post

إضرابات ورفض لنتائج الانتخابات.. ماذا يحدث في الجامعات الفرنسية؟

العالم السبت 16 أفريل 2022

رافضا لنتائج الانتخابات الرئاسية التي وضعت البلاد أمام حتمية الاختيار بين ماكرون ولوبان، تعرف الجامعات الفرنسية موجة احتجاجات واسعة. وقرَّر الطلبة تعبيراً عن سخطهم ذاك تعطيل الدراسة واحتلال مباني جامعية، أبرزها جامعة السوربون.

وفيما لم يتبق سوى أيام على جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التي يحتدم فيها السباق الانتخابي بين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، تُعد احتجاجات الطلاب علامة أخرى على أن الرئيس لم يعد بإمكانه الاعتماد على الرفض الجماعي بين الناخبين لليمين المتطرف.

وبدأ كل شيء ظهيرة يوم الأربعاء بجامعة السوربون، حيث بلغ الغليان والإحباط الذي تسببت فيه نتائج انتخابات الأحد مستويات مرتفعة، ووجد الطلاب أنفسهم عالقين بين فكي المعادلة القديمة الجديدة: إما ماكرون أو لوبان، إما الليبرالية المتوحشة أو اليمين المتطرف. ولم يكن يحتاج ذلك الغضب إلى أي شرارة إضافية، وأتت الدعوات إلى الإضراب وإلى اجتماع عام طلابي يقرر الخطوات القادمة للمعركة النضالية.

انتشار الاحتجاجات

وجرى الاتفاق وقتها لتعطيل الدراسة واحتلال المباني الجامعية، وسرعان ما هم الطلاب بوضع متاريس على الأبواب لإغلاقها، بينما اجتمع آخرون في قاعة كبيرة يناقشون حيثيات الحركة الاحتجاجية وكيف ستجري قيادتها لتحقيق المطالب، بل وكيف سيدافعون عن مواقعهم إذا ما هاجمتهم قوات الأمن.

ولم تبق هذه الحركة الاحتجاجية رهينة الجامعة الباريسية المرموقة، بل انتشرت كالعدوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقاطرت بعدها الجامعات التي أعلن طلابها القرار نفسه.

وقال طلاب معهد العلوم السياسية بنانسي في بيان لهم: "المرشحون المؤهلون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يعرضون مستقبلنا للخطر. لهذا قررنا اعتزال النقاش السياسي الحاصل وأن نحتج على هذه الساحة السياسية التي لا تبالي بمطالبنا".

ودعت الفعاليات الطلابية إلى التظاهر في شوارع البلاد اليوم السبت، من أجل "مناهضة اليمين المتطرف والأيديولوجيا العنصرية" حسب ما تورده شعارات الدعوات لهذه المسيرات. كما كانت نقابة "الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا" دعت الطلاب إلى التصويت المكثف في انتخابات يوم الأحد 24 أفريل الجاري، من أجل عرقلة فوز مارين لوبان بالرئاسة.

وفي حديثها لإذاعة RMC، قالت رئيسة نقابة "الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا" إيمان ولحاج: "الشباب يشعر بأن الانتخابات سرقت منه، فكما لاحظنا الأحد الماضي كانت هناك مشاركة شبابية مكثفة، لكن حين صدور النتائج لم يجدوا مرشحهم في الدور الثاني". في إشارة إلى المرشح اليساري جان لوك ميلونشون الذي تصدر نتائج تصويت الفئات الشبابية، حيث حصل على 34% من أصوات الشباب بين 18 و24 سنة، و31% للفئة مابين 25 و34 سنة.

رد فعل الفائزين

وعلَّق الرئيس المنتهية ولايته، إيمانول ماكرون على هذه الاحتجاجات قائلاً بأن" للديمقراطية قواعد أساسية. وإذا بدأنا في تحدي كل القواعد، فإنها تصبح فوضى". وذكّر بأن قواعد الديموقراطية تفترض أن "الجميع يصوت لصالح المشروع الأقرب إليه في الجولة الأولى"، وبعد ذلك في الجولة الثانية "يكون الاختيار بين المشروعين اللذين يأتيان أولاً".

وقالت مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان ساخرة من الاحتجاجات الطلابية بأنهم "فاتهم درس الديموقراطية، ربما كانوا في عطلة وقتها!". وأضافت بأنه: "على هؤلاء الشباب الصغار أن يحترموا الديموقراطية. هناك انتخابات ولا يمكنهم من خلال احتلال الجامعات أن يعارضوا الإرادة التي عبر عنها الشعب الفرنسي. بدلاً من ذلك، ينبغي عليهم تنظيم حملة لحمل الشباب على التصويت".

الثورات الطلابية الفرنسية

وكانت جامعة السوربون مهدا لكثير من الثورات الطلابية الفرنسية على مر السنين بما في ذلك انتفاضة ماي 1968، حيث احتشد المئات في ساحتها الأمامية بالحي اللاتيني في باريس.

وأقصت الجولة الأولى من الانتخابات في 10 أفريل جميع المرشحين اليساريين. وقال كثير من الطلاب إنهم يفضلون الامتناع عن التصويت في جولة الإعادة على إعطاء أصواتهم لماكرون بهدف منع لوبان من الفوز بالسلطة.

وقال البعض إن سياسات ماكرون في ولايته الأولى انحرفت كثيرا نحو اليمين، واستشهدوا بوحشية الشرطة ضد محتجي السترات الصفراء أو الإجراءات الرامية لقمع ما يسميه ماكرون "النزعة الانفصالية الإسلامية".

ويمثل رفض الناخبين اليساريين لما يسمى "الجبهة الجمهورية"، حيث جرت العادة على أن يحتشد الناخبون الفرنسيون وراء مرشح التيار العام في مواجهة المنافس اليميني المتطرف، مصدر قلق على نحو متزايد لمعسكر ماكرون.

فوز لوبين ليس مستحيلا

وتظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة بين المرشحين متقاربة جدا، حيث يتقدم ماكرون بفارق 5 إلى 10 نقاط على لوبان، وأحيانا بهامش خطأ بما يعني أن فوز لوبان ليس مستحيلا.

وتتناقض دعوة الطلاب إلى الامتناع عن التصويت بشكل صارخ مع الوضع قبل عقدين من الزمن، عندما واجه جان ماري لوبان، مؤسس الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة ووالد مارين لوبان، الرئيس آنذاك جاك شيراك في جولة الإعادة سنة 2002.

وخرجت مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء فرنسا وأعرب الطلاب عن غضبهم من تأهل جان ماري لوبان، الذي كان له وقع الصدمة، لجولة الإعادة، وحثوا الفرنسيين على التصويت لشيراك المحافظ الذي فاز في نهاية المطاف بأكثر من 82 بالمئة من الأصوات متغلبا على لوبان. وتغير اسم الجبهة الوطنية منذ ذلك الحين إلى التجمع الوطني تحت قيادة مارين لوبين.

inbound6253953939803644636.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً