post

قبل أيام من إغلاق باب الترشيحات.. كيف تستعد القوى السياسية السنية للانتخابات في لبنان؟

الشرق الأوسط الإثنين 07 مارس 2022

على مسافة أيام من إقفال باب الترشح للانتخابات البرلمانية في 15 مارس الجاري، يتفاقم الإرباك لدى القوى السياسية التي تمثل الطائفة السنية في لبنان.

ويرى مراقبون أن صدى تعليق زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري لعمله السياسي ومشاركته بالانتخابات لم يهدأ حتى داخل صفوف التيار، إذ لم تتقبل بعض كوادره معنى الانسحاب من الحياة السياسية، وهو ما تجلى أخيرا بإعلان نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش استقالته من منصبه، علما أنه أحد أبزر مؤسسي التيار قبل 24 عاما، وواكب مسيرتي الرئيس الراحل رفيق الحريري ونجله سعد.

ورغم أن ما يعرف بالحريرية السياسية تصدرت زعامة الطائفة السنية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وعرفت كتيار عابر للمناطق، فإن الطائفة تميزت بألوان سياسية مختلفة، بين حركات دينية كالجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع الإسلامية، وبين شخصيات موالية لحزب الله وقوى وزعامات مناطقية مثل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتحدر من طرابلس، وهو لم يحسم أيضا خياره بالترشح.

ومع ذلك، سبب قرار الحريري، منذ نهاية جانفي الماضي، اهتزازا سياسيا كبيرا للحلفاء والخصوم. وكي لا يفهم موقف الحريري بأنه دعوة لمقاطعة الانتخابات، بدأ حراك ديني تصدره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وحراك سياسي من قبل قيادات من الطائفة السنية، للتشديد على ضرورة المشاركة بالانتخابات ترشحا واقتراعا.

حركة السنيورة

وفي نهاية فيفري الماضي، أعلن رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أنه يدرس خيار ترشحه للانتخابات في 15 ماي، ودعا الناخبين السنة للمشاركة الكثيفة وعدم المقاطعة، وهو ما عزز الانقسام داخل تيار المستقبل، بين مصرّين على الالتزام بقرار الحريري الذي اشترط عدم ترشح أحد من حزبه إلا إذا استقال من التيار، وبين مؤيدين لموقف السنيورة كمصطفى علوش.

خلفيات استقالة علوش

من جانبه، كشف علوش بعض جوانب خلافاته مع الحريري، وقال إن استقالته نتيجة تراكمات، وإن موقعه بوصفه نائبا لرئيس التيار لم يتح له المشاركة في القرارات المصيرية، فكان مجرد متلق، رغم موقفه الرافض لانسحاب الحريري من الحياة السياسية.

ويتحدث عن تحذيراته المتكررة للحريري مما يسميه "خطورة إبقاء الساحة السنية فارغة للطارئين وموالي حزب الله". وأشار إلى أن تفاهمه مع السنيورة جعله يواجه انتقادات داخل "المستقبل" واتهامات بعدم الوفاء، "فقدمت استقالتي 3 مرات حتى قبلها الحريري".

التحضير للانتخابات

وفي المقابل، تتصرف الشخصيات السنية الموالية لحزب الله كأنها غير معنية بخيارات "المستقبل" وقواعده، فتستكمل تحضيراتها للانتخابات وتنسج لوائحها وتحالفاتها في مختلف الدوائر.

وفي طليعة هؤلاء نواب "اللقاء التشاوري" المقربين من حزب الله، وهم: عدنان طرابلسي (جمعية المشاريع-بيروت)، فيصل كرامي (طرابلس)، جهاد الصمد (الضنية)، وليد سكرية (البقاع الشمالي)، عبد الرحيم مراد (البقاع الغربي).

ورفض طرابلسي وصف حالة الطائفة السنية بالتخبط، "لأنها ليست حكرا على أحد"، وقال إن السنة اليوم يختبرون مخاضا لإفراز ممثلين جدد عنهم. وأكد طرابلسي جهوزيتهم لخوض الانتخابات مع حلفائهم، "لكننا لم ننته من تشكيل اللوائح"، وأبرز أن تحدياتهم ترتبط بالوضع المعيشي والاقتصادي والسياسي.

الرابحون والخاسرون

وسلط الباحث والمتخصص بالشأن الانتخابي كمال فغالي الضوء على واقع الطائفة السنية منذ ما قبل تعليق الحريري عمله السياسي، وتحدث عن استطلاعات أظهرت أن الإحباط الشعبي والسياسي يصيب المناطق ذات الغالبية السنية أكثر من غيرها، لأنها "أكثر فقرا وتهميشا كمدن وقرى شمالي لبنان".

وأوضح في تصريح صحفي، أن "المستقبل" تراجع حضوره الشعبي في السنوات السابقة، كأغلب الأحزاب، لكن انسحاب الحريري قد يؤدي برأيه إلى تغيير موازين القوة، "نظرا لاحتمال تشتت الأصوات ومقاطعة شريحة واسعة من مؤيديه".

بالتوازي مع ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي حسين أيوب أن الارتدادات السلبية لانسحاب الحريري لن تنتهي، وتوقع أن تؤدي إلى تراجع حركة الترشيحات من الطائفة السنية، وأن تؤثر في نسبة المشاركة ونوعية من سيمثلونها بالبرلمان المقبل.

وقال إن التحدي الأساسي يتمثل في المواءمة بين قرار الحريري ومن سيملأ الفراغ، ويجد أن ثمة مراوحة واسعة من الاحتمالات المقبلة، ومنها: ظهور زعامات سنية جديدة، أو إعادة فتح بعض البيوتات السياسية السنية والتمكن من التقدم والتحرك، أو "إهداء" بعض مقاعد هذه الشريحة إلى قوى 8 مارس وتحديدا حزب الله، أو وصول شخصيات مؤهلة لتشغل المرحلة الانتقالية تمهيدا لعودة الحريرية المحتملة بعد 4 سنوات للانتخابات.

ورأى أيوب أن حركة السنيورة قد تشد العصب وتضفي حيوية ما، لكنه برأيه "لن يزيد نسبة المشاركة السنية كثيرا". ورجح مواجهته لمطب كبير "إذا قرر المستقبل الانتقال من الحياد الإيجابي إلى الحياد السلبي -وأتوقع ذلك- أي منع فوز السنيورة بأصوات تيار المستقبل".

ويجد أن أكثر المتضررين مما يصفه بإرباك الساحة السنية هو الحريري وتياره، "لأن التجربة التي راكمتها الحريرية السياسية، وتحديدا منذ وصول رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة عام 1992 يُراد لها أن تُشطب".

وخلافا لكثيرين، اعتبر أيوب أن المتضرر الثاني هو حزب الله الذي يناسبه وجود تيار معتدل على رأسه الحريري، ولا يناسبه تقدم مجموعات سنية مناهضة له، تختلف بسلوكها عن الحريري الذي كان يربط النزاع مع الحزب.

inbound4730517242074234378.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً