post

هل لازالت زيارة الدبيبة إلى تونس قيد التنسيق؟

تونس الأربعاء 27 أفريل 2022

أكدت مصادر إعلامية أن الزيارة المفترضة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة إلى تونس لاتزال بصدد التنسيق مع الجانب التونسي. وأفادت نفس المصادر أن وزارة الخارجية التونسية امتنعت عن التعليق على الموضوع. فلماذا كل هذا التكتم حول الزيارة؟

وتداولت العديد من وسائل الإعلام خبرا مفاده أن الدبيبة يشرع الثلاثاء 26 أفريل الجاري في زيارة إلى تونس مع وفد حكومي وأمني هام لفترة تمتد لأسبوع كامل.

ويشار إلى أن وثيقة "رسمية" تم تداولها منذ أيام على وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن تركيبة الوفد الحكومي الليبي المفترض أن يرافق الدبيبة في زيارته إلى تونس ليتم إثر ذلك الحديث عن تأجيل الزيارة إلى أجل غير معلوم.

وكان الدبيبة سيحل في تونس مرفوقا بوفد رفيع المستوى يضم رئيس الأركان العامة محمد الحداد، و رئيس جهاز المخابرات العامة حسين العائب، ووزير الداخلية خالد المازن، ووزير المالية محمد الشهوبي، ووزير الثروة البحرية عادل سلطان، ووزير الاقتصاد والتجارة علي العابد، ورئيس جهاز الأمن الداخلي لطفي الحراري، وآمر قوة مكافحة الإرهاب محمد الزين، علاوة على وفد اقتصادي كبير، وهو ما يعطي لهذه الزيارة زخماً سياسياً واقتصادياً وأمنياً مضاعفاً.

وكان الدبيبة زار تونس في 9 سبتمبر الماضي وكان حينها مرفوقا بوزيري الصحة والداخلية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

وقالت مصادر ليبية قريبة من الدبيبة إن الوفد الليبي الذي سيزور تونس سيلتقي الرئيس قيس سعيد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن، إضافة إلى لقاءات ثنائية بين الوزراء الليبيين ونظرائهم التونسيين.

ومن المنتظر مناقشة ملفات عدة؛ بينها الوضع السياسي في ليبيا بعد تصويت البرلمان على اختيار فتحي باشاغا رئيساً لحكومة جديدة خلفاً لعبد الحميد الدبيبة الذي رفض تسليم السلطة لرئيس الحكومة الجديد. كم يفترض أن تتناول المناقشات تنظيم عمل المعابر الحدودية التي تواترت تعطيلاتها، وتعزيز العلاقات الاقتصادية، ودعم آفاق المبادلات التجارية وفتح الأسواق الليبية أمام اليد العاملة التونسية.

ويرى مراقبون أن الملف الانتخابي سيطغى على هذه الزيارة؛ إذ أن الدبيبة يحل في تونس بعد أيام قليلة من زيارة مماثلة قام بها إلى الجزائر حيث اجتمع مع الرئيس عبد المجيد تبون وسمع منه دعماً لإجراء انتخابات في ليبيا.

ورغم أن موقف الجزائر واضح على لسان تبون منذ يومين، إذ قرر الاعتراف رسميا بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتجاهل الحكومة المعينة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، إلا أن تونس لازالت خائفة من التموقع وسط معادلة واضحة، وهذا قد لا يخدم الديبلوماسية التونسية في شيء حيث دأبت تونس ككل مرة على تأكيد التزامها الحياد ودعم التدخل في الشأن الليبي الداخلي والدعوة إلى حل ليبي - ليبي.

التزام الحياد

وأكد الصحفي الهاشمي نويرة أن الدبيبة يستعدّ  لأداء زيارة إلى تونس بوفد يضمّ 12 وزيرا. وقال في تدوينة على الفايسبوك "المعلومات تفيد بأنّ الرئيس قيس سعيّد سيستقبله على غرار ما فعل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، علما وأنّ رئيس الحكومة المكلّف من البرلمان بتشكيل الحكومة فتحي باشاغا كان في تونس مؤخّرا ويبدو أنّه اضطرّ إلى المغادرة".

وأضاف نويرة مخاطبا رئيس الجمهورية "الأجندة التونسية ليست الأجندة الجزائرية والدبلوماسية التونسية تميّزت دوما بالتوازن وباحترام مسافة العقل والمصالح بين كلّ الفرقاء في الشقيقة ليبيا.. ليبيا مصلحة استراتيجية لتونس قبل أيّ دولة أخرى ربّما باستثناء مصر.. مسافة الأمان ضرورية وعدم الدخول في النزاعات الداخلية مسألة أساسية والمشاورات مع الأطراف الإقليمية ذات المصلحة وخصوصا مصر مسألة عاجلة".

من جهته، شدد الخبير في الشأن الليبي غازي معلى في تصريح إذاعي، على ضرورة أن تحافظ الدولة التونسية على موقفها المحايد من الصراع الحاصل في ليبيا، واعتبر أن مآل الصراع لم يتضح إلى حد الآن.

وقال معلى "تحول الموضوع إلى شأن إقليمي خاصة بعد تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنه لا يعترف سوى بحكومة عبد الحميد دبيبة، في المقابل دولة مصر تدعم حكومة فتحي باشاغا، وتونس إلى حد الآن موقفها محايد وعليها البقاء على نفس الموقف وانتهاج الحذر بشأن هذا الموضوع نظرا لعدم وضوح الرؤية في مستقبل هذا النزاع".

وأضاف معلى "تونس من مصلحتها أن تكون دولة مستقرة دون التدخل في شأنها الداخلي وصراع الشرعيات"، وأشار إلى أنه "70% من الشعب الليبي يعيش على الحدود التونسية و25% من الشعب التونسي يعيش على الحدود الليبية".

اضطرار باشاغا لمغادرة تونس

وكان تقرير لموقع "أفريكا أنتتلجنس" (Africa Intelligence) الفرنسي كشف، مؤخرا، عن مطالبة الرئيس التونسي، قيس سعيد، باشاغا بـ"عدم استخدام تونس قاعدة خلفية لطموحاته السياسية، ومغادرتها". وقال الموقع إن باشاغا اضطر لمغادرة العاصمة تونس بعد تحذيره من أنه لا يمكنه ممارسة أنشطته السياسية هناك، وهو ما نفته حكومة الأخير ولم يصدر أي تعليق من السلطات التونسية حول المسألة.

وأشار الموقع الاستخباراتي إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين باشاغا وتونس شهدت منعطفا نحو الأسوأ، وأوضح أنه منذ عدة أشهر يقوم برحلات متكررة إلى تونس (كان آخر وصول له في 17 أفريل)، ومع ذلك طلب منه عدم استخدام تونس قاعدة خلفية لطموحاته السياسية، وفق قوله.

وأوضح "أفريكا إنتليجنس" أن باشاغا عاد إلى بنغازي يوم 19 أفريل قادما من تونس، ولفت إلى أنه بعد انتخابه في فيفري الماضي بالتحالف مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وخليفة حفتر، يبحث الآن عن طريقة للعودة إلى طرابلس ليحل محل الدبيبة، لكن الوصول إلى العاصمة لا يزال ممنوعا.

وأكد الموقع الفرنسي أن شائعة مفادها أن باشاغا وأنصاره كانوا على وشك محاولة الوصول إلى العاصمة من نقطة الحدود في معبر الذهيبة وازن، أثارت انزعاج أجهزة الأمن التونسية والدبيبة، ونتيجة لذلك استدعى الدبيبة في 16 أفريل السفير التونسي لدى طرابلس "لسعد العجيلي" لمناقشة قضايا أمن الحدود.

وتعاني ليبيا حالة انقسام سياسي منذ أن منح مجلس النواب، مطلع مارس الماضي، الثقة لفتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة، بعد تحالفه مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح. ويرفض رئيس الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب، تنفيذا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي.

وتعتبر تونس أقرب الدول للعاصمة الليبية طرابلس التي تبعد عن حدودها 175 كيلومترا، وقام باشاغا بعدة زيارات لتونس منذ أداء حكومته اليمين الدستورية مطلع مارس الماضي، وكان آخرها الزيارة التي تمت يوم 17 من أفريل الحالي واستمرت يومين.

 

inbound3258095205949115386.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً