post

الناخبون الفرنسيون يصوتون لاختيار برلمان جديد.. هل يحدث تحالف اليسار المفاجأة أم يحسم تحالف ماكرون مصير الأغلبية؟

العالم الأحد 12 جوان 2022

يتجه الفرنسيون اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات التشريعية، التي تجرى على جولتين، الأولى في 12 والثانية في 19 من الشهر الحالي، حيث سيحتاج الحزب الفائز إلى 289 مقعدا لتشكيل حكومة أغلبية.

وبعد نحو شهر ونصف شهر على فوزه بولاية رئاسية ثانية وأخيرة، يخوض ماكرون معركة طاحنة، اليوم الأحد، في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، في مواجهة اليسار واليمين، في محاولة لفرض سيطرته على "الجمعية الوطنية" (البرلمان).

ويسود الترقب في فرنسا قبيل إجراء الدورة الأولى من انتخابات تشريعية ستحسم مصير الأغلبية المطلقة التي يحظى بها الرئيس إيمانويل ماكرون في الجمعية الوطنية، في مواجهة ائتلاف يساري بقيادة جان لوك ميلانشون.

ويحق لقرابة 48 مليون ناخب فرنسي التصويت لتجديد كل مقاعد البرلمان، أي 577 نائبا في هذا الاقتراع الذي يجري في دورتين، الأولى اليوم الأحد، والثانية في 19 من الشهر الحالي.

وبدأ التصويت اعتبارا من أمس السبت في عدة مناطق فرنسية ما وراء البحار، خصوصا غوادالوب والمارتينيك. ومن المتوقع ظهور نتائج الانتخابات التشريعية مساء اليوم الأحد في هذه المناطق وفي باقي المناطق الفرنسية.

وانتهت الحملة الانتخابية التي لم تجتذب كثيرا الفرنسيين أول أمس الجمعة، وأشارت استطلاعات رأي نُشرت نتائجها إلى أن ائتلاف "معا" الذي يضم ماكرون وحلفاءه من تيار الوسط يواجه منافسة قوية من ائتلاف أحزاب يسارية بقيادة ميلانشون.

معركة شرسة 

ويدرك ماكرون أن معركته مع الائتلاف اليساري "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" (نوبيس) بزعامة ميلانشون، أكثر شراسة من تلك التي مع اليمين المتطرف، خصوصاً أن ميلانشون كان واضحاً في تحديد أهداف حملته، وفي مقدمتها الحيلولة دون تمكن ماكرون من تحقيق فوز يمنحه الأغلبية في البرلمان، بما يؤمن له فرض ما يسميه "حكومة تعايش".

أما اليمين المتطرف بزعامة لوبان، فتتعدد حساباته، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات الرئاسية، وما أظهرته من تطبيع شعبي مع خطاب اليمين المتطرف. وستشكل الانتخابات التشريعية فرصة ثانية لمعرفة حجم التقدم الذي سيحققه اليمين المتطرف مقارنة بانتخابات 2017 في ظل التحولات التي تشهدها فرنسا.

وتمتد ولاية المجلس النيابي الجديد لخمس سنوات، فيما تجرى الانتخابات على مستوى الدوائر الانتخابية كل على حدة، وعلى دورتين انتخابيتين. وللفوز بمقعد النائب، يجب على المرشح الحصول في الجولة الأولى على الأغلبية المطلقة للأصوات، وعدد مساوٍ لربع عدد الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية. أما لخوض الجولة الثانية، فيجب على المرشح أن يكون حاصلاً على عدد من الأصوات، تصل نسبته إلى 12.5 في المائة على أقل تقدير من عدد الناخبين المسجلين. وفي الجولة الثانية، تكفي الأغلبية النسبية للفوز. وفي حال تعادُل المرشحين، يفوز المرشح الأكبر سناً.

برنامجان متنافسان

ودعا الرئيس الفرنسي في نهاية الحملة الانتخابية مواطنيه إلى منحه "أغلبية ساحقة وواضحة" في الانتخابات التشريعية.

وعلى غرار الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أفريل الماضي، قدم ماكرون نفسه على أنه حصن ضد "التطرف"، والذي يجسده في نظره أقصى اليسار بزعامة ميلانشون، وأقصى اليمين بزعامة مارين لوبان، ووعدت حكومة ماكرون بالزيادة في معاشات التقاعد، وتنفيذ تدابير إضافية لحماية القوة الشرائية للفرنسيين مثل اعتماد بعض التخفيضات الضريبية.

وفي المقابل، أثبت ميلانشون (70 عاماً)، السياسي المخضرم الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية، أنه خصم ماكرون الرئيس، متقدما على لوبان، المرشحة النهائية في الانتخابات الرئاسية.

ويتزعم ميلانشون تحالفا غير مسبوق NUPES يضم الاشتراكيين والشيوعيين والخضر، بالإضافة إلى حزبه "فرنسا الأبية"، ويطمح ميلانشون إلى الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية، مما سيمكنه من فرض تشارك السلطة مع الرئيس ماكرون، بحيث يعينه رئيسا للحكومة.

ويقترح تحالف ميلانشون برنامجا اقتصاديا يقضي بضخ 250 مليار يورو في الاقتصاد، تتضمن 125 مليارا من المساعدات والدعم، وإعادة توزيع الثروة.

استطلاعات الرأي

ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي أُجريت بين 3 جوان الحالي و10 منه، لشركات "هاريس ـ انترأكتيف" و"إيفوب ـ فيدوسيال" و"إيبسوس ـ سوبرا ستيريا" و"أوبينيونواي ـ كيا" و"كلاستر 17" و"إيلاب"، فإن تحالف "معاً" بزعامة ماكرون سينال ما بين 26 و28 في المائة من نيات المستطلعين. وفي المقابل، سينال تحالف "نوبيس" ما بين 24 و29.5 في المائة. أما اليمين المتطرف، فيحصد ما بين 19.5 و21 في المائة من الأصوات.

وتعني هذه الاستطلاعات أن تحالف ماكرون من المرجَّح أن ينال ما بين 260 و335 مقعداً في البرلمان الجديد، من أصل 577. أما تحالف ميلانشون، فسيكسب ما بين 120 و230 مقعداً، بينما تحصد لوبان ما بين 15 و65 مقعداً.

ويسعى ماكرون لضمان 289 مقعداً، لتشكيل الغالبية المطلقة، وتكريس نفوذه في الإليزيه، ورئاسة الحكومة بعد تعيينه إليزابيث بورن رئيسة لها في 16 ماي الماضي، والبرلمان. وهو ما دفعه إلى القيام بحملة انتخابية، انتهت مساء الجمعة، بموجب القانون الانتخابي، طرح فيها نفسه "حصناً أمام المتشددين".

مقاطعة محتملة

من ناحية أخرى، توقع معهد "إيبسوس سوبرا ستيريا" أن تكون نسبة عزوف الناخبين عن التصويت كبيرة، إذ من المرجح أن تسجل الدورة الأولى نسبة عزوف تتراوح بين 52% و56%، في حين كانت بحدود 51.3% في انتخابات 2017.

وقال برونو جانبار، من معهد "أوبينيونواي ـ كيا"، في حديث إلى إذاعة "كلاسيك" الجمعة: "كان هناك عدم اهتمام كامل منذ البداية بالحملة، وقد ازداد مع الوقت. هذا مؤشر أيضاً، كما اعتقد، على سأم انتخابي"، وأشار إلى أنه يتوقع "نسبة قياسية من الامتناع عن التصويت"، ولا سيما لدى الشباب.

مع العلم أن الفرنسيين المقيمين في الخارج، وفي بولينيزيا الفرنسية، أدلوا بصوتهم، فيما تمكن بعضهم من الإدلاء بأصواتهم عبر الإنترنت حتى الأول من جوان الحالي. كذلك بدأ التصويت، أمس السبت، في عدة مناطق فرنسية خلف البحار، خصوصاً في المارتينيك وغوادلوب.

تركيبة البرلمان الحالي

يتمتع الرئيس ماكرون في البرلمان الحالي (2017 - 2022) بأغلبية مريحة بـ 308 مقاعد من أصل 577، وبحساب الكتل الصغرى المتحالفة التي صوّتت لصالح قراراته يصل عدد المقاعد المساندة لماكرون في البرلمان الحالي إلى 346.

أما زعيم اليسار الراديكالي، جاك لوك ميلانشون، فلا يحتكم إلا إلى 17 نائباً يمثّل حزبه "فرنسا غير الخاضعة"، وإذا كان اليوم يمكنه منافسة مرشّحي ماكرون، فإنّ ذلك يأتي بفضل تحالفه الموسع مع الأحزاب الاجتماعية والإيكولوجية، وخصوصاً الحزب الاشتراكي الذي يملك في البرلمان الحالي 30 مقعداً، ويمثّل الحزب الأكثر خبرة في الحياة السياسية باعتبار أنه يمثّل مع أحزاب قليلة أخرى مؤسسات سياسية عريقة لها تقاليدها في العلميات الانتخابية كما أنها خبرت كواليس الدولة بفضل حضور أعضائها في الحكومات المتعاقبة.

وبالنسبة إلى الكتلة التي تتزعّمها مارين لوبان في البرلمان الحالي فهي لا تتجاوز الثمانية مقاعد، لكنها ورغم أنها غير مرشحة لنيل أغلبية نسبية أو مطلقة، فإن عدد نوابها بعد استحقاق جوان 2022 مرشّح للزيادة.

ومن المتغيرّات المنتظرة في تركيبة برلمان انتخابات 2017 والبرلمان المنتظر هو تراجع كتل، تسمى عادة بالوسطية، مثل "الجمهوريون" (حالياً له 112 نائبًا) خصوصاً بعد النتيجة المخيّبة لزعيمته فاليري بيكريس خلال الرئاسية وعدم بلوغها عتبة الـ5 بالمائة، و"الحركة الديمقراطية" بزعامة فرانسوا بايرو والذي يدير 42 مقعداً في البرلمان الحالي لكنه مرشّح لفقدان عدد كبير منها.

inbound1236946590298386008.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً