post

الدبيبة وباشاغا يتبادلان الاتهامات حول اشتباكات طرابلس.. أمريكا تتوعّد والجزائر تحذّر الجميع

المغرب العربي الأحد 12 جوان 2022

اتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، أمس السبت، أطرافا لم يسمها، بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة، في أعقاب اندلاع اشتباكات في العاصمة طرابلس، وجدّد تمسكه بخيار الدستور الواضح والانتخابات، فيما اتهمه رئيس الحكومة المعين من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا، باستخدام المدنيين كدروع بشرية لغرض الابتزاز السياسي.

وقال الدبيبة، خلال كلمة له في جامعة مصراتة إن "ما يحدث الآن محاولة بعض الأطراف للاستيلاء على السلطة وتمكين بعض الشخصيات لبسط نفوذها بالقوة بالعاصمة ولن نسمح بتسليمها إلا من خلال انتخابات يصوت عليها الشعب".

وأكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية أنه لا يمكن الخروج من المأزق السياسي في ليبيا إلا عبر دستور واضح وانتخابات رئاسية وبرلمانية. وأضاف أن المجتمع الدولي يرى بأن الانتخابات هي الحل السليم والأمثل للخروج من الأزمة، ولفت إلى أن بعض الأطراف تحاول الرجوع إلى الحرب لتمكين مجموعة بعينها، على حد تعبيره.

واندلعت مساء الجمعة، اشتباكات بين عدد من المجموعات المسلحة داخل العاصمة طرابلس ما خلف حالة من الهلع لدى السكان. وتعقيبا على تلك الاشتباكات، قال الدبيبة: "منذ تولينا السلطة عملنا على استتباب الأمن والحفاظ على الاستقرار إلا أن بعض الأطراف تسعى لتأجيج الوضع وخلط الأوراق".

وأفاد الدبيبة بأن "ما حدث من ترويع للأهالي دليل على عدم رضا بعض الأطراف عن الاستقرار الذي تنعم به طرابلس ويسعون لعودة شبح الحرب". كما نبه رئيس حكومة الوحدة الليبية أبناء الشعب لعدم استغلالهم وجرهم للحروب أو استخدامهم وسيلة لتحقيق مكاسب محلية أو خارجية ضد الدولة الليبية، وأشار إلى أن "حياة المواطنين أولوية قصوى لنا ولن نتهاون مع المخربين ودعاة الحرب مرة أخرى".

ابتزاز سياسي

من جهته، اتهم رئيس الحكومة المعين من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا، السبت، الدبيبة، باستخدام المدنيين كدروع بشرية لغرض الابتزاز السياسي وصفا أنصاره بعصبة خارجة عن القانون.

وقال باشاغا في تغريدة عبر تويتر: "لا يمكن المقارنة بين سلطة ناتجة عن توافق ليبي ليبي من خلال مؤسسات تشريعية شرعية ومنتخبة، وعُصبة خارجة عن القانون تستخدم المدنيين في العاصمة كدروع بشرية لغرض الابتزاز السياسي".

وأضاف في تغريدة  أخرى: "الحكومة الليبية نتاج اتفاق مجلسي النواب والدولة وفقاً للاتفاق السياسي الليبي المبرم عام 2015 بالصخيرات، سوف أستمر في دعم هذا التوافق والتمسك بالحلول السياسية السلمية وأدعو كل الليبيين للتمسك بما يجمعنا حتى نصل لسلطة منتخبة عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة".

المجلس الرئاسي يطلب تقريرا

وطالب المجلس الرئاسي الليبي، بصفته القائد الأعلى الجيش الليبي، وزير الدفاع ووزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، بتقريرهما عن ملابسات الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة طرابلس، الجمعة، في غضون 72 ساعة.

وشدد المجلس، في بيان له، أمس السبت، على أنّ "من يعرّض حياة المدنيين للخطر، ويعبث بالممتلكات الخاصة والعامة، سيعرّض نفسه للملاحقة القانونية"، وطالب الجميع بـ"لتعامل بالمسؤولية وتغليب مصلحة الوطن".

قلق أممي

من جهتها، عبّرت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في بيان لها، السبت، عن قلقها البالغ إزاء تلك الاشتباكات التي قالت إنها "عرضت حياة المدنيين للخطر". وأضافت أن "هذه التطورات تحدث في فترة شديدة الحساسية، واستقطاب واسع على الصعيد السياسي".

ودعت "الأطراف الليبية الأمنية والسياسية لممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتحلي بصفات القيادة المسؤولة وحل جميع الخلافات عبر الحوار".

أمريكا تتوعد

بدورها، طالبت الولايات المتحدة على لسان مبعوثها الخاص وسفيرها بليبيا، بوقف الاشتباكات والكف عن التصعيد، متوعدة المسؤولين عن تأزيم الوضع الأمني.

وقال السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، في تغريدة على تويتر: "لا ينبغي أن تستمر مثل هذه الاشتباكات أو تتصاعد". وأضاف: "سيدفع المسؤولون عن هذه الاشتباكات الثمن من الشعب الليبي والمجتمع الدولي".

وليامز.. كفى

وفي سياق متصل، دعت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، إلى الهدوء وحماية المدنيين. وقالت في تغريدة: "طفح الكيل!.. كفى يعني كفى! ..أدعو إلى الهدوء التام وحماية المدنيين في كل مكان من ليبيا وفي كل وقت".

أوروبا.. حدث مخز

وفي السياق ذاته، قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل، في تغريدة، إن "ما حدث من اشتباكات في سوق الثلاثاء هو مخز ويمثل صدمة".

وأضاف المسؤول الأوروبي: "تم إطلاق الأسلحة على حديقة حيث يركض الأطفال ويلعبون"، وأكد أن "الأماكن العامة في طرابلس ملك للعائلات وليس لرجال مسلحين".

بريطانيا تدين

وقالت السفارة البريطانية لدى ليبيا إنّ "مسؤولية اشتباكات سوق الثلاثاء بطرابلس تقع على عاتق جميع الأطراف للحفاظ على الاستقرار لما فيه الخير للشعب الليبي". وأدانت السفارة، في بيان، السبت، هذه الاشتباكات، مشيرة إلى تأييدها البيان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة للدعم بهذا الخصوص.

الجزائر تحذّر

بدورها، عبّرت الجارة الجزائر عن قلقها الكبير بشأن تطورات الأوضاع في ليبيا على إثر الاشتباكات. ودعت الجزائر في بيان أصدرته الخارجية، السبت، الأطراف الليبية إلى "التعقل والاحتكام إلى لغة الحوار والمصالحة والعمل للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار صوناً لدماء الليبيين وحفاظاً على أمنهم وسلامتهم".

وأدانت الخارجية الجزائرية "اللجوء إلى العنف بجميع أشكاله"، وحذرت من خلال البيان جميع الأطراف الليبية من "مغبة إعادة البلاد إلى مستنقع الفوضى أو الوصول بها إلى نقطة اللاعودة".

وشدد البيان على أنّ "هذا التطور الخطير الذي يأتي عشية استئناف اللجنة الدستورية المشتركة أشغالها بالقاهرة تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، يشكّل بحد ذاته عاملاً إضافياً للتأكيد على الضرورة الملحة للتسريع في استكمال صياغة مضامين الأساس الدستوري الذي من شأنه تمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه السيادي في اختيار قادته وممثليه عبر انتخابات حرة ونزيهة في كنف الأمن والاستقرار".

اندلاع اشتباكات

واندلعت اشتباكات في طرابلس، ليل الجمعة، بين أفراد من كتيبة النواصي وجهاز دعم الاستقرار، التابعين لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، واستعملت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، ولم تعلن أي جهة رسمية عن وقوع ضحايا.

وأدى قرب الاشتباك من متنزه عائلي إلى حالة من الذعر بين العوائل والأطفال. ونشرت على مواقع تواصل مقاطع فيديو تظهر تبادل النيران وهروب العائلات ولجوء بعضهم إلى فندق قريب وبعض المقاهي التماساً للحماية، قبل أن تنتهي الاشتباكات.

وتشهد طرابلس والمدن الليبية عموماً انتشاراً للكتائب المسلحة التي تحدث بين الحين والآخر اشتباكات مسلحة فيما بينها، وتكون أسبابها في الغالب راجعة لمناطق النفوذ أو الاصطفاف السياسي، أو المشكلات الفردية في بعض الأحيان.

وثمة مخاوف من انزلاق ليبيا مجددا إلى حرب أهلية، حيث توجد حكومتان منذ أكثر من شهرين إحداهما هي حكومة الدبيبة والأخرى هي حكومة برئاسة فتحي باشاغا كلفها مجلس النواب بطبرق (شرق) مطلع مارس الماضي.

ويرفض الدبيبة تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب، تنفيذا لمخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي في 2021. وتعيش ليبيا الغنية بالنفط، انقساما سياسيا وأمنيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، على إثر ثورة شعبية.

inbound1456205411694601921.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً