post

السودان.. هل يتم رفع الطوارئ ووقف العنف ضدّ المتظاهرين؟

الشرق الأوسط الخميس 24 فيفري 2022

دعا الخبير الخاص لحقوق الإنسان في السودان آداما دينق إلى رفع حالة الطوارئ في البلاد، وإجراء تحقيقات مستقلة حول انتهاكات حقوق الإنسان، وإطلاق سراح ما تبقى من معتقلين، ووقف استخدام العنف ضدّ المتظاهرين السلميين. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده دينق، اليوم الخميس، في الخرطوم، عقب انتهاء زيارته السودان والتي استمرت أربعة أيام.

وذكر الخبير في حديثه أنه يشعر بقلق بالغ إزاء استخدام السلطات الأمنية العنف المفرط تجاه المتظاهرين السلميين، ما أدى إلى مقتل 82 شخصاً حتى الآن وإصابة أكثر من 2000 آخرين مع تعرض بعض النساء للعنف الجنسي، عدا الاعتداءات المتكررة على المؤسسات الصحية وتخويف الإعلام، والاعتقالات التعسفية، كما أبدى خشيته من تأثير الأوضاع السياسية على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عيّنت، في نوفمبر الماضي، السنغالي آداما دينق خبيرا في مجال حقوق الإنسان في السودان، عقب الانتهاكات التي شهدتها البلاد بعد انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي، وتعد الزيارة الحالية الأولى له بعد تعيينه.

ورحّب دينق، في مؤتمره الصحفي، بإطلاق السلطات سراح أكثر من مائة من المعتقلين أثناء وجوده في الخرطوم، ودعا إلى الإفراج عن البقية وتحسين معاملتهم داخل السجون والسماح لهم بمقابلة أسرهم ومحاميهم، كما رحّب باتجاه السلطات للتوقيع على اتفاقية "سيداو".

وأشار إلى أن الشباب في السودان يشعرون بضياع آمالهم بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر، وأنه يجب معاملتهم بصورة أفضل وإحياء تلك الآمال مرة أخرى حتى لا يلجؤون إلى التطرف. وأشار إلى أنه زار عدداً من المعتقلين ووجدهم يتطلعون إلى محاكمة عادلة أو إطلاق سراحهم، بما في ذلك المعتقلين من أعضاء لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من جانفي.

سياسياً، نفت وزارة الخارجية السودانية، في بيان لها اليوم الخميس، صحة تقارير صحفية نسبت لنائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، الموجود حالياً في موسكو، قوله بتأييد السودان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بسيادة كل من دونيتسك ولوغانسك.

وذكر البيان أن دقلو لم يدل بأي تصريح بهذا المحتوى بالتحديد، وإنما تحدث بصورة عمومية عن ضرورة اتباع السبل والوسائل الدبلوماسية لحل الأزمة، كما أكد حق روسيا في حماية مواطنيها بما يكفله القانون والدستور، وعدت الوزارة نشر ذلك التصريح بتلك الصورة يعد تشويها متعمداً وإخراجاً للحديث عن سياقه ومحاولة رخيصة للاصطياد في الماء العكر.

ميدانياً، تنطلق في العاصمة الخرطوم، اليوم، مليونية جديدة، بدعوة من لجان المقاومة التي حددت عدداً من النقاط للتجمع، وأكدت في بيان لها أن الانقلاب العسكري يتهاوى، ولن تنقذه دعومات "بن زايد والسيسي وبن صهيون"، وأن المواكب التي دخلت شهرها الرابع لن تتوقف، وجددت رفضها أي تفاوض مع الانقلاب.

البرهان يخشى الانقلاب

من جهة أخرى، كشفت مصادر مصرية عن اتصالات بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، والمسؤولين في القاهرة، لبحث تداعيات وتطورات الأحداث في السودان. وأشارت إلى أن البرهان يبدي خشيته من الحراك الذي يقوده نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، بما في ذلك في الخارج، حيث بدأ أمس الأربعاء زيارة إلى موسكو.

وقالت المصادر، في تصريح صحفي، إن البرهان أبلغ مسؤولاً مصرياً رفيع المستوى، رسالة عبر السفارة المصرية في الخرطوم، عن مخاوفه بشأن رصد تحركات غير مفهومة، يقوم بها دقلو. وأضافت المصادر، أن البرهان عبر للمسؤولين في القاهرة عن قلقه من تحركات حميدتي الأخيرة، والتي من بينها زيارة قام بها للإمارات أخيراً.

ولفتت إلى أن اتصالات وزيارات حميدتي الخارجية أخيراً، تأتي في وقت تشهد فيه المؤسسة العسكرية السودانية، وأطراف مسلحة أخرى تربطها علاقات قوية بقائد قوات الدعم السريع السودانية، "تحركات داخلية مريبة"، بحد تعبير المصادر.

وأوضحت المصادر أن لدى البرهان مخاوف من التدبير لعملية انقلاب بترتيب من حميدتي، مع أطراف داخلية وخارجية، يتم خلالها استبداله بشخصية أخرى من داخل المؤسسة العسكرية، بعدما فشلت كافة المحاولات في تعويمه لدى الشارع والمعارضة المدنية.

وبحسب المصادر "حرص حميدتي خلال الفترة الماضية على الابتعاد قدر الإمكان عن المشهد الإعلامي، أو الدخول في صدام مع القوى الثورية، في حين تم تصدير البرهان للمشهد". وقالت إن مخاوف البرهان تتلاقى مع مخاوف مصرية من وصول شخصية عسكرية، تتبنى موقفاً سلبياً من القاهرة، يكون ولاؤها لأطراف عربية أخرى بشكل يهدد المصالح المصرية.

ووفقاً المصادر، فإن التحركات التي تقلق البرهان من جانب حميدتي في الغالب ليست بهدف تصدره للمشهد، أو رئاسته للمجلس السيادي، لقناعته بعدم قبول الشارع لأي شخصية عسكرية في الوقت الراهن، ولكن الهدف منها هو تصعيد شخصية عسكرية أخرى من داخل المؤسسة العسكرية، تكون في الوقت ذاته خاضعة ومدينة له بالولاء.

وكان دقلو التقى في الإمارات، في التاسع من فيفري الحالي، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. وذكرت البيانات الرسمية الصادرة من أبوظبي وقتها أنهما بحثا الأوضاع في السودان.

وكشفت المصادر، أنه تم إرجاء زيارة كانت مقررة لمدير المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل إلى السودان بطلب من البرهان نفسه، بعدما أكد للجانب المصري عدم ملاءمة الظروف الحالية لإتمامها، في وقت تتصاعد فيه حالة الرفض لدور مصري، سواء في الشارع أو بين القوى السياسية.

وأضافت المصادر، أن أخطر ما أبلغه البرهان للمسؤولين في مصر، هو تنامي حالة الرفض للدور المصري داخل دوائر بالمؤسسة العسكرية السودانية، وهو ما يعد تطوراً خطيرا.  وأكدت أن القاهرة تتعاطى بشكل جدي مع التقارير القادمة من السودان، بشأن حالة الشارع هناك، وصورة مصر في الأوساط السودانية.

وكشفت مصادر مصرية خاصة، في وقت سابق، عن رفض ممثلي قوى الثورة السودانية لقاء وفد مصري رفيع المستوى من جهاز المخابرات العامة، زار الخرطوم أخيرا.

وأوضحت أنهم رفضوا ما وصفوه بالتعاطي المصري مع الأزمة السودانية من منظور أمني، وهو ما دفع القاهرة لبحث إجراءات من شأنها تحسين سمعتها لدى الشارع والقوى المدنية السودانية.

وفي محاولة لتحسين الصورة المصرية، وتلطيف الأجواء لدى المؤسسة العسكرية والشارع السوداني، دفعت القاهرة بأربع طائرات عسكرية محملة بـ120 طناً من المساعدات والأدوية والمعدات الطبية التي يحتاجها السودان، بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها.

inbound390088545017206454.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً