post

غموض متواصل.. ما مصير هيئة مكافحة الفساد؟

تونس الجمعة 28 جانفي 2022

يواجه موظفو وأعوان هيئة مكافحة الفساد مصيرا مجهولا بعد أن أوصدت السلطات أبواب الهيئة منذ شهر أوت الماضي، وأحالت العاملين فيها إلى إجازات قسرية لا يعرفون تاريخ نهايتها.

وواصل موظفو الهيئة اعتصامهم المفتوح أمام المقر المركزي، والذي بدأوه يوم الثلاثاء الماضي، وطالبوا بتوضيح مصيرهم المهني بعد أن توجهوا بمراسلات عديدة إلى رئاسة الحكومة بحثا عن ردود لتساؤلاتهم غير أنهم لم يحصلوا على أي إجابة. وأكدوا أن عدم تجديد عقودهم يجعل مصائرهم في مهب الرياح.

وفي أوت الماضي أصدر الرئيس قيس سعيّد أمرا بإنهاء مهام الكاتب العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أنور بن حسن، على أن يتولى المكلف بالشؤون الإدارية والمالية في الهيئة تصريف الأعمال بشكل مؤقت.

وصدر قرار في 20 أوت 2021 بإخلاء المقر المركزي بالعاصمة من موظفي الهيئة، في حين واصلت بقية الفروع الجهوية مباشرة مهامها إلى غاية 31 ديسمبر 2021 إلا أنه بمجرد انتهاء العقود بقيت جميع مقرات الهيئة مركزيا وجهويا مغلقة.

ولم يتضح سبب إغلاق مقر الهيئة المكلفة بقانون صدر عام 2011 بتعقب الفساد في مؤسسات الدولة وإحالة المخالفات إلى القضاء، كما لم توضح الرئاسة أسباب إصدار هذا القرار.

وتدعو وضعية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المعطلة منذ أوت الماضي إلى التساؤل حول كيفية مكافحة الفساد وقد ترتب عن غلقها عدم صدور اوامر ترتيبية فضلا عن عدم تجديد التصاريح بالمكاسب بصفة الية وفق ما ينص عليه القانون.

كما لم يذكر أي نشاط للهيئة منذ اتخاذ قرار اخلاء المقر سوى التصريح بالمكاسب لحكومة نجلاء بودن في 14 أكتوبر 2021، كما لم تنشر الهيئة أي تقرير حول التشكيات التي ترد عليها واهم القضايا التي احالتها على القضاء بكل ولاية ومعتمدية الامر الذي كان يحصل اسبوعيا، كما أضحى من غير الممكن إطلاع الرأي العام على المصرحين بمكاسبهم من أهم الشخصيات المنصوص عليها بالقانون .

إلى جانب ذلك، ينص قانون التصريح بالمكاسب الذي دخل حيز التنفيذ في منتصف شهر اكتوبر من سنة 2018 على انه تتم دعوة المصرحين بعد ثلاث سنوات من جديد من اجل تجديد عملية التصريح بالنسبة إلى الأشخاص الذين واصلوا في نفس المهمة طبقا للفصل 10 من القانون عدد 46 لسنة 2018 مؤرخ في 1 أوت 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح والذي ينص: على أن كل "شخص خاضع لواجب التصريح، تقديم تصريح جديد كل ثلاث سنوات في صورة تواصل مباشرته لوظائف موجبة للتصريح كذلك عند انتهاء مهامه الموجبة للتصريح لأي سبب كان، وذلك في أجل لا يتجاوز ستّين يوما من تاريخ انقضاء مدّة الثلاث سنوات أو من تاريخ انتهاء المهام الموجبة للتصريح".

مع العلم ان عدد المصرحين بمكاسبهم حوالي 200 الف شخص، واليوم لا توجد أي معلومات حول هذا التحيين او عدد الاشخاص الذي التزموا من عدمهم.

كما أن الإشكال لا يتعلق بتجديد التصريح فقط، بل يكمن ايضا في تعطل صدور الامر الترتيبي المنظم لمضمون التصاريح بالنسبة إلى الأشخاص المنصوص عليهم بالأعداد 1 و2 و3 و4 و5 و6 و7 و8 من الفصل 5 من نفس القانون.

وقدمت الهيئة بناء على الرأي المطابق لهيئة المعطيات الشخصية صيغة لهذا الامر منذ حكومة يوسف الشاهد إلا أنه لم ينشر، ثم قال الياس الفخفاخ انه سيتم تغييره لكنه ظل في الرفوف مع حكومة هشام المشيشي، وها هي حكومة بودن رغم مرور اكثر من مائة يوم على توليها مهامها لم تصدر أي أمر .

وهناك مسألة اخرى تتعلق بمكافحة الفساد الا وهي ضبط صيغ تطبيق احكام الفصل 28 من القانون المشار اليه والمتعلق بتحديد قبول الهدايا بالنسبة إلى الأشخاص المنصوص عليهم بالفصل 5 ، بأمر حكومي يصدر في الغرض.

وتختص هيئة مكافحة الفساد بجمع الملفات واستقبال الشكاوى المتعلقة بشبهات الفساد وتقديمها إلى القضاء. وتم إنشاء الهيئة عام 2011 خلفا للجنة تقصي الحقائق عن الفساد والرشوة التي أنشئت مباشرة بعد الثورة. وكان يفترض وفق دستور 2014 أن تعوّض هيئة مكافحة الفساد بالهيئة الدستورية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، غير أن البرلمان أخفق في انتخاب أعضائها في ثلاث مناسبات فيما يرجئ تعليق أعمال البرلمان إحداث الهيئة الجديدة إلى سنوات قادمة.

وتعاني تونس من ارتفاع منسوب الفساد الذي يكلف اقتصادها أكثر من مليار دولار سنويا نتيجة تفشي شبكات التلاعب بالمال العام وتراجع سلطة المراقبة الحكومية، فيما تحيل الهيئة سنويا على أنظار القضاء المالي مئات الملفات والشكاوى التي يودعها مبلغون أو تكشفها المهمات الرقابية لمصالح الرقابة العامة.

inbound7766561636021649563.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً