post

المغرب.. هل يتولّى صديق الملك رئاسة الوزراء أم يواصل العدالة والتنمية فرض سيطرته الشعبية أم تحدث المفاجأة الانتخابية؟

المغرب العربي الأربعاء 08 سبتمبر 2021

مرآة تونس - جليلة فرج

العدالة والتنمية، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار، الحركة الشعبية، الاتحاد الاشتراكي، الاتحاد الدستوري، التقدّم والاشتراكية.. 31 حزبا، الكلّ يراهن على كسب انتخابات 2021، الكلّ يريد كسب أصوات الناخبين، الكلّ كثّف تواصله مع المواطنين، سواء عبر التواصل المباشر أو المنصات الاجتماعية، خلال حملة دعائية انتخابية انطلقت في 26 أوت الماضي، وانتهت منتصف ليل الثلاثاء، ليبدأ بعدها صمت انتخابي، تمهيدا لأول انتخابات برلمانية وبلدية متزامنة، اليوم الأربعاء 8 سبتمبر 2021، انتخابات ستحدّد ملامح المشهد السياسي في المملكة المغربية للسنوات الخمس المقبلة.

وتعدّ الانتخابات المغربية 2021، رابع انتخابات تُجرى في ظل دستور 2011، والذي تمّت المصادقة عليه باستفتاء شعبي كأحد الإصلاحات الدستورية التي جاءت استجابة لمطالب "الربيع المغربي" ممثلا في "حركة 20 فبراير".

وتجري الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية في يوم واحد للمرّة الأولى في تاريخ المغرب. وتمّ تخصيص 50 ألف صندوق اقتراع لاستقبال أصوات الناخبين، وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم الأربعاء 8 سبتمبر 2021 على الساعة الثامنة صباحا وستغلق على السابعة مساء بالتوقيت المحلي، لاستقبال 17 مليونا و983 ألفا و490 ناخبا (من أصل نحو 36 مليون نسمة)، بزيادة نحو مليونين و280 ألفا و898 ناخبا خلال خمس سنوات، أي بنسبة 14,5 %، مقارنة بالقوائم المعتمدة للانتخابات التشريعية لعام 2016. وتؤكد المعطيات أن جزءا كبيرا من هؤلاء المسجلين الجدد هم من الشباب من 18 إلى 24 سيصوتون في أغلب الأحيان لأول مرة في حياتهم، ويمثلون 8 في المئة من إجمالي الناخبين.

وتشمل قوائم انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان 395 مقعدا) 6 آلاف و815 مرشحا، فيما تضم قوائم انتخابات مجالس البلديات والجهات 157 ألفا و569 مرشحا.

ويُتوقع معرفة الحزب الفائز بالانتخابات بشكل غير رسمي، قبل منتصف ليلة الأربعاء، كما حدث في انتخابات 2011 و2016.

المنافسة على أشدّها

وتنحصر المنافسة، وفق عديد التوقعات، بين أربعة أحزاب، وهي كل من العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي الحالي) الذي يراهن على قيادة الحكومة المغربية للمرّة الثالثة على التوالي، والذي قاد الحكومة للمرّة الأولى في تاريخ المغرب، منذ فوزه في الانتخابات البرلمانية عام 2011 وما تلتها في 2016، والتجمع الوطني للأحرار (ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي) الذي يضع في أولوياته إزاحة الإسلاميين، وحزب الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض في المغرب) وحزب الاستقلال (أعرق الأحزاب المغربية). وتبدو حظوظ هذه الأحزاب الأربعة متقاربة، فيما ستبحث الأحزاب الأخرى عن زيادة مقاعدها أو ضمان حضورها في المؤسسات التمثيلية.

وخلال الحملة الدعائية، أبدى أغلبهم مرونة واستعدادا لعقد التحالفات بعد الانتخابات. واعتبر حزب العدالة والتنمية أنه من السابق لوقته الحديث عن طبيعة التحالفات، ويرى الاتحاد الاشتراكي أنه الأكثر قدرة على التحالفات، وأكد حزب الحركة الشعبية أنه لا عداء له ولا خطوط حمراء له في التحالفات. في حين يقدّم حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه على أساس هو البديل المرجوّ. ولا يرى حزب الأصالة والمعاصرة مانعا من التحالف مع العدالة والتنمية (غريمه السابق) لتشكيل الحكومة المقبلة. ويؤكد حزب الاستقلال أن التحالفات لتشكيل الأغلبية الحكومية ستبنى على البرنامج الانتخابي ولا مشكلة لديه في التحالف مع أي طرف سياسي. ويقول حزب التقدّم والاشتراكية إن يده ممدودة إلى مختلف الفاعلين من أجل خدمة البلاد والنهوض بالتنمية.

ورغم هذه المرونة، إلا أن أغلب هذه الأحزاب تبادلت الاتهامات خلال الحملة الدعائية، وحاول كل حزب سحق خصمه، حيث اتهمت عدد من الأحزاب رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش بتمويل حملته الانتخابية بطريقة غير قانونية. وقال حزب الأصالة والمعاصرة إن التجمع الوطني للأحرار "أغرق المشهد السياسي بالأموال". كما اتهمه البعض بـ"تدجين" حزب العدالة والتنمية حتى أدت مناوراته للإطاحة بعبد الإله بنكيران، الزعيم الشعبوي للحزب، ورئيس الوزراء السابق، الذي شكل تهديدا على الملكية وسلطتها، حسب رأيهم.

واعتبر البعض الآخر أن أخنوش، هو صديق الملك وهو الشخصية المفضلة لدى الملك، وبنى سمعته كرئيس لوزراء الزراعة على مدى 15 عاما. ولا يخفي أخنوش ولاءه للملك حيث قال في وقت سابق: "الفرصة الوحيدة للبلد تأتي لو كان لجلالته رؤية طويلة الأمد تحدد الأولويات الاقتصادية والتنمية، وكونه موجودا للتأكيد على استمرارية هذه الاستراتيجيات في كل البلاد". و"أؤكد أن الملك هو استراتيجي عظيم، وما يحتاجه هو رجال ونساء لديهم الكفاءة لتطبيق هذه الرؤية العظيمة للمستقبل". ويعتقد آخرون أن المرشح المقرب من الملك سيتمكن بيسر من حصد مقاعد برلمانية تؤهله للفوز.

وفي ظل واقع سياسي مختلف، أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخصّ بدرجة أولى تطبيق النموذج التنموي الجديد الذي وضعته لجنة عيّنها العاهل المغربي. ورغم أنه في بداية الربيع العربي منح مزيدا من السلطات للبرلمان المنتخب والحكومة، يرى البعض أنه مهما كانت نتائج الانتخابات، فسيظل الملك السلطة السياسية والأمنية والعسكرية والدينية العليا، حيث يقوم بتعيين مسؤولين في الدفاع ووزارة الداخلية ووزراء الخارجية وحكام الولايات. ولكن رغم كل هذا تبقى للانتخابات أهمية شعبية وديمقراطية، فمن سيتصدر النتائج ويتولى قيادة الحكومة والبرلمان؟

البرامج الانتخابية

ويعتبر تعزيز الحماية الاجتماعية والإقلاع الاقتصادي أولوية جل البرامج الانتخابية للأحزاب.

وأكد العدالة والتنمية أنه يمتلك المؤهلات للفوز في هذه الانتخابات وأن حصيلته الحكومية "مشرفة"، وبرنامجه الانتخابي "يستجيب لتطلعات المواطن، وأن مرشحيه أكفاء نزيهون لا يبيعون الوهم"، حسب تأكيد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي سعد الدين العثماني في تصريح صحفي. وأوضح العثماني أن حزبه اشتغل بجدّية سواء في الحكومة وفي المعارضة، من خلال ممارسته مهامه الرقابية، و"اشتغل بمنطق القوة السياسية التي تقترح ولا تكتفي بالانتقاد، بل تسهم في البناء لا في الهدم". ويقول العثماني إن حكومته اهتمت بخدمة المواطن ودعم المقاولة وتشجيع المستثمرين، إلى جانب القطاعات الحيوية، خصوصا التعليم والصحة والتشغيل. ويراهن حزبه على استكمال ما تحقق في إصلاح الإدارة وترسيخ الحوكمة والمضي قدما في ورش الرقمنة".

ويأمل الحزب الاشتراكي أن يكون ضمن القوى الثلاث الأولى في الانتخابات، وتضمن البرنامج الانتخابي للاتحاد الاشتراكي تقوية الطبقة الوسطى وتوسيعها ومحاربة الهشاشة، واعتماد نظام جبائي عادل ومنصف لتوجيه التنمية الاقتصادية توجيها فعالا، إلى جانب تطوير الاستثمار الوطني بما يرفع من نسب النمو بنحو مطرد ومنتج لفرص الشغل، مع إيجاد تحول هيكلي في النسيج الإنتاجي لتلبية الطلب الداخلي والمنافسة في الأسواق الدولية.

من جهته، يضع حزب التقدم والاشتراكية القضايا الاجتماعية، والدور الأساسي للدولة، والمرفق العمومي، والعنصر البشري ضمن أولويات برنامجه. ويرتكز البرنامج على 3 محاور هي: الإنسان في قلب السياسات العمومية، واقتصاد قوي في خدمة التنمية والسيادة، ثم تجديد الزخم الديمقراطي وترسيخ البناء المؤسساتي.

ويطمح حزب الاستقلال في الحصول على المرتبة الأولى خلال هذه الانتخابات. ويقوم برنامجه الانتخابي على القطيعة مع سياسات الحكومة الحالية، ويلتزم بالانتقال من اقتصاد الريع إلى مجتمع الحقوق وتكافؤ الفرص بين الجميع.

ويتوقع حزب الأصالة والمعاصرة تصدّر نتائج الانتخابات، وأن يكون في الحكومة. ويؤكد الحزب في برنامجه الانتخابي على بناء اقتصاد في خدمة المجتمع، وعلى سعيه للوصول إلى "أكبر عدل ممكن في عملية توزيع المجهود التنموي الذي أسهم في تحقيقه جميع المغاربة كل من موقعه وبإمكاناته".

من ناحيته، يأمل حزب الحركة الشعبية أن يحل في استحقاقات 2021 ضمن الثلاثة الأوائل. واختار الحزب "الصحة على رأس الأولويات، وكذلك التعليم والتكنولوجيات الحديثة التي أصبحت عنصرا مهما في إدارة المقاولة وجميع القطاعات".

ويراهن حزب التجمع الوطني للأحرار على تصدّر استحقاقات 2021، وقيادة الحكومة. وتضمن برنامجه الحماية الاجتماعية وتوفير خدمات صحية جيدة، ومضاعفة ميزانية قطاع الصحة، وتحقيق تعليم جيد، والقدرة على حيازة بطاقة الرعاية الاجتماعية.

 

news/انتخابات-المغرب.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً