post

بسبب المغرب.. الجزائر تعلّق معاهدة "الصداقة" مع إسبانيا

العالم الخميس 09 جوان 2022

قرّرت الجزائر، أمس الأربعاء، تعليق "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمتها قبل 20 عامامع إسبانيا، على خلفية تغيير مدريد موقفها في ملف الصحراء الغربية باتجاه دعم موقف المغرب، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية، فيما عبرت مدريد عن أسفها من قرار قصر "المرادية".

وبعد أن اعتبرت أن السلطات الإسبانية تبنت موقفها في "انتهاك لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية"، قررت الجزائر "المضي قدما في التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها في 8 أكتوبر 2002 مع إسبانيا والتي حددت تطوير العلاقات بين البلدين" وفقا لرئاسة الجمهورية الجزائرية.

وقالت الرئاسة الجزائرية، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية: "باشرت السلطات الإسبانية حملة لتبرير الموقف الذي تبنته إزاء الصحراء الغربية والذي يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية كقوة مديرة للإقليم والتي لا تزال تقع على عاتق مملكة إسبانيا إلى غاية إعلان الأمم المتحدة عن استكمال تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية".

وأضافت الرئاسة: "نفس هاته السلطات التي تتحمل مسؤولية التحول غير المبرر لموقفها منذ تصريحات 18 مارس 2022 والتي قدمت الحكومة الإسبانية الحالية من خلالها دعمها الكامل للصيغة غير القانونية وغير المشروعة للحكم الذاتي الداخلي المقترحة من قبل القوة المحتلة، تعمل على تكريس سياسة الأمر الواقع الاستعماري باستعمال مبررات زائفة"، حسب الوكالة الرسمية.

وتابعت: "إن موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام, ويساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وبالمنطقة قاطبة"، وفقا للمصدر ذاته.

مدريد تأسف

من جانبها، عبرت إسبانيا عن "أسف" لقرار الجزائر تعليق معاهدة تعاون ثنائية دبلوماسية، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وقالت مصادر دبلوماسية إسبانية إن إسبانيا "تأسف" لقرار الجزائر الأربعاء تعليق اتفاق التعاون بين البلدين بعدما غيرت مدريد موقفها من قضية الصحراء الغربية ليتماشى مع الموقف المغربي.

وأوضحت المصادر ذاتها أن "الحكومة الإسبانية تأسف لإعلان الرئاسة الجزائرية تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون". وأضافت أن إسبانيا "تعتبر الجزائر دولة مجاورة وصديقة وتكرر استعدادها الكامل للاستمرار في الحفاظ على علاقات التعاون الخاصة بين البلدين وتنميتها".

انزعاج جزائري

وأواخر أفريل الماضي، أعرب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن رفضه للتحول في موقف إسبانيا إزاء قضية الصحراء الغربية، واعتبر أن ذلك "غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا".

ومدريد التي لطالما التزمت الحياد بخصوص مسألة الصحراء الغربية، أعلنت في 18 مارس الماضي على لسان رئيس وزرائها بيدرو سانشيز، عن دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية، معتبرة إياها "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع".

وفي ردها، أعربت الجزائر عن استغرابها من "الانقلاب المفاجئ" في الموقف الإسباني، واستدعت سفيرها بمدريد في 19 مارس. وفي 26 أفريل الماضي، أعلن الرئيس تبون رفضه عودة السفير الجزائري إلى مدريد، وأعلنت الحكومة الجزائرية أن عودة السفير الجزائري إلى مدريد مرتبطة "بتوضيحات مسبقة وصريحة من قبل مدريد لإعادة بناء الثقة التي تضررت بشدة"، وأكدت أن "عودة السفير الجزائري لن تتم قبل إعادة بناء الثقة المتضررة بشكل خطير على أسس واضحة ومتوقعة ومطابقة للقانون الدولي".

تداعيات القرار

ولا يعرف في الوقت الحالي طبيعة التداعيات السياسية والاقتصادية التي تترتب على قرار الجزائر إلغاء معاهدة الصداقة، لكنها قد تؤثر على التفاهمات السياسية القائمة بين البلدين في عدة مجالات وقضايا، بما فيها ملف الطاقة، ويؤشر على أن العلاقات بين الجزائر ومدريد تتوجه إلى التأزم أكثر وتمر بأسوأ فتراتها.

ويعد هذا القرار خطوة ثالثة من نوعها تتخذها الجزائر في سياق تطورات الأزمة السياسية بين البلدين، بعد قرار الجزائر سحب السفير، ثم وقف التعاون الكامل مع إسبانيا في ملف الهجرة غير نظامية ورفض تسلم وعودة المهاجرين غير النظاميين وترحيلهم إلى الجزائر.

وكانت وزارة الطاقة الجزائرية هددت بداية ماي الماضي بقطع إمدادات الغاز عن إسبانيا، في حال أخلت بالعقود المبرمة بين البلدين بشأن توريد الغاز الجزائري أو إعادة توجيهه إلى أي بلد آخر.

وأكد بيان لوزارة الطاقة حينها أن "أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستعتبر إخلالاً بالالتزامات التعاقدية".

تواصل النزاع

ويتنازع على الصحراء الغربية، وهي منطقة صحراوية شاسعة غنية بالفوسفات والثروة السمكية، المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

وتقترح الرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80 بالمئة من هذه المنطقة، منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، بينما تدعو البوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير نصت عليه اتفاقية لوقف إطلاق النار أبرمت في عام 1991 لكنها بقيت حبرا على ورق.

وتم انتهاك وقف إطلاق النار في نوفمبر 2020 بعد انتشار القوات المغربية في أقصى جنوب الإقليم لطرد الانفصاليين الذين كانوا يغلقون الطريق الوحيد إلى موريتانيا. ومنذ ذلك الحين، تقول البوليساريو إنها "في حالة حرب دفاعا عن النفس" وتنشر نشرة يومية عن عملياتها.

معاهدة الصداقة

ووقعّت الجزائر وإسبانيا في مدريد، بتاريخ الثامن من أكتوبر 2002 "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" من 21 بندا، توافق فيها الجانبان على مبادئ سياسية أساسية لحل المشكلات بينهما بشكل وديّ، والتعاون الثنائي في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب.

وتضمنت الاتفاقية بنودا بشأن التنسيق في المجال الأمني والهجرة السرية، وتعزيز التعاون بين المؤسسات القضائية في الشؤون المدنية والتجارية والجنائية والإدارية.

كما تلزم المعاهدة الطرفين، بتعزيز التعاون بين قواتهما المسلحة، مع إيلاء اهتمام خاص لتبادل الوفود، وعقد دورات التدريب والتحسين، وتنظيم التدريبات المشتركة.

كما تنص على تنفيذ برامج مشتركة للبحث والتطوير وإنتاج أنظمة الأسلحة والمواد والمعدات الدفاعية الموجهة لتغطية احتياجات الطرفين من خلال تبادل المعلومات التقنية والتكنولوجية والصناعية.

وتدعو إلى احترام القانون الدولي والاعتراف بالحق في المساواة القانونية، وسلامة الأراضي، والاستقلال السياسي، واحترام حق كل طرف في اختيار وتطوير نظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي بحرية، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد، وتعزيز الإجراءات الهادفة إلى خلق فضاء ثقافي مشترك.

كما نصت الاتفاقية، التي ألغيت اليوم من جانب واحد، على عقد اجتماع رفيع المستوى، يجمع رئيسا حكومتي البلدين مرة بالعام، بالتناوب في إسبانيا والجزائر، وكذلك اجتماع وزاري يجمع وزيرا خارجية البلدين مرة بالتناوب أيضا.

وتنص أيضا على أن يعمل الطرفان، على تعزيز وتقوية التعاون الاقتصادي والمالي، من أجل السعي إلى تنشيط وتحديث الاقتصاد الجزائري عبر  تشجيع الاستثمارات المتبادلة.

وتشجع الاتفاقية التعاون في مجالات التربية والتعليم، من خلال تبادل الطلاب والأساتذة والباحثين الجامعيين والتوثيق العلمي والتربوي، والاهتمام بتدريس اللغة والحضارة الإسبانية في الجزائر والعربية في إسبانيا، وإنشاء وتشغيل مراكز ثقافية متبادلة.

وتتضمن الاتفاقية التعاون في المجالين السمعي البصري، وتولي اهتماما خاصا بالتصوير السينمائي وشبكات الكمبيوتر والبرامج التعليمية والثقافية والفنية، والبثّ الرياضي.

inbound4953738072225201835.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً