post

سريلانكا.. استقالات متتالية والمحتجّون يواصلون احتلال القصر الرئاسي

صحافة الإثنين 11 جويلية 2022

نقلت وكالة رويترز عن قادة المحتجين في سريلانكا أن المتظاهرين سيستمرون في احتلال قصر الرئيس ومقر رئيس الوزراء حتى تتم استقالتهما. ويتزامن ذلك مع إعلان عدد من الوزراء في الحكومة السريلانكية استقالاتهم على وقع استمرار اعتصام المحتجين.

ووفق مسؤول حكومي لم يفصح عن اسمه، فقد قدم ما لا يقل عن 4 وزراء استقالاتهم فيما يتوقع أن يتبعهم عدة وزراء آخرين.

وكان رئيس البرلمان ماهيندا يابا آبيواردينا، أعلن أن الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا، بطل الحرب الأهلية التي استمرت ربع قرن ضد متمردي التاميل، يعتزم الاستقالة يوم الأربعاء.

وأضاف -في بيان مصور- أن الرئيس اتخذ قرار التنحي في 13 جويلية لضمان تسليم سلمي للسلطة، مطالبا المواطنين باحترام القانون والحفاظ على السلام. كما قال مكتب رئيس الوزراء رانيل فيكرمسينغ إنه وافق هو أيضا على التنحي.

هدوء حذر

وشهدت شوارع كولومبو، أمس الأحد، هدوءا حذرا غداة موافقة الرئيس ورئيس الحكومة على الاستقالة إثر اقتحام آلاف المحتجين القصر الرئاسي ومنزل رئيس الوزراء وإضرام النار فيه وسط غضب بسبب انهيار اقتصاد البلاد.

وقالت مصادر طبية إن احتجاجات أدت لإصابة أكثر من 100 شخص بينهم 11 صحفيا. وأظهر بث مباشر على فيسبوك من داخل القصر الرئاسي السبت، مئات المحتجين، وقد لف بعضهم الأعلام حول أجسادهم، وهم يحتشدون في غرف القصر وممراته ويرددون شعارات مناهضة لراجاباكسا.

كما أظهرت مقاطع فيديو بعض المتظاهرين يسبحون في حوض السباحة داخل القصر، وجلس آخرون على الفرش والأرائك، وشوهد البعض يفرغ خزانة ذات أدراج؛ في مقاطع انتشرت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كما بثت قنوات إخبارية محلية صورا لحريق ضخم ودخانا يتصاعد من منزل رئيس الوزراء في إحدى ضواحي كولومبو بعد اقتحامه وإضرام النار فيه.

خطة إنقاذ

وعلى صعيد آخر، قال صندوق النقد الدولي الذي يجري محادثات مع الحكومة السريلانكية بشأن خطة إنقاذ محتملة بقيمة 3 مليارات دولار إنه يأمل التوصل إلى حل للوضع الحالي يسمح باستئناف الحوار بشأن برنامج يدعمه صندوق النقد الدولي.

كما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده تراقب التطورات في سريلانكا عن كثب، وإن الشعب هناك يطالب بالشفافية وبمستقبل أفضل.

وندد بلينكن بالعنف تجاه المتظاهرين مطالبا بتحقيق شامل وبملاحقة المسؤولين عن أحداث العنف التي جرت خلال المظاهرات.

وفي وقت سابق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الوزارة تتابع هذه التطورات عن كثب وتدين أي عنف ضد المحتجين السلميين والصحفيين.

وأضاف "نحث هذه الحكومة أو أي حكومة جديدة يتم اختيارها دستوريا على العمل بسرعة لتحديد وتنفيذ الحلول التي من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، ومعالجة استياء الشعب السريلانكي من تدهور الأوضاع الاقتصادية، بما في ذلك نقص الطاقة والغذاء والوقود".

مظاهرات عارمة

ويشار إلى أن سريلانكا تشهد منذ فترة مظاهرات عارمة للمطالبة باستقالة رئيس البلاد غوتابايا راجاباكسا، ورئيس الوزراء رانيل فيكرمسينغ، في إطار مظاهرات واسعة احتجاجا على سوء المعيشة بسبب الأزمة الاقتصادية.

وسبق أن أعلن فيكرمسينغ في جوان الماضي، انهيار اقتصاد بلاده بالكامل وعدم قدرتها حتى على دفع مستحقات واردات النفط.

وتعاني سريلانكا منذ عدة أشهر نقصا حادا في الغذاء والوقود والأدوية، وهي أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلال هذه الجزيرة عام 1948، والتي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، بعد أن أدت جائحة كورونا إلى انخفاض كبير في عائدات السياحة والتحويلات المالية من المغتربين.

وغوتابايا راجاباكسا (73 عاماً)، رئيس منذ عام 2019 وهو أحد أفراد عائلة هيمنت على الحياة السياسية في سريلانكا لعقود. وشقيقه ماهيندا (76 عاماً) هو الزعيم الكاريزمي للعائلة، وشغل رئاسة البلاد لعقد حتى عام 2015. في عهده، تحولت سريلانكا إلى دولة مدينة بشكل كبير للصين التي جرى التعاقد معها على ديون ضخمة لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى حامت حولها شبهات الفساد.

ويلقى ماهيندا دعم الغالبية العرقية السنهالية لأنه هزم مقاتلي نمور التاميل في عام 2009، مُنهياً بذلك 37 عاما من الحرب الأهلية. آنذاك، كان غوتابايا وزيرا للدفاع كما قاد القوات المسلّحة والشرطة.

وعند توليه الرئاسة، عين غوتابايا شقيقه في منصب رئيس الوزراء، لكن ماهيندا اضطر إلى الاستقالة في ماي بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.

إفراغ خزائن الدولة

وعانى قطاع السياحة الذي يعد حيوياً لاقتصاد الجزيرة، تداعيات الهجمات الجهادية في أفريل 2019 على الكنائس والفنادق (279 قتيلاً بينهم 45 أجنبياً)، ثم جائحة كوفيد-19.

كما أدت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها غوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة. ووجدت سريلانكا نفسها بدون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.

وعلى الرغم من المساعدات من الهند ودول أخرى في أفريل 2022، تخلفت الدولة عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

ويعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب نقص الوقود الذي يحد أيضاً من التنقل. ويجعل التضخم المتسارع (55 في المئة في جوان وحده) من المتعذر الحصول على الأشياء القليلة التي لا يزال العثور عليها ممكناً. وحذرت الأمم المتحدة من أن البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطر أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص نظامهم الغذائي.

فراغ السلطة

وبعد أشهر من التظاهرات، هاجم أنصار الرئيس المتظاهرين بعنف في ماي الماضي. وقُتل تسعة أشخاص كما أُصيب المئات في الاشتباكات التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا شقيق الرئيس. ومع ذلك، تمكن غوتابايا من التمسك بالسلطة عبر تعيين السياسي المخضرم رانيل ويكرمسينغ رئيسا للحكومة.

وأضرم المتظاهرون يوم السبت الماضي، النار في منزل رئيس الحكومة ويكرمسينغ (كان غائباً عنه)، وأجبروا الرئيس على الفرار من القصر الرئاسي الذي اقتحموه، قبل أن يعلن عزمه على الاستقالة الأسبوع المقبل.

بحسب القانون، سيكون أمام البرلمان شهر لاختيار خليفته. لكن رئيس البرلمان وعد بقرار في هذا الشأن في نهاية الأسبوع. إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيق هذا الوعد، لأن لا أحد من أعضاء البرلمان يبدو قادرا على الحصول على الدعم الكافي.

وقال النائب دارمالينغام سيثادثان الذي ينتمي إلى أقلية التاميل لوكالة فرانس برس، "نحن مقبلون على فترة خطيرة من عدم اليقين". وأضاف "كان ينبغي على غوتا أن يستقيل على الفور لتفادي فراغ السلطة".

inbound5808562011926509601.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً