post

صندوق النقد الدولي يعلن تقدّم المناقشات الفنية مع تونس وسط تحضيرات لإضراب في القطاع عام

اقتصاد وأعمال الجمعة 10 جوان 2022

قال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس إن المناقشات الفنية التي يجريها الصندوق مع تونس تحرز تقدّما. ويجري صندوق النقد الذي يتخذ من واشنطن مقراً له محادثات مع تونس منذ بداية العام.

وعبّر في مؤتمر صحفي أمس الخميس، عن أمل الصندوق في أن تبدأ المحادثات بشأن برنامج جديد مع السلطات التونسية قريبا، دون أن يحدد أي توقيت للمناقشات على مستوى الخبراء.

ويأتي هذا التصريح لرايس فيما أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، نهاية الشهر الماضي، أن 159 مؤسسة ومنشأة عمومية ستنفذ إضراباً عاماً يوم 16 جوان الجاري، تنفيذاً لتوصيات الهيئة الإدارية للاتحاد، وذلك احتجاجاً على تنصل الحكومة من مبدأ المفاوضات حول الزيادة الدورية في الرواتب، وترميم القدرة الشرائية للموظفين.

وقالت المنظمة النقابية، في بلاغ أصدرته على صفحتها الرسمية، أن موظفي 159 مؤسسة ومنشأة عمومية سينفذون الإضراب الذي يشمل خدمات حيوية، ومن أهمها النقل البري والبحري والجوي والمطارات والموانئ التجارية.

إلغاء الدعم

وصعد معدل تضخم أسعار المستهلك في تونس إلى 7.8 بالمئة على أساس سنوي، خلال ماي الماضي، ارتفاعاً من 7.5 بالمئة في أفريل السابق له، قرب أعلى مستوى منذ 30 عاماً.

وقال المعهد الوطني للإحصاء مؤخرا، إن التضخم في ماي يعود إلى تسارع ارتفاع أسعار مجموعة السكن والطاقة المنزلية إلى 7.3 في المئة، وأسعار الأثاث والخدمات والتجهيزات المنزلية إلى 8.4 في المئة.

وأعلنت الحكومة، منذ أيام، اعتزامها إلغاء دعم الوقود والغذاء والكهرباء تدريجاً، فضلاً عن إيقاف التوظيف في القطاعات العمومية في إطار وصفته بالخطة الإصلاحية للحد من الإنفاق في البلد الذي يشهد أزمة مالية، إذ يعرقل الوضع السياسي المضطرب إمكانيات حصول البلاد على تمويلات أجنبية أو جلب استثمارات جديدة، من شأنها إنعاش الاقتصاد.

زيادة المخاطر

وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، الاثنين 30 ماي 2022، أن تتآكل احتياطات تونس من النقد الأجنبي تدريجيا، وأن تنخفض بذلك قيمة الدينار التونسي، في ظلّ غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يمثل أمرًا ضروريًا للوصول إلى دعم الميزانية من معظم الدائنين الرسميين.

وذكّرت بأنها كانت خفضت تصنيف تونس إلى 'CCC' من 'B-' في مارس 2022، بسبب تصاعد مخاطر السيولة المالية والخارجية في أعقاب التغييرات السياسية في جويلية 2021 التي أقرها الرئيس قيس سعيّد.

وذكرت الوكالة، في بيان لها، أن عدم توصل الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل بشأن مجموعة من "الإصلاحات" الاقتصادية يزيد من المخاطر في علاقة بدخول تونس في برنامج صندوق النقد الدولي بنهاية الربع الثالث من سنة 2022.

وضع اقتصادي "كارثي"

وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس في تصريح يوم 26 ماي الماضي، إن الوضع الاقتصادي في تونس "كارثي"، وفق تأكيده خلال مؤتمر صحفي عقد عن بعد .

وأضاف المصدر ذاته أن الصندوق يتابع تطور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، وأشار إلى تواصل المناقشات الفنية مع السلطات. كما دعا رايس الحكومة التونسية الى الاسراع في تنفيذ الإصلاحات خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي  بالبلاد، وفق تعبيره .

وفي المقابل، قالت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، في تصريح سابق، إن الحكومة تأمل بدء مفاوضات رسمية في الأسابيع المقبلة مع صندوق النقد الدولي، بهدف التوصل إلى اتفاق مالي، بينما تعاني تونس أسوأ أزمة مالية.

وأوضحت وزيرة المالية أنّ المحادثات الممهدة للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي تمّت بناء على وثيقة تضمّنت جملة من الإصلاحات وفقا لبرنامج شامل يتعلّق بكتلة الأجور والإصلاح الجبائي وإصلاح المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم.

وأوضحت البوغديري أنّ الحكومة أعدّت تصوّرا ''مقبولا في المجمل''، وأشارت في المقابل إلى أنّه لا يمكن الحديث عن تصوّرات نهائية في هذا الخصوص إلا بعد المفاوضات، وأكدت أنّ المؤشرات ايجابية. وشدّدت البوغديري على أنّ وضع برنامج الإصلاحات هوّ تونسي تونسي وتمّ بناء على ما تتطلبه المرحلة، وفق تأكيدها.

أزمة متعددة الأوجه

وفي نفس السياق، قال الخبير الاقتصادي محسن حسن في تصريح إذاعي، إنه من الصعب جدا التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وأرجع حسن الأسباب إلى ثلاثة نقاط أهمها الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بالإصلاحات، وغياب البعد التشاركي في التوصل إلى إصلاحات اقتصادية من قبل جميع الأطراف، فضلا عن الوضع السياسي الذي تعيشه تونس وغياب التوافق بين المكونات السياسية. واعتبر أن هذه الأسباب تحول دون التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وبيّن حسن أن سنة 2022 ليست بالسنة الصعبة على مستوى المالية العمومية، وفسّر ذلك بأن قيمة الدين الخارجي ليست كبيرة ولكن في صورة عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي فإن سنة 2023 ستكون صعبة جدا.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن تونس تعيش أزمة متعددة الأوجه والأزمة الأخطر والأعمق هي الأزمة المالية، على حد تعبيره. وأوضح أن حاجيات تونس من التموين تضاعفت بما لا يقل عن 5 مليار دينار نتيجة لارتفاع أسعار البترول والحبوب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وبالتالي ارتفعت حاجة تونس من التمويل إلى ما لا يقل عن 25 مليار دينار.

كما أكد حسن أن أبواب الاقتراض الخارجي موصده أمام تونس باستثناء بعض المحاولات، ومسألة تعبئة الموارد الخارجية صعبة في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

تجنب الإفلاس

وتسعى تونس للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لتجنب إفلاس ماليتها العامة مقابل إصلاحات لا تحظى بشعبية، بما في ذلك تجميد الأجور وخفض دعم الطاقة ومواد غذائية. ورفض الاتحاد العام للشغل هذه الحزمة من الإصلاحات، ودعا إلى إضراب وطني في الشركات العامة والوظيفة العمومية.

وقال محافظ البنك المركزي مروان العباسي في تصريح سابق، إن عجز الميزانية سيزيد إلى 9.7 بالمئة هذا العام، مقارنة بتوقعات سابقة عند 6.7 بالمئة، بسبب قوة الدولار والزيادة الحادة في أسعار الحبوب. وأضاف العباسي أن تونس بحاجة إلى تمويل إضافي للميزانية يبلغ خمسة مليارات دينار، وأكد أن "الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد أصبح ضرورياً".

وتوقع العباسي أن يتسع عجز الحساب الجاري إلى حوالى 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مقابل 6.8 بالمئة بحسب التوقعات الأولية، وانخفض الدينار بنسبة سبعة بالمئة أمام الدولار.

inbound4314276505688170701.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً