post

11 عاما على الثورة اليمنية.. هل تنتهي الحرب ويستأنف حلم التغيير؟

الشرق الأوسط الجمعة 11 فيفري 2022

لا تزال ثورة 11 فيفري 2011 السلمية اليمنية في قفص الاتهام بعد مرور 11 عاما على اندلاع شرارتها الأولى. وبدلا من المضي في تحقيق أهدافها المتعثرة، يجد المقتنعون بها أنفسهم في كل عام مضطرين، على هامش إحيائهم الذكرى ولو بشكل رمزي، إلى الدفاع عنها من حملات شيطنة تتكرر سنوياً من قبل الناقمين عليها.

وتحاول هذه الحملات تحميل الثورة وزر ما آلت إليه البلاد من شتات وتشرذم وفقر، وسط الجزم بأن الثورة هي السبب الرئيسي في الانزلاق نحو حرب مدمرة لا أفق معلوماً لنهايتها.

ويبدو الاستعداد للاحتفال بالذكرى الـ11 للثورة الشبابية اليمنية، المُصادف اليوم الجمعة، باهتاً بشكل لافت. ولم تشهد المدن اليمنية أي تحضيرات رسمية أو شبابية للاحتفاء بالمناسبة، سوى في تعز، المدينة التي شكّلت مهد الاحتجاجات في عام 2011. حيث احتفل آلاف اليمنيين في تعز، مساء أمس الخميس، بالذكرى الحادية عشرة لثورة 11 فيفري السلمية، التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح عام 2011.

وأوقد "شباب الثورة" الشعلة الحادية عشرة لثورة فيفري أمام مقر السلطة المحلية بالمدينة، وأطلقوا الألعاب النارية ابتهاجا بالمناسبة. ورفع المحتفلون العلم اليمني، ورددوا هتافات منها: "جمهورية جمهورية بنحميها بالشرعية"، و"ثوار أحرار، سنواصل المشوار".

ونظم "مجلس شباب الثورة" الذي تترأسه الناشطة الحائزة على جائزة "نوبل" للسلام توكل كرمان، الخميس، مهرجانا وسط مدينة تعز، شارك فيه المئات احتفالا بذكرى ثورة فيفري.

ورفع المشاركون لافتات كتب على بعضها: "الثورة مستمرة.. عهدا للشهداء ووفاء للتضحيات"، و"الجمهورية هوية الثورة والوحدة الوطنية عنوان الثوار".

وقال مجلس شباب الثورة، في بيان تلي على هامش المهرجان إن "انقلاب مليشيا الحوثي بالتعاون مع منظومة صالح، يمثل خيانة عظمى كشفت قبح المشروع السلالي وتربصه بالجمهورية لعقود". واعتبر أن "موضوع استعادة الدولة اليمنية خيار لا رجعة عنه للعيش بكرامة ولتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي".

ويقف أنصار حزب "المؤتمر الشعبي العام"، تحديداً الجناح الموالي للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، على رأس التيار الرافض لإحياء ذكرى الثورة.

وتبدو أسباب النقمة المؤتمرية مفهومة، كون الثورة الشبابية لم تتسبب في الإطاحة بنظامهم الذي حكم اليمن طيلة 33 عاماً (1978 ـ 2011) فحسب، بل قضت على آمال عائلة الرئيس الراحل في توريث الحكم لنجله أحمد صالح، المُقيم في أبوظبي حالياً، والذي يبدو مستقبله السياسي غامضاً، بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه منذ عام 2015.

كما أدى التحالف الشكلي بين أنصار حزب "المؤتمر" وحزب "الإصلاح" تحت شعار "وحدة الصف ضد الانقلاب الحوثي"، إلى انحسار الزخم المعتاد مع حلول ذكرى ثورة 11 فيفري.

وينخرط المئات من شباب ساحات الثورة، تحديداً في مدينة تعز التي كانت مهد الاحتجاجات، في جبهات القتال ضد جماعة الحوثيين منذ بداية الحرب، على اعتبار أن التصدي للانقلاب هو استكمال للنهج الثوري الذي بدأ في عام 2011.

ورفعت ثورة 11 فيفري عدداً من الشعارات الرئيسية، إلا أن الثورة المضادة من الرئيس الراحل والحوثيين والتي أفضت إلى حرب مدمرة لم تنتهِ بعد، حالت دون تحقيق الكثير من الأهداف، وعلى رأسها تطبيق نتائج مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد خلال عامي 2013 ـ 2014.

وكانت الإطاحة بالنظام الفردي ومساعيه لتوريث الحكم من أبرز المكاسب المحققة للثورة، على الرغم من أن المحاصصة السياسية جعلت حزب "المؤتمر الشعبي" يحظى بحقائب وزارية في كافة الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011.

وأخفقت الثورة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية بسبب الانقلاب الحوثي، كما فشلت في بناء اقتصاد وطني قوي وإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية.

وتعثرت الثورة في تحقيق هدفٍ أساسي هو استرداد الأموال المنهوبة من النظام السابق، والذي لم يتحقق جراء منح الرئيس الراحل الحصانة بموجب المبادرة الخليجية، التي حلّت محل الدستور اليمني في عملية الانتقال السياسي عام 2012.

وقبيل اندلاع الحرب، كانت حكومة الوفاق التي ترأسها محمد سالم باسندوة، شرعت بخطوات عملية لملاحقة أموال صالح، التي ادّعت مصادر إعلامية أنها تتجاوز 60 مليار دولار، وذلك من خلال مناقشة مشروع قانون لاسترداد الأموال المنهوبة.

وأكد المشاركون في الاحتفال، تمسك أبناء تعز بأهداف ثورة "11 فيفري" حتى تحقيق كامل أهدافها، وعلى رأس ذلك المشاركة في معركة إنهاء الانقلاب الحوثي وكافة المشاريع التدميرية التي تستهدف اليمن.

ورفع المشاركون الأعلام الوطنية ولافتات تؤكد السير على خطى الثورة والوفاء لتضحيات ثوار فيفري، وكذلك التصدي للثورة المضادة التي نفذها النظام السابق بالتحالف مع جماعة الحوثيين المدعومة من إيران.

ويأتي الاحتفال بالذكرى الـ11 لثورة فيفري هذا العام، وسط تصعيد عسكري واسع، في جبهتي مأرب وحجة، وإعلان جماعة الحوثيين تنفيذ هجمات جديدة في العمق السعودي.

وأعلنت جماعة الحوثيين في وقت سابق الخميس، مسؤوليتها عن الهجوم الذي طاول مطار أبها وأسفر عن إصابة 12 مدنياً وفقاً لما أعلنه التحالف الذي تقوده السعودية.

وفي المقابل، طالب التحالف المدنيين بصنعاء، إخلاء المواقع المدنية المستخدمة عسكرياً خلال 72 ساعة القادمة، وتوعد بقصف "نقاط حاسمة" يستخدمها الحوثيون في إطلاق الطائرات المسيّرة.

وخلافاً للتصعيد الجوي، أعلن التحالف مساء الخميس، عن انطلاق عملية عسكرية لألوية اليمن السعيد في محافظة صعدة، المعقل الرسمي للحوثيين، شمالي اليمن.

وقال التحالف، في بيان، إن ألوية اليمن السعيد "تم تجهيزها ودعمها من التحالف بالتنسيق مع وزارة الدفاع اليمنية"، في خطوة تهدف إلى تضييق الخناق على جماعة الحوثيين بجبهة جديدة مع تواصل المعارك الدائرة في مدينة حرض التابعة لمحافظة حجة.

وفي حرض، أعلن الجيش اليمني، مساء الخميس، استعادة السيطرة على قرى أم الحصم وأم التراب والحمراء شمال شرق مدينة حرض، وذلك بعد معارك عنيفة مع جماعة الحوثيين أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.

وخلال الشهر الماضي، ردت جماعة الحوثي على الخسائر التي تكبدتها في شبوة ومأرب على يد قوات مدعومة من الإمارات، بشن هجمات لم يسبق لها مثيل على الإمارات العضو في التحالف، وهو ما وجه ضربة جديدة لجهود السلام المتعثرة.

وتمثل مأرب أهمية حيوية كونها آخر معقل في شمال اليمن للحكومة المعترف بها دوليا، كما أنها المنطقة الوحيدة المنتجة للغاز في البلاد، وبها أحد أكبر حقولها النفطية.

وذكرت مصادر عسكرية أن لواء العمالقة المدعوم من الإمارات، الذي يضم مقاتلين من السلفيين الجنوبيين، أوقف تقدمه في مأرب بعد اختراق حصار للحوثيين حول المدينة الرئيسية وتأمين الطريق إلى شبوة الغنية بالنفط في الجنوب.

وأرسل التحالف في جانفي الماضي لواء العمالقة إلى الجبهات الرئيسية للقتال، بعد التقدم الذي أحرزه الحوثيون عقب سنوات من الجمود، قلصت خلالها الإمارات من وجودها هناك بشكل كبير في 2019.

وقال مصدران حكوميان؛ إن التحالف نشر الأسبوع الماضي وحدات جديدة مؤلفة من مقاتلين من القبائل اليمنية في الشمال والسلفيين، أُطلق عليها اسم "ألوية اليمن السعيد" بالقرب من مأرب، في إطار إعادة هيكلة للقوات المحلية التي تقاتل الحوثيين.

ويشهد اليمن منذ نحو 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة، المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيون المدعومون من إيران والمسيطرون على محافظات عدة، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.

inbound3642920818518864407.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً