post

مستحقاتهم بلغت 250 مليون دينار.. مخابز مهدّدة بالإفلاس والإغلاق وأصحاب المخابز يعتصمون أمام منظمة الأعراف

تونس الثلاثاء 18 أكتوبر 2022

أجمع اصحاب المخابز في جلسة عامة على الانطلاق بداية من اليوم الثلاثاء 18 أكتوبر 2022، في اعتصام مفتوح بمقر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وإيقاف العمل بكافة المخابز.

وأعلنت الجلسة العامة اقرار ايقاف العمل بكافة المخابز والمطالبة برفع سعر "الباقات" من 190 مليما الى 250 مليما . كما طالب اصحاب المخابز الحكومة بسداد مستحقاتهم لديها واقرار برنامج واضح للقطاع ورفع المظالم المسلطة عليه وايقاف التتبعات العدلية ضد نشطاء القطاع المثارة ضدهم بسبب الديون وغيرها.

تصعيد التحركات

وأكد رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز المصنفة محمد بوعنان تنفيذ وقفة احتجاجية اليوم الثلاثاء 18 أكتوبر، أمام مقر اتحاد الصناعة والتجارة بتونس وذلك للمطالبة بمستحقات أصحاب المخابز المصنفة لدى الدولة.

وقال بوعنان، في تصريح إذاعي، اليوم الثلاثاء، إن المخابز المصنفة لم تتسلم مستحقاتها منذ 14 شهرا حيث بلغت 250 مليون دينار، وهي تشمل 3500 مخبزة في مختلف ولايات الجمهورية.

وأكد بوعنان أن هذه المخابز باتت مهددة بالإفلاس، و20 بالمائة منها على عتبة الإغلاق بعد استحالة قدرتها على خلاص مستحقاتها من ضمان اجتماعي وفاتورات استهلاك الماء والكهرباء، وتعرض أصحابها لضائقات مالية وشيكات دون رصيد، حسب قوله. وقال: أدعو الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية إلى التفاعل مع مطالب أصحاب المخابز، لم يعد لنا موارد لشراء المواد الأولية، قرابة 1000 خبّازا أعلنوا إفلاسهم".

وأضاف بوعنان أن أصحاب المخابز يتجهون إلى تصعيد تحركاتهم الإحتجاجية وسيتوجهون إلى وزارتي المالية والتجارة، حسب قوله.

مستحقات شهر واحد

وأوضح بوعنان أن وزارة التجارة أعلمت في مكتوب رسمي أصحاب المخابز بقرارها تمكينهم من مستحقاتهم المتخلدة بذمّة الدولة لمدة شهر واحد. وفي الجلسة العامة، عبّر اصحاب المخابز عن رفضهم مقترح وزارة التجارة وتمسكهم بالحصول على مستحقاتهم كاملة، كما عبّروا عن امتعاضهم من هذا الوضع الذي انعكس سلبا على نشاط المخابز وعلى توازناتهم المالية وعدم قدرتهم على الايفاء بديونهم لدى البنوك والمزودين، وفق تعبيرهم.

ودعا البعض من اصحاب المخابز في مداخلاتهم خلال الجلسة العامة بإيقاف العمل بجميع المخابز الى حين اقرار الدولة لبرنامج واضح ودقيق لتمكينهن من اموالهم في آجال محددة.

وكان رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز محمد بوعنان دعا جميع منظوريه  بكامل تراب الجمهورية للاجتماع والاعتصام يوم 18 أكتوبر الجاري بالمقر المركزي لمنظمة الأعراف في العاصمة.

وصرّح أنّ سبب الاعتصام هو سياسة التسويف التي تنتهجها سلطة الاشراف منذ أكثر من سنة حيث انهم لم يتحصلوا على مستحقاتهم المالية مما جعل استمرار عمل المخابز أمرا محالا، بالإضافة إلى ما يواجهه أصحاب المخابز من مشاكل على غرار المخالفات المسجلة ضدّهم من قبل وزارة التجارة والتي وصفوها بالتعسفية، ووجد بعض أرباب العمل ملاذهم الوحيد في إغلاق مخابزهم.

تعهّد وزارة التجارة

بدوره، أفاد الناطق الرسمي بإسم الغرفة الوطنية للمخابز صلاح الرقيق بأن أصحاب المخابز، نفذوا اليوم الثلاثاء 18 أكتوبر 2022، وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالعاصمة للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتخلدة بذمة الدولة منذ 13 شهرا.

وأكد الرقيق، في تصريح إذاعي، وجود بوادر طيبة للاتفاق مع وزارة الإشراف التي تعهدت، في جلسة عقدت مؤخرا، بإيجاد حلول وصرف المستحقات في أقرب الآجال. وتدين الدولة لكل مخبزة بمبالغ تتراوح بين 40 ألف دينار و100 ألف دينار، حسب المصدر ذاته.

قريبا الاستجابة للمطالب

من جهتها، قالت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي بن حمزة في تصريح إذاعي، الثلاثاء 18 أكتوبر 2022، إن الوزارة تتفهم التحركات الاحتجاجية لأصحاب المخابز، وأكدت أن الوزارة بصدد التفاوض معهم لإيجاد حل والاستجابة لمطلب مهنيي القطاع. ونفت أن تبلغ احتجاجهم مرحلة الإضراب.

كما نفت الرابحي بن حمزة أي نقائص في تزويد أصحاب المخابز بالمواد الأولية، وأشارت إلى أنه يتم تزويد السوق بمادة الفرينة وغيرها بصفة عادية.

وأوضحت أن احتجاجاتهم تتعلق ببعض المطالب التي يجري دراساتها، وتعهدت بأنه ستتم الاستجابة لها قريبا، وذلك ردا على قرار الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز الدخول في تحركات احتجاجية قد تبلغ حدّ تنفيذ اعتصام بمقر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.

تونس الأولى عالميا

وكان الخبير في أسواق الحبوب والأمن الغذائي سليم بوصباح، أفاد في تصريح صحفي، يوم 09 ماي 2022، أن "تونس مصنّفة البلد الأوّل في العالم في استهلاك الخبز، ولا تنتج سوى قطعة واحدة (باقات) من جملة خمسة قطع من قمحها المحلي". وأوضح أنّ تونس تستورد أكثر من 80 بالمائة من احتياجاتها من القمح اللين وأحيانا أكثر من 50 بالمائة من احتياجاتها من القمح الصلب.

وقال الخبير "تستهلك تونس، منذ سنة 2005، القمح اللين أكثر من القمح الصلب، في حين أنّها قادرة عل تحقيق اكتفائها الذاتي من القمح الصلب وغير مرتهنة لارتفاع أسعار القمح اللين على الصعيد الدولي، لا سيما، في ظل الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا".

إنتاج الخبز

وبحسب بيانات سابقة لوزارة التجارة، فإن المخابز تنتج يوميا ثمانية ملايين قطعة خبز فيما تضخ الوزارة يوميا في السوق نحو 200 ألف طن من القمح اللين والصلب و1200 طن من السميد.

ويبلغ السعر الحقيقي للخبز الكبير من دون دعم 465 مليما للواحد (دعم في حدود 235 مليما)، ويباع للعموم بسعر 230 مليما فيما تباع الباقات للعموم بـ190 مليماً، بدعم في حدود 84 مليماً، أي أنّ سعرها الحقيقي يعادل 274 مليماً.

وتستورد تونس 80 بالمائة من حاجياتها من القمح اللين، وهو ما يجعل كل 4 أرغفة خبز مستوردة مقابل رغيف واحد مصنوع من الدقيق المحلي، بينما واردات البلاد من القمح وحدها أكثر من 51 بالمائة من الواردات الغذائية.

ويخضع الخبز في تونس للتسعير الحكومي بالنسبة إلى المخابز التي تتمتع بالدقيق المدعم، فيما تبيع الأفران التي تعتمد على الشراء المباشر للدقيق من المطاحن على الأسعار المحررة.

وتعتبر تونس من بين أكبر البلدان المستوردة للحبوب، حيث تتراوح احتياجات البلاد من هذه المادة الحيوية بين 30 و32 مليون قنطار سنويا، ولا تنتج منها إلا 10 ملايين قنطار، ويعود ذلك بالأساس إلى خلل منظومتي الاستهلاك والدعم.

إهدار الخبز

ورغم ضعف المخزونات وتقلص الإنتاج المحلي، لا تزال الأسر التونسية تهدر خبزا ومعجنات بقيمة 35 مليون دولار سنويا.

وحسب دراسة لمعهد الاستهلاك الحكومي، تتصدر مادة الخبز قائمة المواد الغذائية المبذرة (المهدرة) في البلاد، حيث يتم إلقاء 113 ألف طن منها سنوياً، بمعدل 42 كيلوغراماً لكل أسرة. وتخسر الأسر التونسية سنويا ما قيمته 321 دولارا من تبذير الخبز، فيما تتكبد الدولة 35 مليون دولار جراء تبذير الخبز المصنوع من الحبوب الموردة، وفق الدراسة.

التونسي والخبز

ويرتبط الخبز عند التونسيين بالانتفاضات كان أشهرها "أحداث الخبز"، الانتفاضة الاجتماعية التي عرفتها تونس في جانفي 1984، بعد زيادة سعر الخبز وعدد من السلع الأساسية إبان فترة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

وحتى في ثورة 2011، كان الخبز حاضرا بقوة في الإحتجاجات التي اجتاحت تونس في ذلك الوقت، حيث ردد المحتجون شعار "خبز وماء وبن علي لا"، كما أنهم رفعوا الخبز بأيديهم، كرمز للقمة العيش وللكرامة في آن.

وهناك عدة أنواع من الخبز في تونس منها اليومي ومنها المناسباتي، ومن أقدم أنواع الخبز التونسي هو خبز الطابونة الذي يرجع حسب المؤرخين والحفريات للقرن 6 قبل الميلاد.

خبز-4.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً