post

الصغير شامخ: ملاحظات بعد "الأحدين"

صحافة محلية الثلاثاء 05 أكتوبر 2021

الصغير شامخ - كاتب صحفي

 نلاحظ اليوم اختلافا واضحا في التعامل مع المتظاهرين أمنيا، هذا ما يؤكّد الزج بمؤسسات وأجهزة الدولة في صراع "الحاكم-الفرد" ضد معارضيه. كما أنَ اختلافا واضحا في التعامل الإعلامي مع المتظاهرين الأمر الذي يؤكّد أن الانقلاب يحظى بدعم الاعلام العمومي والخاص..
إنَ الأحزاب التي دعت وادّعت حشد أنصارها لمظاهرة 3 أكتوبر وجدت نفسها مجددا في التسلّل أمام الشعارات المناهضة للأحزاب والتي تطالب سعيد بتجاهل دعواتهم للحوار، علما أنه لم يستشرهم ولم يعرهم أي اهتمام منذ 25 جويلية..
الرسالة الوحيدة التي نجحت وقفة "هشتكنا وبشتكنا يا ريّس" في تبليغها هي أنه لا وجود لإجماع وأن هناك حالة انقسام حادة.. هذا بالضبط نقيض ما يروج له قيس سعيّد ومن يدعمونه.. وهنا تحديدا يقع الانتصار السياسي لوقفة مواطنون_ضد_الانقلاب يوم 26 سبتمبر.. إذ كانت وقفة 3 أكتوبر كانت "خدمة على وجه الفضل" لوقفة 26 سبتمبر..
ففي مسيرة المناشدة الأولى (السبت 25 سبتمبر) أحرقوا دستور الجمهورية مستأسدين بالسلطة.. وفي مسيرة المناشدة الثانية (الأحد 3 أكتوبر) يحشدون عبر نقابة أمنية تغتصب معاني "الجمهورية" لفرض الإجهاز على الجمهورية.. 
أمَا في مظاهرة مواطنون ضد_الانقلاب بتاريخ 26 سبتمبر، استعملوا كل الطرق لمنع وصول المناهضين للانقلاب وضمان تواجد عدد محدود منهم داخل مربع تحرك محدَد مسبقا.. وفي نفس اليوم قنصل في إحدى المدن الفرنسية يشتغل "مخبرا" ليرسل تقرير وشاية نوفمبرية عن المشاركين في وقفة مناهضة للانقلاب نظَمها تونسيون بالخارج..
هذا يدعونا للقول أنَه لم يعد القطار الحقيقي خفيا، إذ تجاهلوا أنهم في مواجهة مواطنين يتنفسون حرية.. لا رعايا يقايضون حريتهم بأمنهم كما يُخطَطون..
فمواطنون ضد الانقلاب ليست حركة احتجاج فلكلورية كما يريدها البعض لتكون "شارعا يتيما" يفاوض به البعض الانقلاب أو يخوض به معارك صغيرة لتحسين شروط التعايش مع الانقلاب ولا هي خطوة إلى الخلف لاستعادة منظومة 24 التفريطية..لأنهم مواطنون لا رعايا فإنهم سيواصلون مقارعة الانقلاب بخطاب العقل وبمطلب الحرية وبمضامين وطنية.. لأنهم يستحقون وطنا أفضل لا تشوّه صورته الانقلابات وعودة الاستبداد ورقصات المهرجين.. ولا مسيرات المناشدة مع نقابات البوليس.
إنَ الدساتير لا تحمي نفسها بل الشعوب هي التي تحمي دساتيرها.. وهذا جوهر ما يطلبه الرافضون للانقلاب بينما خرج غيرهم للنهب.

 

galleries/الصغر-شامخ-01.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً