post

جمعيات نسوية: القانون الانتخابي يكرّس المشروع السياسي الشخصي لسعيّد الذي يستهدف النساء بشكل واضح

سياسة الخميس 20 أكتوبر 2022

جدّدت مجموعة من الجمعيات النسوية، الأربعاء 19 أكتوبر 2022، تأكيد رفضها المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي. واعتبرت أنه جاء ليكرّس المشروع السياسي الشخصي للرئيس قيس سعيّد ما بعد 17 ديسمبر 2022، تاريخ تنظيم الانتخابات التشريعية القادمة.

وقالت أستاذة القانون الدستوري هناء بن عبدة، في كلمة لها خلال ندوة صحفية عقدتها الديناميكية النسوية (مجموعة من الجمعيات النسوية) تحت عنوان "رؤى تقاطعية حول المسار الانتخابي في تونس" بالشراكة مع منظمة "مراقبون" والبوصلة والجمعية التونسية للقانون الدستوري، إن أكثر ما يميز المرسوم عدد 55 هو أنه جاء بإرادة منفردة من قيس سعيّد ليكرس مشروعًا شخصيًا للمشهد السياسي ما بعد الانتخابات القادمة.

واعتبرت بن عبدة أنه يمثل تراجعًا كبيرًا لمبدأ التناصف بمقتضى نظام الاقتراع على الأفراد الذي قالت إنه سيكون ضحاياه النساء والشباب والفئات الهشة، وأشارت إلى أنه "لا وجود لأيّ آلية تكرّس وجود الشباب في البرلمان، حسب رأيها.

كما تطرقت إلى الحديث عن العقوبات المتعلقة بتلقي تمويل أجنبي، وانتقدت "اقتصار القانون على معاقبة النائب فيما يتعلق بفقدان الصفة والعضوية والعقوبة السجنية، بينما لا يفقد رئيس الجمهورية صفته ولا يسجن إذا ثبت تلقيه تمويلًا أجنبيًا"، وفق تصريحها.

القانون الانتخابي كان صادما

​من جهتها، أكدت عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نبيلة حمزة أن القانون الانتخابي كان صادمًا لما جاء فيه من حيف وتراجع عن الحقوق والحريات والمكتسبات ومبدأ التناصف الذي ناضلت من أجله الجمعيات لعشرات السنوات.

وتابعت القول، في كلمة لها خلال هذه الندوة، "نحن على قناعة أن نظام الاقتراع على الأفراد سيفضي حتمًا إلى برلمان ذكوري بامتياز خاصة في ظل الثقافة الأبوية والتمييزية السائدة وانعدام تكافؤ الفرص في المناطق الداخلية والريفية"، حسب تصورها.

وأكدت حمزة أن "الإشراك الصوري للنساء، بناء على هذا القانون، سيعمّق الهوة بين النساء والرجال خاصة في مواقع صنع القرار والتشريع، وفق تقديرها. وأردفت قائلة: "هذا النظام الذي يمثل ركيزة من ركائز البناء القاعدي لقيس سعيّد سيكون مدخلًا للزبونية والمحسوبية والقبلية والمال الفاسد". وخلصت عضو جمعية النساء الديمقراطيات إلى أن هذا القانون يؤكد أن "هناك استهدافًا واضحًا جدًا للنساء من قبل الرئيس قيس سعيّد"، حسب تقديرها.

طغيان الطابع الانفرادي

بدورها، انتقدت أستاذة القانون العام والكاتبة العامة للجمعية التونسية للقانون الدستوري إقبال بن موسى ما ورد في المرسوم عدد 55 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي، واعتبرت أنه يؤكد "طغيان الطابع الانفرادي".

واستنكرت بن موسى، في كلمة لها خلال الندوة، عدم تشريك الجمعيات التي تعنى بالشأن الانتخابي في تونس والتي لديها خبرة فيه لسنوات، وعقّبت أن "ذلك ما يفسر الأخطاء البدائية الواردة في القانون"، وفق توصيفها.

وقفة احتجاجية

وكانت الديناميكية النسوية، المتكونة من مجموعة من الجمعيات التونسية النسوية، نظمت الجمعة 7 أكتوبر 2022، وقفة احتجاجية أمام مقر هيئة الانتخابات في تونس،  لـ"المطالبة بسحب المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي، والتعبير عن التمسك بمكاسب الثورة وفي مقدمتها التناصف والمساواة في الحقوق والواجبات".

ورددت المتظاهرات شعارات تؤكد رفضها القانون الانتخابي الجديد وتمسكها بآلية التناصف، من قبيل "لا تراجع لا حياد عن حقوق النساء"، "مساواة مساواة للنساء والجهات"، "نسويات نسويات ضد كل الرجعيات"، "مواطنات كاملات لا مكمّلات ولا مزكيات"، "تناصف مساواة في الحقوق والواجبات"، وغيرها من الشعارات.

كما رفعت لافتات دوّن عليها: "لا للمسار الانتخابي الذكوري"، "النساء تزكي والرجال تحكم"، "نحن مواطنات كاملات لسنا ديكورًا للتزكيات"، "التناصف في التزكيات فقط: كوني جميلة وأصمتي!".

البرلمان ذكوري بامتياز

وقالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي، في كلمة لها خلال الوقفة الاحتجاجية، إنه بناء على القانون الانتخابي الجديد، سيكون البرلمان "ذكوريًا بامتياز"، حسب تصورها.

وأكدت الزغلامي، في هذا الصدد، أنه لن يتم التراجع عن آلية التناصف كمكسب وضمانة لتواجد النساء في البرلمان وفي مواقع القرار السيادي، وذكرت بأنها "آلية جاءت نتيجة نضالات الحركة الحقوقية والحركة النسوية في تونس".

ونددت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في ذات السياق بـ"التراجع عن الدولة المدنية والمسار الديمقراطي"، وأكدت أن "الثورة التونسية تم الاعتداء عليها وعلى مكتسباتها، وفي كل مرة تعمد أطراف إلى الركوب عليها لتكون ارتدادات ذلك دائمًا على النساء على وجه خاص"، وفق تقديرها.

ضرب المكاسب

وكانت الديناميكية النسوية اعتبرت، في بيان نشرته الأربعاء 5 أكتوبر الجاري، أن "المرسوم المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي يضرب عرض الحائط بما حققته النساء التونسيات من مكاسب تضمن مشاركتها في الحياة السياسية وفي مقدمتها مبدأ التناصف"، حسب تقديرها.

وأكدت أن المرسوم "عزز التمشي الإقصائي للنساء ونسف حقهن في المشاركة في الحياة السياسية وإدارة الشأن العام"، وأشارت إلى أن "طريقة الاقتراع على الأفراد تفتح المجال أمام أصحاب النفوذ من الفاسدين وتساهم في تفجير النعرات العروشية والجهوية كما أنها أحسن طريقة لاستبعاد النساء والشباب".

وأضافت أن "الإشارة للتناصف في التزكيات تكرس نظرة تحقيريه للنساء وتختزل مواطنتهن كديكور للتزكيات وليس كمواطنات كاملات فاعلات ومتساويات"، وفق ما جاء في نص البيان.

مرسوم رئاسي

ويذكر أن الرئيس قيس سعيّد كان نشر، ليل الخميس 15 سبتمبر 2022، بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، المرسوم عدد 55 لسنة 2022 والمتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء.

وأثار المرسوم جدلًا واسعًا على الساحة التونسية، كما أثار انتقادات عدد من الأحزاب والجمعيات التي اعتبرت أنه لم يتضمن مبدأ التناصف وأنه يعزز النزعة الجهوية ويقصي الأحزاب باعتباره ينص على الاقتراع على الأفراد ويفتح المجال أمام المال السياسي فيما يتعلق بمسألة جمع التزكيات.

ومن المنتظر أن تُجرى الانتخابات التشريعية في تونس في 17 ديسمبر المقبل على أن يصوّت الناخبون في الخارج أيام 15 و16 و17 من الشهر ذاته.

وانطلقت عدة أحزاب وائتلافات في الإعلان عن موقفها من هذه الانتخابات، لتعلن أغلبها عن مقاطعتها الانتخابات، وهو ما يعني مقاطعة كل المعارضة الحالية لسياسات سعيّد تقريبًا، بينما يلقى الرجل دعم بعض الأحزاب مثل حركة الشعب والتيار الشعبي.

جمعات-نسو.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً