post

وزير الخارجية الروسي زار الجزائر.. ماذا تريد موسكو من تبون؟

العالم الخميس 12 ماي 2022

أدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء 10 ماي 2022، زيارة إلى الجزائر لبحث الأزمتين الأوكرانية الليبية والوضع في الشرق الأوسط، ومستجدات أسواق الطاقة، بحسب مصادر دبلوماسية جزائرية.

وأشار التلفزيون الجزائري إلى أن "الزيارة تأتي بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر وروسيا". كما تأتي هذه الزيارة بعد يومين فقط من المكالمة الهاتفية التي تلقاها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة من نظيره الأوكراني دميتري كوليبا.

وكان الرئيس الجزائري تحادث مع نظيره الروسي وسط شهر أفريل من خلال مكالمة هاتفية اتفق عبرها الرئيسان على أهمية تبادل الزيارات الرفيعة المستوى، بين مسؤولي البلدين، والاجتماع القادم للجنة المشتركة، للتعاون الاقتصادي، حسب بيان للرئاسة الجزائرية.

علاقات تاريخية واقتصادية

وتجمع الجزائر بروسيا علاقات تاريخية، حيث سبق الاتحاد السوفياتي جميع الدول في الاعتراف باستقلال الجزائر في 23 مارس 1962، وأعلن السوفييت هذا الاعتراف قبل إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة، ساند الاتحاد السوفياتي الجزائر في معركة التحرر من الاستعمار الفرنسي سياسيا وعسكريا، وبدورها سارعت الجزائر في السادس والعشرين من ديسمبر 1991 إلى الاعتراف بجمهورية روسيا الاتحادية.

وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء، إن بلاده وفية لرابط الصداقة التي تجمعها مع موسكو. وأضاف: "نحن جدّ مرتبطون؛ ليس فقط بسبب هذه الأحداث الجارية في أوكرانيا، علاقاتنا الثنائية أيضا.. نحن بلد وفي جدا.. جدا للصداقة".

وتعد الجزائر الدولة الأولى إفريقيا من حيث استيراد السلاح الروسي، كما تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في هذا المجال بعد الصين والهند، حيث استحوذت على 15٪ من صادرات روسيا العسكرية سنة 2016، ويمثل السلاح الروسي 69٪ من جملة السلاح الجزائري.

انحياز حذر

ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا تميز الموقف الجزائري بالانحياز الحذر لفائدة روسيا، حيث امتنعت الجزائر في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة يوم 02 مارس 2022 عن التصويت على قرار أممي يدين روسيا وحربها على أوكرانيا.

وأيضا صوتت الجزائر ضد قرار أممي حول "تعليق حقوق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان، ومراجعة هذه المسألة، حسب الاقتضاء"، وتعليقا على هذا الموقف قال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد النذير العرباوي، في الجمعية العامة إنه ينبغي السماح للآليات الأممية المختصة بالتحقيق في الوقائع بطريقة محايدة حتى يتسنى إقرار العدالة للجميع.

ودعت الجزائر إلى احترام المبادئ العالمية، الموضوعية وغير الانتقائية التي تشكل حجر الزاوية في عمل مجلس حقوق الإنسان، مع النأي بمجلس حقوق الإنسان عن أي تجاذبات سياسية من شأنها التأثير على دور ومهام هذه الهيئة المحورية.

وجددت الجزائر دعمها للمفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا من أجل وقف العمليات العسكرية. وقال ممثل الجزائر إن بلاده "تجدد دعوتها لتكثيف الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية لحل الأزمة الراهنة، بما يمكن من منع الانهيار المتزايد للمعايير الدبلوماسية والتوصل، في أقرب وقت ممكن، إلى حل سياسي يضمن الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها ومصالحها الحيوية المشروعة."

وقال لافروف عقب لقائه الرئيس الجزائري، إن بلاده تقدر عاليا الموقف الجزائري "المتزن" حيال العملية العسكرية الجارية في أوكرانيا، سواء على مستوى الجانب الثنائي أو في المحافل الدولية.

ضغط متواصل

وفي المقابل تتعرض الجزائر إلى ضغط غربي متواصل حول إمكانية تعويض الغاز الروسي بالغاز الجزائري، وعرفت الجزائر زيارات عديدة في هذا الاتجاه منها زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في شهر فيفري الماضي وزيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في شهر مارس المنقضي.

ويمكن قراءة الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء الغربية أيضا في إطار الضغط من أجل إعادة فتح خط الأنبوب المغاربي الذي أعلنت الجزائر إنهاء استغلاله في شهر نوفمبر الماضي إبان قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.

وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلاقات الدولية والباحث في مركز أورسام، عمر الروابحي إن "الموقف الجزائري بدأ حذرا تجاه النزاع في أوكرانيا بسبب العلاقات الاقتصادية التي تجمع الجزائر بأوكرانيا والغرب بصفة عامة وكذلك العلاقات الاستراتيجية القوية التي تجمعها بروسيا". وأضاف بأن "هذا الحذر رافقه انحياز للسياسات الروسية بحكم أن التسلح الجزائري هو تسليح روسي بما يفوق 70%".

واعتبر الخبير الجزائري بأن "الخطوات التي أقدمت عليها إسبانيا واعترافها بمغربية الصحراء بضغط أمريكي دفع الجزائر إلى مزيد الانحياز لروسيا ورفض أن تكون الجزائر بديلا عن الطاقة الروسية الواردة إلى أوروبا".

أهمية الجزائر

وجاءت زيارة وزير الخارجية الروسي للجزائر بشكل مفاجئ –غير معلن عنها مسبقا- وهي ثاني دولة يزورها بعد الصين بُعيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وهذا يدل على أهمية القضايا التي ناقشها الطرفان.

واعتبر بعض المختصين أن الزيارة تأتي في إطار مراهنة روسيا على الجزائر بحكم علاقاتها مع الغرب وفرنسا أساسا بأن توصل صوتها إلى الرئيس ماكرون الذي يزور الجزائر نهاية الشهر الحالي. وأوضحوا بأن روسيا تبحث من خلال حلفائها ومنهم الجزائر على التوسط من أجل حل مشرف لها ويخرجها من الأزمة التي أنهكتها.

ويشار إلى أنه منذ 24 فيفري الماضي، تشن روسيا هجوما عسكريا في جارتها أوكرانيا، ما خلف أزمة إنسانية ودفع عواصم عديدة إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية على موسكو. وتشترط روسيا لوقف الهجوم أن تلتزم أوكرانيا بالحياد وتتخلى عن خططها للانضمام إلى تكتلات عسكرية، ولا سيما حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما تعده كييف تدخلا في سيادتها.

ويذكر أنه عقب استقبال لافروف من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أكد وزير خارجية روسيا دعوة بوتين لتبون حتى يقوم بزيارة إلى موسكو، حسب وكالة الأنباء الروسية.

inbound5067814174461758019.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً