post

خطاب سعيّد الموعود.. هل يخدع المؤمن من جحر واحد مرّات عديدة؟

تونس الثلاثاء 14 ديسمبر 2021

مرآة تونس – جليلة فرج

أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد، في خطاب له ليلة 13 ديسمبر 2012، أنّ مجلس نواب الشعب سيبقى معلقا إلى تاريخ انتخابات جديدة. وسيكون تاريخها يوم 17 ديسمبر 2022 أي بعد سنة، وذلك وفقا لقانون انتخابي جديد بعد الانتهاء من صياغة الاستشارات والمقترحات الشعبية.

وسيتمّ وفق سعيد انطلاقا من يوم 1 جانفي 2022 تنظيم استشارة شعبية، وتم بعض الإعداد للمنصات الالكترونية وبلورة الأسئلة واضحة ومختصرة، إلى جانب تنظيم استشارات مباشرة في كل معتمدية على أن تنته يوم 20 مارس 2022 في الداخل والخارج. وأفاد رئيس الجمهورية أنّه ستتولى لجنة بعد تحديد أعضائها وتنظيم اختصاصاتها تتولى التأليف بين الاستشارات والمقترحات والإجابات قبل جوان المقبل.

وحسب سعيد، سيتم عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وغيرها على الاستفتاء يوم 25 جويلية تاريخ الاحتفال بإعلان الجمهورية وإصلاحات أخرى تتعلق بتنظيم الانتخابات وكيفية الاشراف عليها.

وأكّد قيس سعيد أنه سيتم وضع مرسوم خاص بالصلح الجزائي وفق التصور الذي تم الإعلان عنه منذ 2012، مع ترتيب الذين تعلقت بهم قضايا ترتيبا تنازليا وترقيم المعتمديات من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا ويتولى المعنيون إنجاز مشاريع للأهالي، ومحاكمة كل الذين أجرموا في حق الدولة وشعبها ومازالوا للآن يجرمون، وعلى القضاء أن يقوم بوظيفته في إطار الحياد التام.

كل من تابع خطاب الرئيس يلاحظ أن سعيّد وضع نفسه في مواجهة كل القوى السياسية والاجتماعية (أحزاب واتحادات وجمعيات) وفي مواجهة سلطات الدولة (تشريعية، وقضائية..)، ففي خطابه هذا، عاد سعيّد إلى التهجم وإلقاء التهم وسحق الجميع وسخر منهم ونكل بهم، حيث وصف مناصريه بـ"من صفقوا لـ25 جويلية" وأمعن  في إذلالهم وأكد أن همّهم الوحيد "المناصب"، وتفنّن أثناء الحديث عنهم في استعمال كل مفردات التحقير، وهم الذين عبّدوا له طريق الانقلاب ومدحوه ليلا نهارا.

كما أنه تهكّم على اتحاد الشغل ومن والاه وهو أهم قوة دعمت مسار 25 جويلية، بالحديث عن "الخيار الثالث" و"الصف الثالث" و"الاصطفاف". ومن المفروض أنه لا يوجد خيار ثالث منذ ليلة 25 جويلية فإما أن تكون مع الانقلاب أو ضدّ الانقلاب، مع الدستور والقانون والديمقراطيّة والشرعية أو مع الحكم الفردي وأوامر ومراسيم شخص واحد استولى على جميع السلط بطريقة لا دستورية ولا قانونية ولا شرعية.

وأعاد سعيّد كالعادة توجيه الاتهامات لكل النواب وكل الطبقة السياسية "المناوئين الذين دأبوا على المكر والكذب". واعتبر أن كل منظومة 14 جانفي "جائحة" "وتحدث عنها بنفس نبرة الحديث عن جائحة كورونا، واستمر في خطاب التقسيم والتشتيت بدل الجمع والتوحيد، وواصل خطاب التجهم والتوعّد للجميع دون استثناء أحد.

ولكن من التزم الصمت عن تجميد البرلمان يوم 25 جويلية في حين أنّ الفصل 80 ينصّ على بقائه في حالة انعقاد، ومن صمت عن حلّ الحكومة في حين أنّ نفس الفصل ينصّ على عدم إمكانيّة توجيه لائحة لوم للحكومة، ومن صمت عن تجديد حالة الاستثناء بلا سقف زمنيّ في حين أنّ الفصل 80 يتحدّث عن شهر فقط، ومن صمت عن المرسوم 117 الّذي نسف كلّ ما عرّفه القانون الدّستوريّ، نتمنى أن يستفيق من حقده وكرهه وأن لا ينخدع من جحر واحد عديد المرات.

وعندما تحدث الرئيس عن دستور جديد وقانون انتخابي جديد، فلماذا تحدث فقط عن الانتخابات التشريعية، وماذا عن الرئاسية؟ كما أن العديد يتساءلون حول توقيت هذا الخطاب وهذه القرارات فلماذا قرر سعيد إعلان هذه الإجراءات يوم 13 ديسمبر، بعد أن كان ينوي إعلانها يوم 17 من نفس الشهر؟

يبدو أن سعيّد حاول أن يستبق شيئا ما لعله ما راج حول تحركات شعبية معارضة للانقلاب حيث كثر الحديث حول احتجاجات منها مواطنون ضد الانقلاب في شارع بورقيبة ومنها أيضا احتجاجات ذات خلفية اقتصادية واجتماعية مثل تحرك المعنيين بالقانون 38، أو ما راج حول اعتزام البرلمان عقد جلسة قبل تاريخ 17 ديسمبر لقطع الطريق عما يمكن أن يصدر عنه، أو لعله هذا كله.

والأكيد أن كل هذه القرارات التي أعلنها سعيّد بعيدة عن الواقع وبقيت نفس المشاكل في مواضيع الصعوبات المالية والأزمة السياسية الاقتصادية والاجتماعية ولم يأت بقرار واحد يساهم في حلّ الأزمة المالية العمومية والدول المانحة وصناديق التمويل الدولية التي يرتبط بها مستقبل البلاد.

فكيف السبيل إلى الخروج من هذه الأزمة التي عصفت ببلادنا؟ وماذا ينتظرنا خلال هذه السنة؟ وهل أن فترة 17 ديسمبر 14 جانفي ستأتي بالجديد؟

shkhsyat/website-size-01.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً