post

نيويورك تايمز: انهيار اقتصادي يهدّد البلاد تزامنا مع تراجع الديمقراطية في تونس

صحافة الإثنين 09 ماي 2022

سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في مقال لها، الضوء على الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها تونس، التي توصف لسنوات خلت بأنها تجربة ديمقراطية لا مثيل لها في العالم العربي.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن تونس كانت لعقد من الزمان، قصة نجاح شهدها العالم بعد ثورة شعبية ناجحة أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، وامتدت لدول أخرى لما عرف باسم "الربيع العربي"، لكن حاليا يلوح في الأفق انهيار اقتصادي تزامنا مع استمرار تفكك الديمقراطية الناشئة وسط حالة من الجمود السياسي في البلاد.

كما ذكّرت الصحيفة بأن التجربة الديمقراطية في تونس نجت خلال عامي 2013 و2014 من الأزمة السياسية واستمرت في التقدم بثبات بينما تلاشت ثورات عربية أخرى ودخلت في حروب أهلية أو انقلابات أو حملات قمع.

ولفتت إلى أن الدستور الجديد والانتخابات الحرة النزيهة فشلت في توفير الخبز والوظائف والكرامة التي هتف بها التونسيون، لتندفع البلاد نحو كارثة، فاقتصادها منهك بسبب سوء الإدارة والوباء والحرب في أوكرانيا.

وفي 25 جويلية، أقال الرئيس، قيس سعيد، رئيس الحكومة وعلق أعمال البرلمان، ومنذ ذلك الحين عزز حكم الرجل الواحد، حيث ألغى سعيد الدستور والسلطة التشريعية واستقلال القضاء والنظام الانتخابي في البلاد...

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أغلب الأحزاب والمنظمات التي قادت البلاد إلى الخروج من الأزمة السياسية الكبيرة الأخيرة لم تفعل شيئًا أكثر من إصدار بضع بيانات تحذيرية. وفي جويلية، قال الكثير من التونسيين إن "الدكتاتورية لا يمكن أن تحدث" في البلاد، وفقا للصحيفة.

وقالت أستاذة سياسة الشرق الأوسط بجامعة نيويورك في أبوظبي والمتخصصة بالشؤون التونسية، مونيكا ماركس، إن "المجتمع المدني حيوي للغاية، لكن ذلك حدث بسرعة كبيرة".

وأشارت إلى أن الأمر يتجاوز أن تكون الديمقراطية مهددة في تونس، بل "إن الديمقراطية التونسية أصيبت في الرأس"، وتساءلت: "لماذا لا يفعلون أي شيء الآن؟".

وقبل الاستفتاء المقرر إجراؤه في جويلية المقبل، سيسعى سعيد للحصول على الموافقة الشعبية على إعادة صياغة دستور 2014 وتعزيز الرئاسة، حيث هدد بحل الأحزاب السياسية بالكامل، مما أثار انتقادات حتى الآن من قبل هيئات الرقابة المدنية والمعارضة.

ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل، سعيّد "للشروع فورا" في إجراء حوار وطني اعتبر أنه "قارب النجاة الأخير" لتجاوز الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.

وحذّر الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، خلال خطاب بمناسبة عيد العمال الأسبوع الماضي من أن "حالة الضبابية والتفرد السائدة حاليا" تهدد بأن "تزيد الوضع سوءا وانسدادا للآفاق وتسارعا لحالة الانهيار"، وفق ما نقل عنه موقع جريدة "الشعب" الصادرة عن المنظمة.

وقرر سعيّد تشكيل لجنة تُسند إليها مهمة إدارة حوار وطني، استثنى منه الأحزاب المعارضة. ومن خلال هذه الخطوة، يحاول سعيد الخروج من مأزق سياسي تشهده البلاد، إذ يرى خصومه السياسيون في الإجراءات الأخيرة التي قام بها "استبدادا وانقلابا على الدستور".

ووسط كل هذه الاضطرابات السياسية، رفعت الحكومة مؤخرا أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام وذلك بعد ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، بينما توقفت المفاوضات بشأن خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وأدى نقص المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق، الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا إلى دفع الأسعار إلى ما هو أبعد مما يستطيع الكثيرون تحمله.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد الرئيس سعيد تتراجع على الرغم من أنه لا يزال حتى الآن أكثر زعيم موثوق به في تونس، وفقا للصحيفة الأميركية.

وأوضحت نيويورك تايمز أن أحمد نجيب الشابي، وهو زعيم معارض علماني، يتطلع إلى بناء تحالف مناهض لسعيد بالشراكة مع حركة النهضة.

وقال الشابي: "أحاول إيجاد أرضية مشتركة مع النهضة لأننا يجب أن نتطلع إلى الأمام وليس إلى الوراء". وأشار إلى أن التونسيين سيضطرون على الأرجح إلى قبول مشاركة النهضة في أي نوع من الحل السياسي. وتوقع أنه إذا كانت الكارثة الاقتصادية تلوح في الأفق، "فلن يكون أمام الناس الكثير من الخيارات"، وفق الصحيفة الأمريكية.

inbound2536911378880137768.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً