post

11 سنة مرّت على اندلاع الثورة.. هل تتحقق إرادة الشعب ويستجيب القدر مجددا؟

تونس الجمعة 17 ديسمبر 2021

اليوم ينقضي على ذكرى اندلاع الشرارة الأولى لثورة الحرية والكرامة من مدينة سيدي بوزيد أكثر من 4 ألاف يوم، فبأي حال عدت يا عيد؟

إحدى عشر سنة مرّت على اندلاع شرارة الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 حين أقدم محمد البوعزيزي البائع المتجوّل على إحراق نفسه لتنطلق بعدها سلسلة من الإحتجاجات حاول نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي قمعها بشتى الوسائل لكنه لم يفلح لتنتهي بالإطاحة برأس النظام في 14 من جانفي سنة 2011، وفرار بن علي وعائلته نحو السعودية عقب مظاهرة حاشدة بشارع الحبيب بورقيبة حيث رفعت شعارات "ديقاج" و"الشعب يريد إسقاط النظام" في وجه الدكتاتور.

ودأب التونسيون على إحياء ذكرى الثورة يوم 14 جانفي من كل سنة، كما نص الدستور على أنّ الثورة تمتد من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011، لكن رئيس الجمهورية قيس سعيد قرر تغيير موعد الاحتفال إلى يوم 17 ديسمبر بناء على أمر رئاسي واعتبر أنّ 14 جانفي هو تاريخ وأد الثورة. وخلّف هذا التغيير الذي أصبح نافذا جدلا سياسيا في البلاد.

وتتالت الأحداث بحلوها ومرها خلال هذه السنوات، من أجل بناء تونس جديدة، وفي إطار الديمقراطية أقيمت عديد الانتخابات وتمت بعض التحالفات السياسية.. وتمت المصادقة على دستور الثورة في 2014، وانطلقت تونس في مسار الديمقراطية وتحققت الحرية والديمقراطية، ولكن بقي الجانب الاقتصادي والاجتماعي دون المأمول وطالب التونسيون بضرورة إقرار أو تفعيل  إجراءات فعلية تغير حياتهم اليومية، وتخفف من وطأة قساوة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمادية ولا سيما في السنتين الأخيرتين مع تفشي فيروس كورونا الذي زاد الوضع تأزما.

سقط نظام بن علي وكان سقف الآمال عال بغد أفضل وبتوزيع عادل للثروة وبوطن يوفر العيش الكريم لشعبه، لكن بدأ هذا الأمل يتآكل مع مرور السنوات ليتحوّل اليوم إلى ألم ومرارة. فالشعارات الأساسية التي رفعت أثناء الثورة يمكن اختزالها في شعار "شغل حرية كرامة وطنية"، ولكن بدأت الهوة تتسع شيئًا فشيئا بين أغلبية الشعب الباحث عن القوت والعيش الكريم وطبقة سياسية كان همها بناء نظام سياسي يضمن الديمقراطية والحرية ويبعد الدكتاتورية والتفرد بالحكم وهنا تحقق هدف الحرية وضاعت مطالب الشغل والكرامة.

ثورة قدّمت فيها دماء وشهداء وجرحى وكان الحلم هو التغيير المنشود ولكن النتائج كانت مخيبة للآمال وعاد اليوم التضييق على الحريات واعتقال ومقاضاة المدونين والصحفيين والسياسيين في المحاكم العسكرية.

فبعد أن دخلت تونس مرحلة بناء الحريات والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة لأول مرة في تاريخها، عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، اليوم وبعد 11 سنة تاريخ اندلاع الشرارة الأولى للثورة، نفس الشعب الذي أسقط نظام بن علي، يخرج مجددا اليوم ليعلن تمسكه بثورته، وليضرب مجددا موعدا مع التاريخ، وليؤكد أنه لن يرضى بالعودة إلى ظلمات الدكتاتورية والاستبداد والحكم الفردي المطلق.

وأكد "مواطنون ضد الانقلاب" وعدد من الأحزاب وآلاف من بنات وابناء الشعب التونسي خروجهم الى الشوارع اليوم 17 ديسمبر لتحقيق مطالبهم المتمثلة بالأساس في عدم المساس بالدستور، عدم المساس بالمؤسّسة التشريعية، عدم المساس بالمجلس الاعلى للقضاء، عدم المساس بالحريات، عدم المساس بالأحزاب والمنظمات والقائمات التشريعية المنتخبة خارج ما يسمح به القانون في نظام ديمقراطي، عدم المس من المجالس البلدية، عدم إقحام الجيش والمحكمة العسكرية في التجاذبات السياسية، وعدم تقسيم الشعب.

كما أكدوا أنهم سيتظاهرون من أجل إطلاق سراح كل المساجين السياسيين وسجناء الرأي، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها، وأنهم سيخرجون للشارع بعقول وقلوب تتوق لاستعادة مسار البناء الديمقراطي ومسار العدالة والحرية. كما أكدوا أنهم سيخرجون سلميّا للتصدي للديكتاتورية الزاحفة على كل مفاصل الدولة، التي نريدها دولة القانون والمؤسسات والحقوق والحريات والعدالة لا دولة العبث والولاءات، مثلما أوضحوا.

وقالوا "نحن ابناء وبنات الشعب التونسي الذي لقن العالم درسا في إرادة الحياة نريد خيارا سياسيا مبنيا على التشارك والديمقراطية بالعودة الى الانتخابات والخروج من هذه الحالة الاستثنائية التي باتت تهدد كيان الدولة ذاته. هذه هي مطالبنا ولن نرجع عن قرارنا لأننا نحن الشعب ونحن الشارع ونحن السلطة الاصلية ومصدر كل السلطات. تونس ملكنا جميعا ومستقبل اطفالنا بين ايدينا لهذا نطلب من كل شرفاء الوطن من كل الولايات الالتحاق بشارع الثورة، رمز الحرية والانعتاق من الاستبداد، رمز إرادة الشعب واستجابة القدر".

مسر-1.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً