post

في أطول يوم انتخابي.. انطلاق عمليات التصويت على الدستور الجديد

تونس الإثنين 25 جويلية 2022

تعيش تونس اليوم الاثنين 25 جويلية 2022، على وقع تنظيم الاستفتاء على الدستور الجديد، الذي يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيد ويرى فيه منتقدوه تقويضا للديمقراطية التي انبثقت عن ثورة 2011، فيما يراه مناصرون تصحيحا لمسارها.

وفتحت مراكز الاقتراع بداية من الساعة 06:00 صباحا وتغلق على الساعة 22:00 مساء وهو أطول يوم انتخابي تشهده تونس. ويجري التصويت في ذكرى مرور عام على إجراءات سعيد بعد أن حل البرلمان المنتخب وأطاح بالحكومة وفرض حالة الطوارئ وبدأ الحكم بمراسيم.

كما يتواصل اليوم الإثنين، الاقتراع بالنسبة إلى التونسيين بالخارج، الذي انطلق يوم السبت الماضي، من الساعة 8:00 صباحا إلى الساعة 18:00 بتوقيت البلد المضيف.

توقيت استثنائي

وأكدّت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنّه تقرر استثناء بعض مراكز الاقتراع ببعض الدوائر الانتخابية بالقصرين وسليانة وجندوبة والكاف وسيدي بوزيد وقفصة بتوقيت خاص خلال عملية اقتراع الناخبين، حيث تُفتح هذه المراكز اليوم الإثنين 25 جويلية 2022، على الساعة 07:00 صباحا وتغلق على الساعة 18:00 مساء.

تأخّر عملية التصويت

وتعطّلت صباح اليوم عملية الاقتراع على مشروع الدستور الجديد بمركز الاقتراع بالمدرسة الابتدائية شارع بورقيبة بالحمامات من ولاية نابل. وكان عدد من المواطنين الذين توافدوا منذ ساعات الصباح الاولى للإدلاء بأصواتهم، احتجوا بسبب تأخّر انطلاق عملية التصويت التي بررها رئيس المركز، محمد داود، بتلقيهم بطاقات الاعتماد الخاصة برئيس واعضاء المركز بصفة متأخرة. وأكد أنه سيتم تعويض الوقت الضائع عند غلق مركز الاقتراع.

وفي سياق متصل، شهد مركز الإقتراع 2 مارس 1934 صفاقس المدينة، صباح اليوم إقبالا محتشما، في ظل غياب الملاحظين و المراقبين.

غياب الملاحظين

وعرف عدد كبير من مراكز الاقتراع غياب الملاحظين المحليين والدوليين، فيما أعلنت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" أنه تم منع عدد من الملاحظين من القيام بمهمتهم.

وقالت في بلاغ إن الملاحظين المعنيين هم من الذين لم تتم طباعة بطاقات الاعتماد الخاصة بهم من هيئة الانتخابات والذين تم تسليم الجمعية شهادات ورقية باعتمادهم. وطالبت هيئة الانتخابات بالتدخل السريع وتعميم معلومة الشهادات على أعوانها والسماح لمن يستظهر بها بالقيام بدورهم في الملاحظة.

أرقام

وفي تصريح سابق، أكدّ رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، أنّه لأوّل مرة في تاريخ الانتخابات في تونس بلغ العدد الجملي للمسجلين لاستفتاء 25 جويلية، 9.278.541. ناخبا، بينهم 8.929.665 داخل تونس و348.876 بالخارج، وهُم يمثلون كل التونسيين الذين بلغوا سنّ التصويت أيّ 18 سنة والمتحصلين على بطاقة تعريف وطنية.

ويتوزع الناخبون على 27 دائرة انتخابية داخل تونس، موجودة في 24 ولاية، و6 دوائر انتخابية في الخارجة موزعة على 46 دولة.

وأضاف أنّ 26%من المسجلين تم تسجيلهم بطريقة آلية، إثر اقتراح مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إصدار مرسوم ينقح القانون الانتخابي ويسمح بالتسجيل الآلي للناخبين، ضمانا لمشاركة واسعة لكل التونسيات والتونسيين وتمكينهم من ممارسة حقهم الانتخابي والمشاركة في الاستفتاء.

وبيّن بوعسكر، أنّ 50,47% من جملة المسجلين هم من النساء، و49,53% من الرجال، وحسب الفئات العمرية فإن 19% من المسجلين يفوق معدل أعمارهم 60 سنة، أمّا الفئة العمرية ما بين 45 و60 سنة فتبلغ نسبتها 25% ، في حين تبلغ نسبة من تتراوح أعمارهم بين 26 و45 سنة حوالي 43%، أما فئة الشباب بين 18 و25 سنة فتبلغ نسبتها 13% من جملة الناخبين.

كما خصّصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ليوم الاقتراع، 11614 مكتب اقتراع، و4834 مركز اقتراع، داخل البلاد وخارجها، توّزعت على 11236 مكتب، و4536 مركز بالداخل و378 مكتب و298 مركز اقتراع بالخارج.

توقعات بمشاركة ضعيفة

ويتوقع أن يكون الإقبال على الاستفتاء ضعيفا، بسبب عدة عوامل منها انخفاض نسب إقبال الناخبين عموما في انتخابات سابقة، وتراجع نسبة تأييد الرئيس قيس سعيّد، وفقا لاستطلاعات حديثة، فضلا لدعوات المقاطعة.

وقررت هيئة الانتخابات اعتماد مبدأ التسجيل الآلي لكل المواطنين، ما رفع العدد إلى أكثر من 9 ملايين ناخب، الأمر الذي سيفتح الباب أمام نسبة مشاركة ضئيلة.

ومهّد قيس سعيّد لمشروعه السياسي باستشارة وطنية لم يُشارك فيها سوى 415 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 16 وما فوق الستين سنة، بما يمثل حوالي 7 بالمئة من عدد الناخبين في آخر انتخابات عامة جرت بالبلاد عام 2019.

وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011، 51.97 بالمئة من جملة المسجلين، فيما كانت ذروة المشاركة في الاقتراع هي التي شهدتها الانتخابات التشريعية لسنة 2014، حيث بلغت نسبة الاقتراع 68.36 بالمئة.

وتراجعت نسبة المشاركة في سنة 2019، حيث بلغت 41.7 بالمئة، فيما لم يتغير الوضع كثيرا خلال الانتخابات الرئاسيّة في دورها الأوّل، حيث شهدت إقبال 49 بالمئة من المقترعين، فيما ارتفعت نسبة التصويت لتصل إلى 55 بالمئة، في الدور الثاني الذي حسمه الرئيس الحالي قيس سعيّد ضد رجل الأعمال نبيل القروي.

مقاطعة

ومن المنتظر أن تتأثر نسبة المشاركة في الاستفتاء بدعوات المقاطعة التي أطلقتها أحزاب المعارضة، حيث دعت "جبهة الخلاص الوطني" إلى عدم التصويت.

وتتكون الجبهة من 5 أحزاب هي "النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" و"حراك تونس الإرادة" و"الأمل"، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب" وبرلمانيين.

بدورها، دعت "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء" إلى مقاطعة الاستفتاء وتظاهرت الجمعة بالعاصمة حيث وقعت مناوشات مع قوات الأمن. والحملة مكوّنة من 5 أحزاب يسارية هي: الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وحزب العمال وحزب القطب.

وتقاطع الاستفتاء أيضا، أحزاب "المسار الديمقراطي الاجتماعي" (يسار)، "الإرادة الشعبیة" و"العمل والإنجاز" و"الوطنيون الديمقراطيون الموحد"، إضافة إلى عدة جمعيات حقوقية ومهنية منها "النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين".

الدستور الجديد ودستور 2014

وبموجب قواعد سعيد للاستفتاء ليست هناك حاجة إلى حد أدنى من المشاركة لإقرار الدستور الجديد. وتشترط هذه القواعد فقط أن يدخل حيز التنفيذ بمجرد نشر النتائج النهائية ولا تذكر ما سيحدث إذا رفضه الناخبون.

وأشاد سعيد بخطواته باعتبارها أساسا لجمهورية جديدة لإعادة الثورة إلى مسارها وإنهاء سنوات من التصلب السياسي والركود الاقتصادي، بينما يتهمه خصومه بقيامه بانقلاب.

وعلى الرغم من إدانة معظم الأحزاب السياسية الرئيسية ومنظمات المجتمع المدني تقريبا نهجه الأحادي الجانب لإعادة كتابة الدستور وشرعية الاستفتاء، فقد فشلت في بناء جبهة موحدة. وتجلى ذلك في الاحتجاجات ضد سعيد في الأيام الأخيرة، حيث احتجت جبهة الخلاص يوم السبت، في حين نظمت مؤسسات المجتمع المدني وبعض الأحزاب احتجاجا يوم الجمعة.

ويشكّل الدستور الجديد المستفتى عليه قطيعة مع دستور الثورة الذي أقِرّ في 2014 وأسّس لنظام برلماني معدّل. ويقر الدستور الجديد بشكل واضح النظام الرئاسي، ولم تعد فقط للرئيس فيه صلاحيات الدفاع والخارجية كما نص عليها دستور 2014، بل توسّعت لتشمل أبعد من ذلك اختصاصات تعيين الحكومة والقضاة وتقليص النفوذ السابق للبرلمان.

كما أصبح لرئيس الجمهورية حق تعيين رئيس الحكومة وبقية أعضائها باقتراح من رئيس الحكومة، كما يُخوّل له الدستور إقالتها دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك.

كما أن للرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة وتحديد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية "أولوية النظر" من جانب نواب البرلمان.

فضلاً عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين "مجلس نواب الشعب" الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة 5 سنوات و"المجلس الوطني للجهات" ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة، على أن يصدر لاحقا قانون يحدد مهماته.

ويندرج إرساء هذا المجلس في إطار تصور الرئيس قيس سعيّد بلامركزية القرار وأن الحلول للمناطق المهمشة والتي تفتقد للتنمية يجب أن تُطرح من جانب الأهالي.

إضافة إلى ذلك، يقبل الرئيس استقالة الحكومة إثر تقديم لائحة لوم مُصادق عليها بغالبية الثلثين للمجلسين مجتمعين، وهذا من الصعب تحقيقه ويفسح له المجال ليكون المقرّر الأول لمصير أي حكومة.

ولم يتضمن الدستور بنودا لإقالة الرئيس، خلافا لما جاء في دستور عام 2014، وفي المقابل يمنح له الحق في حل البرلمان والمجلس الوطني للجهات. ويعيّن الرئيس القضاة إثر تقديم ترشحاتهم من جانب المجلس الأعلى للقضاء، ما اعتبره قضاة "تدخلا في استقلال القضاء".

عيد الجمهورية

وتوازيا مع الاستفتاء، تُحيي تونس في 25 جويلية، الذكرى الـ65 لعيد الجمهورية، اليوم الذي تم فيه إلغاء النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري سنة 1957.

وألغى المجلس القومي التأسيسي المنتخب في 25 مارس 1957 باسم الشعب، النظام الملكي وأعلن النظام الجمهوري ليكون الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية.

وكان إعلان الجمهورية سنة 1957 تتويجا لمسار نضالي وطني طويل خاضه الشعب التونسي ضد المستعمر الفرنسي منذ 1881.

inbound1384922912724050272.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً