صعدت نجمة التنس التونسية أنس جابر إلى المركز السابع في ترتيب لاعبات التنس الصادر اليوم الإثنين 9 ماي 2022، وهي التي باتت أول لاعبة تنس عربية تُحقق لقبين في بطولتين كبيرتين (مدريد وبيرمنغهام).

وتقدمت جابر ثلاثة مراكز في الترتيب عقب فوزها بلقب دورة مدريد المفتوحة فئة 1000 نقطة يوم السبت الماضي، لتحتل بذلك المركز السابع، وهو أفضل ترتيب لها في مسيرتها حتى الآن.

وسبق أن نشرت البطلة التونسية تدوينة على صفحتها الرسمية على الفايسبوك عبّرت من خلالها عن فرحتها إثر تتويجها بلقب دورة مدريد المفتوحة عقب فوزها أمام الأمريكية جيسيكا بيغولا بمجموعتين لمجموعة.

وقالت جابر في التدوينة التي أرفقتها بصور من تتويجها بلقب دورة مدريد المفتوحة "الأحلام تتحقق، أحبكم جميعاً.. شكراً مدريد، شكرا لكل من جاء هنا لمساندتي، أنا ممتنّة حقاً، شكراً لعائلتي و لفريقي، كريم، عصام وميلاني.. أنتم رائعون".

ولم يسبق للتونسية صاحبة الـ 27 سنة أن وصلت إلى المباراة النهائية في أحدى بطولات الألف نقطة ونجحت من أول محاولة في التتويج باللقب.

وعلى صعيد باقي المراكز في التصنيف، لم يتغير الكثير في قائمة الـ 18 الأوليات كالصدارة التي حافظت عليها الشابة البولندية، إيغا شفيونتيك، في وقت عادت التشيكية، باربورا كرايتشيكوفا، إلى الوصافة على حساب الإسبانية، باولا بادوسا.

وتسعى جابر لمواصلة العروض القوية التي تُقدمها في ملاعب التنس وخصوصاً في البطولات الكبيرة القادمة وتحديداً منافسات الغراند سلام، وذلك في إطار سعيها لتحقيق ألقاب إضافية في مسيرتها تُساعدها على التقدم في التصنيف العالمي للمحترفات.

الإعلام العالمي يحتفي بإنجاز جابر

وتناولت وسائل الإعلام العالمية تألق نجمة التنس التونسية، باهتمام كبير وعناوين احتفالية، عقب تتويجها بلقب بطولة مدريد المفتوحة، لتدخل تاريخ اللعبة من أوسع أبوابه.

واعتبرت مجلة "ليكيب" الفرنسية أن فوز جابر جاء بفضل قوتها المعنوية في الشوط الثالث، إذ سمح لها باستعادة التفوق عندما تغلب التعب على المتنافستين، ورفعت النسق الذي لم تقدر عليه منافستها الأميركية.

وسلط موقع "أوغوغو" البرتغالي الضوء على الجانب التاريخي لإنجاز النجمة التونسية، واعتبر أن جابر أمست أول عربية وأفريقية تنال هذا الاستحقاق المهم، من 1000 نقطة، واستمر تألقها طيلة ساعة و57 دقيقة وحاربت من أجل بلوغ هدفها.

ووصفت صحيفة "سكاي سبورت" في نسختها الإيطالية تتويج جابر بدورة مدريد بالإنجاز التاريخي، وهو امتداد لتألقها في بطولة برمنغهام، شهر جوان الماضي، وواصلت الارتقاء في ترتيب أفضل اللاعبات لتُصبح رقم 7 بفضل إنجاز تاريخي.

وأكد موقع "يوروسبورت" في نسخته الإنكليزية أن تفوق أنس كان واضحاً خلال معظم الأشواط، ولم تترك مجالاً لمنافستها الأميركية رغم صعوبة المهمة، في مواجهة شهدت متابعة كبيرة هذه المرة، بعد تلاشي فيروس كورونا وحضور الجماهير، مما شكل حافزاً للتونسية من أجل التألق.

وركزت صحيفة "ماركا" الإسبانية في مقالها على جدارة جابر في الانضمام إلى قائمة فخرية تجمع المتوجات بدورة مدريد، بفضل عمل واجتهاد وتطور متواصل، وميزات تمتلكها مثل الهدوء في اللعب، فبفضله نجحت في استنزاف عدد كبير من نقاط المنافسة الأميركية، وتغلبت عليها لأنها تلعب مثلما تفكر، حسب وصف كاتب المقال.

وعنون موقع "تنس نت" الناطق بالألمانية مقال إشادة مطول بالنجمة التونسية: "أنس جابر تحتفل بأكبر لقب في تاريخها"، وتجاوزت منافستها الأميركية التي خلقت لها عديداً من الصعوبات، لكن الكلمة الأخيرة كانت لأنس.

مكاسب ثمينة

وأتاح التتويج بلقب بطولة مدريد للتنس، من فئة 1000 نقطة، غير المسبوق لأنس جابر مكاسب عديدة للنجمة التونسية على عديد من المستويات، مما يعكس أنها باتت فعليا واحدة من أفضل لاعبات كرة المضرب في العالم، خلال الفترة الحالية.

ويصرّ عشّاق جابر على تسمية نجمتهم الكبيرة بـ"فخر العرب" وكذلك "وزيرة السعادة"، وذلك لما صنعته من تتويجات وأفراح لم يتعوّد عليها التونسيون في رياضة التنس من قبلها، وباتت أنس أول عربية وأفريقية تتوج بلقب بطولة من حجم 1000 نقطة.

كسر عقدة النهائيات

وحصلت ابنة مدينة قصر هلال على أول لقب في مسيرتها العام الماضي، تحديداً في بطولة برمنغهام البريطانية، لكنها في المقابل فشلت خلال 4 نهائيات أخرى في التتويج، ما يؤكد أنها كسرت العقدة على الأراضي الإسبانية هذا الموسم، عندما حصدت اللقب الثاني في مسيرتها الاحترافية.

جائزة مادية ضخمة

وغنمت جابر جائزة مادية ضخمة بعد تتويجها بلقب بطولة مدريد، وبقيمة مليون و41 ألف دولار (قرابة 3.5 ملايين دينار تونسي)، وهي المكافأة المادية الكبرى والأعلى في تاريخ جابر، التي أثبتت في عديد من المناسبات أنها تدعم الفئات الفقيرة في تونس وتساعدها مادياً.

الجهاز الفني التونسي يكسب الرهان

وبرهنت جابر بهذا التتويج على أن فريق عملها المتكون من المدرب عصام الجلالي ومدرب اللياقة، وهو زوجها كريم كمون، كسب الرهان وردّ على حملة التشكيك التي يتعرضون لها عند كل مشاركة مخيبة لأنس، ولم تكترث جابر لدعوات المتابعين لتبديل مديرها الفني بآخر أجنبي، ومنحت كل ثقتها لأبناء بلدها، فكانت النتيجة وصولها إلى مستوى فني وبدني عالٍ جداً.

من هي أنس جابر؟

ولدت النجمة التونسية، أنس جابر في عام 1994، بمدينة قصر هلال التابعة لولاية المنستير، وتعلقت بكرة المضرب منذ نعومة أظافرها، بسبب لعب والدتها للتنس بشكل هاوٍ، لتبدأ رحلتها مع الكرة الصفراء بعد أن بلغت الأربع سنوات تحت إشراف مدرب مختص.

واستمرت جابر بتلقي التدريبات، حتى بلغت سن الثالثة عشرة في عام 2007، عندما خاضت أول بطولة للتنس في حياتها، وكانت في لبنان، وحققت حينها لقب الزوجي، لتسافر في عام 2009 إلى الإمارات، من أجل خوض بطولة الفجيرة للتنس للناشئين.

وفازت جابر بأول لقب فردي من الدرجة الخامسة، وفي وقت لاحق من عام 2009، احتلت المركز الثاني في بطولة المغرب الدولية للناشئين من الدرجة الثانية، وحققت بطولة سماش الدولية للناشئين من الدرجة الثانية في مصر.

الدخول لعالم الكبار

ولكن جابر دخلت عالم الكبار في التنس عام 2013، عندما حلت في المركز الـ200 بتصنيف كرة المضرب، إلا أن تحولها الحقيقي كان في عام 2017، بعدما أصبحت ضمن قائمة الـ100 الأوائل عالمياً، عقب وصلوها إلى الدور الثالث من بطولة "رولان غاروس"، وفوزها على المصنفة السابعة حينها دومينيكا سيبلكوفا.

وفي عام 2018، تمكنت أنس جابر من الوصول إلى النهائي في كأس الكرملين، عقب التغلب على 3 لاعبات من المصنفات الـ25 الأوائل عالمياً، لتواصل بعدها النجمة التونسية المشاركة في الجدول الرئيسي لبطولات "الغراند سلام" منذ عام 2019.

وتتالت بعد ذلك الانتصارات، حتى أصبحت النجمة التونسية مصنفة ضمن الـ50 الأوائل عالمياً، وذلك عقب الفوز على جوهانا كونا وكارولين غارسيا وكارولين فوزنياكي، في أستراليا المفتوحة عام 2020، لتصبح بذلك أول لاعبة عربية تتمكن من الوصول إلى ربع نهائي بطولة "الغراند سلام".

ولم تستعجل جابر طريق النجاح، لأنها أدركت قدومه على طبق من ذهب، شرط العمل الجاد والكفاح والصبر، لتثبت النجمة التونسية لجميع الجماهير الرياضية، بأنها سيدة التنس العربية بلا منازع، بعدما دخلت تاريخ عالم كرة المضرب، بفوزها بإحدى بطولات الألف نقطة.