post

سعيّد يواصل الهروب إلى الأمام.. هل دخلت تونس مرحلة الحكم الفردي المطلق؟

تونس السبت 04 جوان 2022

سينتظم الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيّد، بمن حضر، على الرغم من المقاطعة الشاملة. كما سينتظم الاستفتاء المقرر في 25 جويلية المقبل بما سيحصل من أصوات، أيّاً كانت، لأن القانون يقر باعتماد مخرجاته إذا كانت الإجابة بنعم هي الغالبة، حتى وإن قاطعه 95 في المائة من الناخبين كما حصل في الاستشارة الإلكترونية.

ولكن القانون نفسه لا يشير إلى ما سيحدث إذا صوّتت الأغلبية بلا، فذاك متروك لمراسيم رئاسية سيستنبطها سعيّد حالة بحالة، طالما أنه يملك كل السلطات، التنفيذية والتشريعية والتأسيسية، والقضائية، بعدما منح نفسه سلطة إعفاء القضاة بدل المجلس الأعلى للقضاء، وبتقدير منه لا يخضع لأي رقابة.

وأوضح متابعون للشأن العام أن سعيّد دخل مرحلة يناقض فيها القوانين التي وضعها بنفسه منذ أحكم قبضته على البلاد في 25 جويلية الماضي، ومن بينها قانون المجلس الأعلى للقضاء، الذي حلّه وعوضه بآخر، ولم يكن له سلطة إعفاء أي قاضٍ أو فرض أي عقوبة تأديبية عليه أو إيقافه عن العمل. فذلك كان اختصاصاً حصرياً للمجلس الأعلى للقضاء وفق الفصل 107 من الدستور، وبعد توفير كافة الضمانات القانونية وحق الدفاع، هذا إذا تعلقت بالقاضي شبهات حقاً. ولكن سعيّد غيّر هذا القانون، مساء الأربعاء الماضي، ومنح نفسه السلطة المطلقة على القضاة، بما فيها إعفاؤهم من مهامهم.

وكانت منظمات وهيئات مدنية، بينها منظمة العفو الدولية، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، إضافة إلى عدد من النشطاء والجامعيين، انتقدوا إقدام الرئيس سعيد على إعفاء القضاة من مهامهم.

العفو الدولية تدين

ولخّصت منظمة العفو الدولية هذا الوضع في تونس بأن "الرئيس سعيّد يتفرّد بسلطة إقالة القضاة على هواه"، وأشارت في بيان لها، مساء الخميس، إلى أن مرسوم سعيّد وجّه به ضربة قوية لاستقلالية القضاء، إذ منح نفسه سلطة إقالة القضاة بإجراءات اعتباطية على أسس فضفاضة، في آخر اعتداء له على حقوق المحاكمة العادلة منذ استيلائه على السلطة في 25 جويلية 2021.

بالإضافة إلى ذلك، ينص المرسوم الجديد، رقم 2022-35، على إجراءات قضائية تلقائية بحق القضاة المعفيين من الرئيس بموجب أحكامه. كما منع سعيّد القضاة من الطعن في فصلهم التعسفي إلى أن يصدر حكم بات في قضيتهم. وبالفعل، طبق سعيّد المرسوم، حيث أقال 57 من أعضاء السلطة القضائية مساء الأربعاء الماضي.

وذكّرت المنظمة بأن سعيّد "منذ جويلية الماضي، قام بحل البرلمان وهيئة رقابة قضائية مستقلة، وعلّق معظم مواد الدستور، ومنح نفسه سلطات شبه مطلقة للحكم، بما في ذلك سلطة التدخل في المسارات المهنية القضائية".

قلق أمريكي

واعتبرت الولايات المتحدة، أن إقالة الرئيس التونسي 57 قاضياً "قوّضت المؤسسات الديمقراطية المستقلة في تونس". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن "مراسيم الرئيس قيس سعيّد والتي تنص على إقالة 57 قاضياً وعلى تحوير القواعد التي تحكم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تتبع نمطاً مقلقاً من الإجراءات التي قوضت المؤسسات الديمقراطية المستقلة في تونس".

وأضاف برايس: "لقد أبلغنا المسؤولين التونسيين بصورة مستمرة بأهمية الضوابط والتوازنات في النظام الديمقراطي، ونواصل حثّ الحكومة التونسية على انتهاج عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع وتستفيد من مساهمات المجتمع المدني والطيف السياسي المتنوع لتعزيز شرعية مساعي الإصلاح".

مذبحة تمهد للانتقام

ووصف المرصد العربي للدفاع عن الحقوق والحريات، أمس الجمعة، عزل القضاة بـ"المذبحة التي تمهد للانتقام من المعارضين وتوطين الحكم الاستبدادي"، وفق تعبيره.

وشدد المرصد، في بيان له، على أن "عزل القضاة ضمن المرسوم الرئاسي الجديد، فيه خرقٌ لمبدأ سيادة القانون المعني بفصل السلطات، بعد استهداف المجلس الأعلى للقضاء الشرعي وتعويضه بمجلس آخر مؤقت معين بشكل غير دستوري من الرئيس سعيّد الذي يبدو أنه بات يجلس على كرسي العدالة رافعًا شعار التطهير".

واعتبر أن "العزل الجماعي للقضاة بمرسوم رئاسي، مُسقط لم يقع تمريره حتى على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء ومن دون أي عملية أو إمكانية للطعن، تنهي عملياً أي مظهر من مظاهر استقلالية القضاء وسيادة القانون في تونس"، حسب تقديره.

كما حذّر، في ذات الصدد، من أن ما أقدم عليه سعيّد يدفع بالبلاد إلى مخاطر المواجهة وتعميق عزلة البلاد، تحت الحكم الفردي الاستبدادي وهو إيذان بمرحلة خطيرة من استعمال أجهزة الدولة والمرفق القضائي لإغلاق الحياة السياسية واستهداف المعارضين"، وعبّر عن تضامنه الكامل مع القضاة الذين قال إنهم "يتعرضون لعملية إبادة وتصفية جماعية بطريقة شعبوية".

ودعا المرصد، "المنظمات الحقوقية الوطنية والعربية والدولية، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة للتدخل العاجل، والضغط دفاعًا عن استقلالية السلطة القضائية في تونس"، وفق نص البيان.

التصدّي للتغوّل المستمر

بدوره، أدان مرصد الحقوق والحريات بتونس، في بيان نشره الخميس، قرار إعفاء 57 قاضيًا مع حرمانهم من التمتع بقرينة البراءة ومن ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم أمام الجهات القضائية أو مجالس تأديب.

وأكد أن "عددًا كبيرًا من القضاة الذين وقع إعفاؤهم لم تتعلق بهم أي قضايا جزائية أو أي تتبعات تأديبية، وإنما يدفعون ثمن النضال من أجل استقلاليتهم ومعارضتهم لسياسة الرئيس الرامية إلى تطويع السلطة القضائية واستعمالها من أجل تصفية حسابات سياسية أو ثمن عدم الرضوخ لتعليماته"، حسب تقديره.

ودعا المرصد، في هذا الصدد، القضاة والمحامين ومنظمات المجتمع المدني وعموم الشعب التونسي إلى "التصدي للتغول المستمر الذي يقوده رئيس السلطة التنفيذية، من أجل إحكام سيطرته على كل السلط بما فيها التشريعية والقضائية"، وفق نص البيان.

قرارات تسلطية

ومن جهتها، اعتبرت الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية، الخميس، أن إصدار سعيّد مرسومًا مكن به نفسه من سلطة عزل القضاة بصورة تعسفية وأرفقه بأمر رئاسي قضى فيه بطرد 57 قاضيًا من مهامهم "خرق صارخ لمبدأ استقلال السلطة القضائية ومبادئ الديمقراطية والمحاكمة العادلة".

وأضافت، في بيان لها، أن "سعيّد أكد بالقرارات التي يتخذها منذ تمهيده للانقلاب على الدستور في 25 جويلية 2021، أنه بصدد التوسع في حكمه الفردي نحو إرساء نظام دكتاتوري سوف يعمق أزمة البلاد ويقضي على كل إمكانية للتنمية والديمقراطية، ولتكريس دولة القانون والمؤسسات التي تحفظ الحقوق وتحمي الحريات"، حسب تصورها.

وعبّرت الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطيّة عن رفضها لقرارات الرئيس التي وصفتها بـ"التسلطية"، داعية القوى الوطنية الحية للتعبير عن "رفضها للحكم الفردي والتضامن المشترك لاستعادة الديمقراطية وإسقاط الانقلاب"، وفق ما جاء في نص البيان.

استهداف السلطة القضائية

ومن جانبها، استنكرت مجموعة "محامون لحماية الحقوق والحريات"، في بيان لها، "قرار إعفاء 57 قاضيا دون تمكينهم من ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم ومناقشة ما هو منسوب إليهم ودون تمكينهم من حقهم القانوني في دحض التهم والمآخذ المنسوبة لهم والدفاع عن أنفسهم أمام مجالس تأديب".

وأكدت، في ذات الصدد، أن "قائمة العزل تضم عددًا كبيرًا من الشرفاء المشهود بكفاءتهم ونزاهتهم مما يرجح أنّ سبب عزلهم يعود إما إلى عدم رضوخهم للتعليمات أو لانتقادهم للانقلاب أو لنظرهم في ملفات حساسة يراد توجيهها على هوى سلطة الانقلاب"، حسب تصورها.

كما نددت مجموعة المحامين بـ"ما تمارسه سلطة الانقلاب من استهداف للسلطة القضائية تارة بالوصم والتشويه وطورًا بالعزل والترهيب"، ودعت من وصفتهم بـ"شرفاء القضاء والمحاماة" إلى "التصدي وبكل قوة لهذا العبث والذود عن استقلال السلطة القضائية إزاء تغول سلطة الانقلاب".

سلطة مطلقة

ومنح سعيّد بهذه المراسيم والأوامر الرئاسية لنفسه سلطة الحكم المطلق، لا ينازعه أحد ولا ترده أو تنقضه أي جهة، لتدخل تونس مرحلة جديدة في صراعها مع الانقلاب، يبدو أن أيامها الصعبة تقترب بسرعة كبيرة.

وجدّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، أمس الجمعة، رفض مشاركة الاتحاد في الحوار الذي يعتزم سعيّد عقده، وانتقد الضغوط على القضاء.

وقال الطبوبي، خلال اجتماع نقابي، إن "القضاء يتعرض إلى حملة ترهيب وتخويف، بالإضافة إلى الضغط من قبل وزيرة العدل للتدخل في قضايا عدة"، وذلك نقلاً عن قضاة وصفهم الطبوبي بالشرفاء، وقال "إن لديهم روايات يندى لها الجبين". وأضاف الطبوبي أن "من يُريد قضاء مستقلاً ودولة القانون والمؤسسات ومن له ملفات قضائية فليس من حقه التهديد بهذه الملفات وعليه نشر العدل والإنصاف"، وفق تعبيره.

تطويع القضاء

وأشار مدير المعهد العربي للديمقراطية، الوزير الأسبق خالد شوكات، إلى أن سعيّد "بعد حلّه مجلس القضاء المنتخب وتعيين مجلس معين في مكانه، كان يتوقع أن القضاء سيُصبِح طوع بَنَانه، لكن القضاة خذلوه ولم يطيعوا أوامره على ما يبدو، ولهذا استشاط غضباً واضطر إلى عزل 57 قاضياً، فضلاً عن تعديل مرسومه المنظم للمجلس القضائي، ليمكّن نفسه من عزل من يريد من القضاة".

ولفت شوكات إلى أن "الهدف واضح دائماً" من وراء ذلك، وهو "تطويع وإخضاع السلطة القضائية"، وأعرب عن اعتقاده بأن سعيّد "لن يفلح مع ذلك"، وأن "غالبية القضاة لن يسمعوا كلامه، وأن جبهة القضاء ستقاوم الإخضاع كما قاومت من قبل".

وتوقع مدير المعهد العربي للديمقراطية في تصريح صحفي، أن "يواصل سعيّد الهروب إلى الأمام بدل الاعتراف بتعثر محاولاته الواحدة تلو الأخرى". وأعرب عن "يقينه" بأن "قوس الاستثناء هذا سيغلق عما قريب"، وأضاف أن "الشعب التونسي له أسلوبه الخاص في المقاومة، ولن يقوم بتسليم عنقه من جديد لحاكم فرد"، وقال إن "الحكم المطلق، على الرغم من ظهور بوادر عليه، من المستحيل أن يعود في تونس".

اتساع دائرة المعارضين

وتتسع دائرة معارضي سعيّد يوماً بعد يوم، وأعلن مؤخرا عن ولادة جبهة سياسية جديدة لإسقاط الاستفتاء، تجمع أحزاب "الجمهوري"، "التكتل من أجل العمل والحريات"، "العمال"، "القطب"، و"التيار الديمقراطي". وستخرج هذه الأحزاب، اليوم السبت، للاحتجاج أمام مقر هيئة الانتخابات التي عيّنها سعيّد، بينما ينظم القضاة اجتماعاً واسعاً لبحث خطواتهم المقبلة. وتواصل جبهة الخلاص المعارضة سلسلة لقاءاتها الشعبية، وبعد تطاوين ومدنين، تتوجه إلى قفصة وتوزر.

من جهتها، عبّرت حركة النهضة عن استنكارها الشديد لـ"سياسة التشويه والترهيب الممنهج للقضاة، وعزل 57 منهم خارج القانون والدستور، وتنقيح المرسوم المتصل بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لتمرير ذلك، بما يمثل خطوة أخرى في وضع اليد على القضاء وإنهاء استقلالية السلطة القضائية وتوظيفها في ضرب المعارضين السياسيين للانقلاب، والتضييق على الحريات وتركيز منظومة الحكم الفردي".

وحذرت النهضة من "إرادة الانقلاب في استهداف رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونواب الشعب والمعارضين السياسيين من خلال قضاء وظيفي يفتقد لشروط المحاكمة العادلة". واعتبرت أنه "بعد إدانة الرئيس لمعارضيه وتعيين من يتولى مقاضاتهم لم يبق له سوى أن ينتصب بنفسه على أريكة القضاة ويصدر أحكامه على هواه بما يثلج صدور أعضاء هيئة الخداع".

عزل القضاة مقدمة لمرحلة أخطر

وأكد الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، أنه "بعد قرار إعفاء قضاة، دخلنا مرحلة القمع الممنهج"، وأضاف أنه "في الأيام القليلة المقبلة وبعد تسمية قضاة موالين لسعيّد يخضعون لتعليماته ستحصل إيقافات وفبركة ملفات عدة وتصفية الخصوم السياسيين، وبالتالي دخلنا مرحلة القمع والإعداد لها".

واعتبر أن "الدكتاتور عندما يشتد عليه الخناق لا يسلك إلا طريق القمع والترهيب"، وأشار إلى أنه "لا بد من الاستفاقة والوقوف صفاً واحداً دفاعاً عن الحريات والديمقراطية واستقرار البلاد".

ورأى الشواشي أن "تونس عاشت تجربة رائدة في الديمقراطية، ولكن للأسف هناك عودة إلى الوراء"، وقال إنه "على الرغم من تصريحات قيس سعيّد بأنه لا عودة للوراء، ولكنه يعود بها إلى عهود الاستبداد والدكتاتورية".

وقف خطر النزيف

من جهته، اعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، أن "سعيّد أعلن الحرب على الجميع ولم يترك لا صديقاً في الداخل ولا شريكاً في الخارج، فهو يطلق ما سمّاه الصواريخ على الجميع ويستهدف الجميع". وأضاف أن سعيّد "فاشل في إدارة الدولة ومسؤول عن الوضع الكارثي للاقتصاد، وانهيار الدولة، وغياب الحوكمة الرشيدة"، وأشار إلى أن "قاعدة المعارضة اتسعت ولم يعد هناك من أنصار سعيّد سوى عدد قليل جداً".

وتابع الشابي أن "سعيّد يعاني من عزلة دولية، وحتى مع الجوار، فقد فشل في إدارة العلاقات مع ليبيا والجزائر"، وبيّن أن "هذا الرئيس، وبهذه الخيارات، يقود البلاد إلى الهاوية، وهناك رفض لمشاركته قراراته، ولذلك سيتم التحشيد لأكبر قدر ممكن من القوى لوقف خطر النزيف الحاصل واستعادة الحريات والمؤسسات وإصلاح الأوضاع". وشدد على أنه "لا بد من تجاوز أخطاء الماضي واستعادة ثقة المواطن والشركاء الدوليين والمستثمرين، فتونس قادرة على الوقوف مجدداً في إطار شراكة وطنية".

تطويع المؤسسات

واعتبر حزب العمال أنّ إعفاء القضاة الاعتباطي لا يهدف مطلقا إلى إصلاح القضاء وتطهيره وإنما هدفه وضع اليد على مفاصل القرار صلب السلطة القضائية وفق بيان صادر عنه الجمعة. وأضاف الحزب أنّ اتخاذ إجراءات تأديبية أو قضائية يجب أن يتأطر قانونيا حتى لا يكون غطاء لتصفية حسابات، حسب البيان ذاته.

من جهته، اعتبر الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي، أن "قيس سعيّد لا يحكم استناداً إلى الشرعية الشعبية كما يزعم، بل بالاستناد إلى المؤسستين الأمنية والعسكرية، وهو الآن يريد تطويع ما تبقى من مؤسسات".

وأضاف الهمامي أن سعيّد "لم يكتفِ بحل المجلس الأعلى للقضاء، بل يريد إعفاء أي قاضٍ لا ينفذ أوامره وإملاءاته"، وأكد أن "هناك قضاة تتعلق بهم أحكام وقضايا، ولكنه استعمل هذا الأمر كغطاء للتخلص من قضاة آخرين ذنبهم الوحيد أنهم رفضوا الانقلاب وتنفيذ إملاءات الرئيس".

وبيّن الهمامي أن "ما قام به سعيّد خطير لأنه يهدف إلى تطويع القضاة ومنح نفسه من خلال المراسيم إمكانية إعفاء أي قاضي يريد إعفاءه". ودعا الهمامي "القضاة الشرفاء والمحامين والقوى الديمقراطية والمدنية إلى مواجهة هذه الحملة"، وشدد على أن "دور القضاء هو الإصلاح وتغيير هياكله من الداخل، ولكن ضمن أطر قانونية".

وأضاف أن "قيس سعيّد ليس ضد الجميع فقط، بل هو ضد الحرية والديمقراطية والشعب، ويعتمد على المؤسستين الأمنية والعسكرية، وعادة ما يدعو أثرياء البلاد لطمأنتهم، وفي المقابل يعمل عن طريق حكومته على تدمير ما تبقّى من مؤسسات وقدرات معيشية للشعب"، وقال إن حكومة الرئيس "ترفض تنفيذ التعهدات والاتفاقيات المبرمة مع اتحاد الشغل، في استبداد واضح".

السلم الأهلي أصبح مهددا

بدوره، عبر النائب في البرلمان عياض اللومي عن تضامنه مع القضاة الذين يتعرضون لهرسلة السلطة التنفيذية على إثر قرار رئيس الدولة القاضي بالإعفاء. وذكر بأن المسألة تتجاوز القضاة وهي تمس السلم الأهلي الذي أصبح مهددا في غياب دولة القانون" وفق تدوينة نشرها أمس الجمعة.

وكان صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس. وكان سعيّد أصدر أيضًا، في ذات العدد من الرائد الرسمي، مرسومًا يسمح له بـ"إصدار أمر يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته". وقوبل هذا القرار برفض واسع واستنكار من الطبقة الحقوقية والقضائية.

inbound349756302180028385.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً