلو الإهانة والاعتداء تلو الاعتداء، دون قدرة على الرد والدفاع عن كرامتنا ورسالتنا المهنية النبيلة.

أملي كبير في أن يصون شباب مهنتنا الأمانة، وينجحوا في تصحيح الوضع لتحتل نقابتنا الموقع المؤثر الذي تستحقه وهي جديرة به، دفاعا عن حقوق الصحفيين وعن كرامتهم وعن حرية الإعلام المهددة بسبب عوامل القصور الذاتي الداخلية، ومحاولات التسلط والهيمنة الخارجية.

وليعلم كل تونسي وتونسية أن حرية الإعلام ليست شأنا خاصا بالصحفيين وحدهم، بل هي عنوان لحريتهم وقضيتهم جميعا إذا أرادوا أن يعيشوا سادة وأحرارا في بلادهم. ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخّر في جوّها واندثر".

تقد-الصحاف-2.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً