post

سفير الاتحاد الأوروبي بتونس: تنفيذ الإصلاحات بتوافق وطني واجتماعي من شأنه أن يدفع بالشراكة التونسيّة الأوروبيّة قدما

تونس الإثنين 09 ماي 2022

أكد سفير الاتحاد الأوروبي بتونس، ماركوس كورنارو، أنّ "دعم الاتحاد الأوروبي لتونس بالإمكان أن يكون له تأثير أكبر إذا تمّ بالفعل تنفيذ جميع أفكار الإصلاحات، التي طرحتها الحكومة".

وتطرّق كورنارو في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، إلى المسائل المتعلّقة بالاستثمار وبتأثير إعادة انتشار سلاسل القيمة الدوليّة في مرحلة ما بعد "الكوفيد"، وإلى مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي واتفاقيّة المنطقة القاريّة الإفريقية للتبادل الحر (زليكاف).

وعن التمويلات البالغ قيمتها 4 مليار أورو، التّي أعلن عنها المفوّض الأوروبي المكلّف بالتوسعة وسياسة الجوار في شهر مارس 2022 لدعم الاستراتيجية الاقتصاديّة للحكومة 2022 / 2027، قال كورنارو: "لقد كانت زيارة المفوّض الأوروبي، أوليفر فارهيلاي، جد مهمّة اعتبارا لأنّها كانت تحمل رسالة تتضمن التزام أوروبا تجاه البلاد على المدى الطويل لدعم تطلع التونسيين إلى مستقبل اجتماعي واقتصادي أفضل.. كما أن أي انتقال اجتماعي واقتصادي ناجح سيسمح، أيضا، بمزيد ترسيخ الروابط الاقتصادية القائمة بين الشركاء التونسيين والأوروبيين".

ويرجى من التمويل المقترح بقيمة 4 مليار أورو للسنوات الست المقبلة (إلى غاية سنة 2027)، خاصّة، تعزيز التحوّل الرقمي والأخضر وذلك من خلال دعم المشاريع المهيكلة ودعم القطاع الخاص، دون إغفال المساهمة في رفع مختلف التحديّات الاجتماعيّة، التّي تواجهها البلاد.

دعم الاتحاد الأوروبي

وأضاف كورنارو: "أعقد أن الزيارات الأخيرة، بما في ذلك زيارة المفوّض وكذلك أعضاء البرلمان الأوروبي، ومقترحات الدعم، التّي نتجت عن هذه الزيارات، تؤكّد جيّدا عزم الاتحاد الأوروبي على الالتزام الكامل بدعم تونس".

وقال "إنّ مجموعة البرامج والمشاريع والأدوات، التّي أتاحها الاتحاد الأوروبي لتونس تعكس، أيضا، إرادتنا في أن نكون حاضرين جنبا إلى جنب مع شركائنا التونسيين في المجالات، التي حققنا فيها القيمة المضافة".

وتابع كورنارو "بالإضافة إلى الدعم المباشر والمساعدات الطارئة المتعلقة بسنة 2022، يقدم الاتحاد الأوروبي، أيضا، المساعدة على الصعيد السياسي والحوكمة، لتعزيز تنفيذ الإصلاحات اللازمة ودعم الاستثمار المنتج".

وأكد كورنارو أن "الاتحاد الأوروبي، أثبت دعمه، المستمر، لشريكه التونسي خلال أزمة كوفيد -19 من خلال برنامج الدعم المالي الكلّي وتم صرف 300 مليون أورو لفائدة تونس، في هذا الإطار. وينضاف هذا الدعم إلى دعمنا للميزانية، الذّي يقدم في شكل منح لبرامج دعم الإصلاحات القطاعية، وتوفير المعدّات والموّاد الصحيّة والتمويل الشامل لآلية التلقيح، كما ستستفيد تونس، أيضا، من تمويل بقيمة 20 مليون أورو، في إطار المبادرة الأوروبية "التسهيلات الغذائية والمرونة"، التّي تهدف إلى مجابهة ارتفاع أسعار الموّاد الغذائية والموّاد الأساسية، تبعا للحرب الروسية ضد أوكرانيا".

وقال سفير الاتحاد الأوروبي بتونس "صحيح يمكن أن يكون دعم الاتحاد الأوروبي مجديا أكثر ويكون له تأثير أكبر إذا تمّ بالفعل تنفيذ جميع أفكار الإصلاحات، التّي تطرحها الحكومة.. وتتطلب هذه الإصلاحات، خاصّة، توافق وطني واجتماعي في معناه الواسع في مواجهة انتقال ديمقراطي واقتصادي صعب".

تحديات

وعن التحديات التّي يواجهها المستثمرون الأوروبيون في تونس، قال كورنارو: "أنتهز هذه الفرصة لأذكر أنه توجد أكثر من 3000 مؤسسة أوروبية في تونس، توفر نحو 350 ألف موطن شغل مباشر. ويهم الاستثمار الأوروبي 85 بالمائة من الاستثمار الأجنبي المباشر، في حين أنّه لا يوجد اتفاق ثنائي بين الاتحاد الأوروبي وتونس بخصوص الإستثمار".

وأضاف "حدّد الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والغرف التجاريّة المشتركة قائمة بالإصلاحات المرتقبة من طرف المستثمرين الأوروبيين في تونس لتعزيز جاذبية البلاد على مستوى الاستثمار. وتمّ تجميع هذه الإصلاحات حول سبعة مجالات. ويتعلّق الأمر، أوّلا، بوضع أدوات مصاحبة ناجعة لمتابعة المستثمرين الحاليين والمحتملين. وثانيا، من الضروري إصلاح الإطار التشريعي للاستثمار، من خلال تكريس المبادرة الحرة ورفع قدر الإمكان القيود، التّي لا تتوافق مع هدف السياسة العمومية. ويتعلّق الإجراء الثالث الموصى به بتبسيط الخدمات البنكية وإصلاح أنظمة الصرف. أما المسألة الرابعة فتهم رقمنة الإجراءات الإدارية، بما يضمن قابلية التشغيل البيني وتفادي الازدواج في الإجراءات".

وتابع كورنارو "خامسا يتعلّق الأمر بإرساء إطار جبائي وحيطة اجتماعية استشرافي وعادل من خلال نظام متوازن بين التشجيعات والمراقبة. سادسا بذل جهود ضروريّة لتطوير ثقافة الحوار صلب المؤسّسات لتفادي التعطيلات وتحسين ظروف العمل. وأخيرا ينبغي تسهيل المبادلات التجارية، خصوصا، عبر رقمنة التمشيات الديوانية من خلال ضمان مراقبة الأسوق بشكل ملائم وناجع عبر تحسين الجانب اللوجستي ومع تفادي الترفيع في المعاليم الديوانية، التّي تثقل كاهل المبادلات التجاريّة وسلاسل القيمة. وعند تحسين كلّ هذه النقاط، أعتقد أن بإمكان تونس جني الكثير على مستوى الاستثمار المنتج الوطني والأجنبي".

ركود الاستثمار الأوروبي في تونس

وأوضح كورنارو أن الاستثمار الأوروبي، في تونس، شهد ركودا، ما قبل الأزمة الصحيّة بسبب مختلف النقاط، التّي ذكرها، وبسبب حالة عدم اليقين، التّي لازمت المرحلة الانتقالية، وتعمّق هذا الركود بفعل الجائحة.

وأكد أن الأزمة الصحيّة، عملت كذلك، على إظهار هشاشة سلاسل القيمة البعيدة وتبعية أوروبا إلى عدد من مواقع الإنتاج. وقال "هنا تكمن فرصة جيّدة لتونس لإعادة التموقع على الرقعة العالمية الجديدة إذا ما تمكنت من معالجة كل الثغرات، التّي تمّ التطرّق لها، مع الأخذ في الاعتبار أن ليس لتونس وحدها القدرة على الاستفادة من هذه الفرص وأن المنافسة صعبة في هذا الخصوص".

وأضاف كورنارو "كما عملت الأزمة الأوكرانية على تعميق هشاشة سلاسل القيمة والتزوّد وأبرزت تبعيّة الاتحاد الأوروبي وغيره، على المستوى الطّاقي والغذائي. تبحث أوروبا، حاليا، بشكل حثيث، عن موارد جديدة للطّاقة وأتمنى أن تتمكن تونس من اقتناص هذه الفرصة وتقديم عرضها وإمكاناتها في ما يتعلّق بالطّاقات المتجددة في إطار شراكة تونسيّة أوروبيّة".

تونس وصندوق النقد الدولي

وبخصوص نظرة الاتحاد الأوروبي للمحادثات بين تونس والصندوق الدولي قال كورنارو: "تخضع المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي، المقترحات التونسيّة في مجال الإصلاح (الدين والجباية والمالية العمومية...)، لمنهج صندوق النقد الدولي، الذّي يقوم بتقييم التكاليف والاحتساب إذا ما كانت هذه المقترحات ممكنة على المستوى المالي وعلى مستوى الاقتصاد الكلّي. ليست المحادثات سهلة اعتبارا إلى أنّ عديد الإصلاحات كانت في الدرج خلال السنوات، التّي انقضت ولم يتم تنفيذها ضمن إطار سياسي غير ملائم. أتمنى أن تتوفر، هذه المرّة، الرغبة السياسيّة لتطبيق كل أفكار الإصلاح".

واستدرك "لكن لإنجاح ذلك لا يكفي توفر اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن مختلف المقترحات، فمن الضروري، أيضا، النجاح في إرساء اتفاق وطني بين أهم الفاعلين على الساحة الوطنية لتتبنى هذه الأطراف مختلف الحلول ممّا من شأنه أن يحفز على تنفيذ هذه الإصلاحات".

وأكد كورنارو أن "الاتحاد الأوروبي يشجع هذه المحادثات ويشدد على أنّه من المهم المحافظة، ليس فقط على التوازن المالي والاقتصاد الكلّي، لكن، أيضا، المحافظة على التوازن الاجتماعي. لا يجب أن يتم تغليب الاقتصادي على الاجتماعي."

تونس وزليكاف

وبشأن مصادقة تونس على تنفيذ اتفاقية المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر، قال كورنارو: إنّ الاتحاد الأوروبي يرحب برغبة البلدان الإفريقية في تحسين تدفق المبادلات التجاريّة. وتعد إمكانات التبادل، التّي تتوفر عليها القارّة، هامّة. وقدّم الاتحاد دعمه للإستراتيجية الوطنية لتنفيذ "زليكاف"، الجاري استكمالها، والتّي من شأنها أن تسمح لتونس من اقتناص الفرص المطروحة في إطار هذه الاتفاقية".

وأضاف كورنارو "يحظى هذا الانفتاح، أيضا، بدعم الدول الأوروبية والإفريقية، التّي شدّدت، خلال قمّة الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي في فيفري 2022، عزمها على تثبيت ترابط أفضل بين أوروبا وإفريقيا ليس فقط على مستوى البنية التحتية الصلبة على غرار الموانئ لكن، كذلك، من خلال الرقمنة لضمان أفضل تدفق للمبادلات".

وتابع "بالنسبة إلى تونس فإن "زليكاف" تشكل فرصة حقيقية لتنمية المبادلات مع البلدان الإفريقية. بالإضافة إلى ذلك إذا تجسدت هذه الفرصة في اطار شراكة ثلاثية الاطراف بين الفاعلين التونسيين والأوروبيين والأفارقة بمشاركة هياكل حكومية وفي ظروف مناسبة فإن من شأن ذلك سوى مزيد تحفيز القطاعات الانتاجية وخلق مواطن الشغل".

inbound4088659383480719254.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً