post

منظمات تنبّه من خطورة انفراد سعيّد بإصدار مرسوم انتخابي

سياسة الإثنين 12 سبتمبر 2022

نبّهت منظمات رقابية مختصة في الشأن الانتخابي، من خطورة ذهاب الرئيس قيس سعيد، إلى خطوة إقصاء إضافية للمعارضين له، من خلال انفراده بإصدار مرسوم رئاسي أو عبر استشارة مسانديه فقط، متخوفين بذلك من تأزم إضافي للمناخ الانتخابي.

ونبّه المدير التنفيذي لمرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية ناصر الهرابي، من أن ضيق الوقت وإصرار رئيس الدولة على الاستماع إلى جهة واحدة وهي الفئة المساندة لمسار 25 جويلية، "لن يساهم في بناء ديمقراطية سليمة، وسيؤدي إلى مقاطعة جهة هامة من الطيف السياسي للانتخابات القادمة، وعزوف عدد كبير من المواطنين عن المشاركة في هذا الاستحقاق".

اتجاه واحد

وقال الهرابي إن تصريحات سعيّد الأخيرة "دليل على أن المسار سيسير في اتجاه واحد كما وقع في الدستور والاستفتاء، ونحن نعتبر أن القانون الانتخابي هو الأهم في المنظومة التشريعية بعد الدستور لأنه ينظم الحياة السياسية".

وأوضح أن "النية تتوجه نحو اعتماد نظام اقتراع جديد في الانتخابات التشريعية القادمة قائم على الأفراد وفي دورتين، وهو نظام له من الايجابيات والسلبيات مثل غيره من أنظمة الاقتراع في العالم، إلا أن التركيز في تنقيح القانون الانتخابي على نظام الاقتراع فقط لا يعتبر كافيا لضمان مشهد برلماني مختلف عن 2014 و2019".

وفي تعليقه على نظام الاقتراع على الأفراد، بيّن الهرابي أنه لا يوجد نظام اقتراع مثالي وأن لكل نظام إيجابياته وسلبياته، واعتبر أن نظام الاقتراع على الأفراد لا يضمن تمثيلية المرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، خلافا لنظام الاقتراع على القائمات مع أكبر البقايا، فضلا عن أن المترشحين كأفراد يمكن أن يكونوا من "النزهاء المعروفين في جهاتهم" كما يمكن أن يكونوا من "أصحاب النفوذ والمال الذين يترشحون لخدمة مصالحهم الخاصة."

وقال "ليس لدينا فكرة واضحة حول نظام الاقتراع على الأفراد، الذي يمكن أن يفرز بدوره فسيفساء غير متجانسة من الأفراد في البرلمان القادم، وقد يتسبب في مشاكل كبيرة".

واعتبر الهرابي، أن الإشكاليات التي شهدها البرلمان المنحل كان مردها السياحة الحزبية، التي كان من المفروض أن يتم منعها من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، وأوصى بمراقبة الحياة السياسية طيلة الفترة النيابية، لا حصرها في فترة الحملة الانتخابية فحسب.

ولفت إلى أن قانون الانتخابات له علاقة بالأحزاب والجمعيات وهياكل الدولة، وهو ليس مجرد نظام اقتراع محدد يمكن اختياره ليفرز مشهدا برلمانيا مستقرا.

كما نبّه إلى أن آلية سحب الوكالة التي سيتم تضمينها في المرسوم الانتخابي، يمكن أن تكون بناء على مسائل سياسية أو موقف من رئاسة الجمهورية، وأبرز ضرورة أن يتم ضبطها بشروط قانونية معينة معروفة سلفا، مثل الأخطاء الجزائية أو أحكام مخلة بالشرف أو خيانة مؤتمن، وفق تعبيره.

مجهودات المجتمع المدني

ومن جهتها، أفادت رئيسة شبكة "مراقبون" رجاء الجبري، بأن نظام الاقتراع على الأفراد يحتاج عملا كبيرا على مستوى تقسيم الدوائر، وأن الوقت لا يسمح بذلك، بما قد يدفع نحو اعتماد تقسيم إداري لا يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاجتماعية لكل منطقة.

كما ذكّرت بالمجهودات التي بذلها المجتمع المدني لضمان التناصف العمودي على القائمات المترشحة للانتخابات التشريعية، قصد ضمان تمثيلية الشباب والمرأة والترشح. ولفتت إلى أن نظام الاقتراع على الأفراد لا يتضمن أية ضوابط، وبالتالي فإن تمثيلية المرأة لن تكون مضمونة بتاتا وقد تنعدم في المجلس النيابي القادم، على حد تعبيرها.

ونبهت من جهة أخرى، إلى أن نظام الاقتراع على الأفراد لا يمكن أن يضمن وجود كتلة أغلبية في المجلس تحكم وتحاسب، ذلك أن النواب القادمين من نفس الأحزاب تجمعهم ضوابط محددة، في المقابل لا يمكن تجميع الأفراد بسهولة ضمن كتل، بما قد يحول دون ضمان الاستقرار البرلماني المنشود، حسب تقديرها.

نجاعة نظام الاقتراع

واعتبرت رئيسة شبكة "مراقبون" أن نجاعة نظام الاقتراع مرتبطة بكامل المنظومة المحيطة به، وبيّنت أن تنقيح القانون الانتخابي وإصلاحه يفرض وضع كل الإشكاليات المتعلقة بالنظام السابق على الطاولة، في ما يتعلق بتقسيم الدوائر والعقوبات وشروط الترشح التي يجب مراجعتها، وغيرها من المسائل التي يجب الاصلاح على أساسها.

وأكدت ضرورة مراقبة تمويل الأحزاب وشفافيتها بصفة منتظمة وليس فقط خلال السنوات الانتخابية، لضمان انتخابات نزيهة ومناخ انتخابي نقي، وشدّدت على ضرورة ضمان تطبيق العقوبات الانتخابية من قبل "قضاء ناجز وسريع في المادة الانتخابية".

وتساءلت الجبري عن كيفية تقسيم الدوائر الانتخابية وفق نظام الاقتراع الجديد، وأوضحت أن هذا التقسيم يحتاج إلى دراسة سوسيولوجية كبيرة لضمان أن تكون الدوائر الانتخابية متقاربة من حيث عدد السكان، وفق المعايير الدولية.

وقالت في هذا الصدد، "سنمر إلى دوائر انتخابية أصغر، ولا نعلم إن كان سيعتمد فيها البلديات أو المعتمديات كمعيار، إضافة إلى العامل السوسيولوجي، فهناك "عروشات" وجهات لا يمكن جمعها في دائرة واحدة". وذكّرت بأن هذه العوامل تفرض عدم المساس بالقانون الانتخابي أو بالدوائر الانتخابية سنة قبل الاستحقاق الانتخابي وفق ما هو معمول به دوليا.

تأخر الوقت

وقال رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، بسام معطر، في تصريح صحفي، إنه "لم تتم استشارة منظمة عتيد حد الآن"، وشدد على أنّ "الوقت أصبح متأخراً جداً لإصدار مرسوم انتخابي جديد، فموعد 17 سبتمبر الذي اقترب موعد إصداره، ولم يصدر أي شيء حتى الآن".

وأوضح أنه "لم تتم أية أعمال تشاركية أو توافقية حول المرسوم الجديد، وهو ما سيشكل تأثيراً سيئاً جداً على المناخ الانتخابي". وأكد معطر أنّ "المواضيع المشمولة بالتنقيحات حساسة جداً، على غرار نظام الاقتراع وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية". وأشار إلى أنه "إذا تمت هذه التنقيحات دون استشارة جميع الأطراف فسيكون وقعها سلبياً جداً، خاصة إذا كانت هذه التعديلات موجهة، ولم تكن في سياق مصلحة نظام ديمقراطي نزيه وشفاف".

إمكانية تعديل المواعيد

وكان المتحدث الرسمي باسم هيئة الانتخابات، محمد التليلي المنصري، قال في تصريح صحفي، إنّ "المرسوم الانتخابي من المفروض أنّ يكون جاهزاً قبل 17 سبتمبر الحالي، لأن أمر دعوة الناخبين للانتخابات التشريعية ليوم 17 ديسمبر، يجب أنّ يصدر قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات".

وفسر المنصري أنّ المواعيد يمكن تعديلها "إذا وقع اختصار الآجال (بمرسوم رئاسي)". وأضاف "بالنسبة إلى التحضيرات، فهي على المستوى التشريعي، خاصة تنقيح وإعادة صياغة القرارات الترتيبية".

وأوضح المنصري أنّ "الدعوة للانتخابات سيحددها المرسوم الجديد وسيوضح خاصة مسألة التزامن بين انتخابات مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، من عدمه".

وضع مشروع نصّ للانتخابات

وقال سعيد خلال لقائه رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر يوم الإثنين 5 سبتمبر الجاري، إنه "سيتمّ وضع مشروع نصّ للانتخابات مع اعتبار الملاحظات والمقترحات التي سيتقدّم بها الذين دعموا المسار الإصلاحي ليوم 25 جويلية، وانخرطوا في عملية التأسيس الجديد عكس الذين يظهرون ما لا يبطنون وتسلّلوا باسم هذا المسار دون أنّ تكون لهم أي علاقة به".

وتعتبر المعارضة أنّ سعيد يتجه نحو إقصاء كل معارضيه من صياغة القانون الانتخابي مكتفياً بالموالين له ومسانديه كما حدث في الحوار الشكلي حول الدستور والذي انتهى بتمرير نسخة أعدها الرئيس بشكل أحادي وفردي.

وفي انتظار المرسوم الانتخابي، تتواتر بوادر مقاطعة لتشكيلات سياسية وازنة للانتخابات التشريعية المنتظر تنظيمها في 17 ديسمبر القادم، مثل جبهة الخلاص بمختلف مكوناتها والحزب الدستوري الحر وحزب العمال، والتيار الديمقراطي والتكتل والقطب والحزب الجمهوري...

galleries/انتخابات.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً