post

كانت داعمة له.. لماذا انقلبت المنظمات والأحزاب على سعيّد؟

تونس الثلاثاء 22 مارس 2022

عبّرت العديد من المنظمات والأحزاب الداعمة للرئيس قيس سعيّد، عن رفضها السياسات التي تنتجها سلطات قرطاج، وانتقدوا تغييبهم وعدم التشاور معهم، واعتبروا أن مشروع الاستشارة الإلكترونية التي روج لها قيس سعيد "فشلت".

وانتقد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، تغييب الرئيس سعيد مكونات المجتمع التونسي من منظمات وطنية، وأكد أن الاتحاد ليس "بيدقا" في تونس.

وقال الطبوبي إنه بإمكان رئيس الجمهورية التوجه نحو الاستشارة أو حتى تغيير الدستور و"على الشعب تحمل مسؤوليته"، ودعا في السياق ذاته إلى ضرورة إجراء حوار وطني.

وتعليقا على ختم الرئيس سعيد لعدد من المراسيم الخاصة بالشركات الأهلية والصلح الجزائي، قال أمين عام اتحاد الشغل، إن "العبرة ليست في إمضاء المراسيم، بل في جدواها وفي فاعليتها".

انتقادات حركة الشعب

وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، أن النظام السياسي برأسيه في السلطة التنفيذية، أحد أسباب الأزمة في تونس، وأوضح أن "خطاب سعيّد في واد وخطاب رئيسة الحكومة نجلاء بودن في واد آخر".

واستغرب المغزاوي من توجيه سعيد كلمة للتونسيين في ساعة متأخرة من ليلة الأحد، خاصة أنّ ذلك تزامن مع ذكرى عيد الاستقلال. وقال أمين عام الحركة الداعمة للرئيس سعيد: ''لم أر لماذا يُلقي خطابا قبل وبعد منتصف الليل، كان بإمكان رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال أن يتوجه بكلمة للشعب، ويعلن عن قراراته، ولم أتفاجأ بخطابه، لأنّنا تعوّدنا في الفترة الأخيرة على الطريقة التي يُلقي بها خطاباته".

واعتبر المغزاوي أنّه كان من المفترض أن يقوم قيس سعيد بالاحتفال رسميا بعيد الاستقلال، ''ولكن استغربت في عيد وطني، أن تتم الأمور بهذه الطريقة". وأشار إلى أن خلاف حركة الشعب في الفترة الأخيرة يتمحور حول الأولويات، وقال: ''كنا من المساندين لـ25 جويلية، لكن الخلاف اليوم في إدارة المرحلة وفي الأولويات".

انقلاب "صمود"

إلى ذلك، اعتبر ائتلاف صمود، الداعم للرئيس سعيد، أن "عدم نجاح" الاستشارة الوطنية في استقطاب اهتمام المواطنين، لا تسمح لرئيس الجمهورية باعتمادها في صياغة البدائل السياسية المرتقبة.

كما دعا ائتلاف صمود في بيان له، الاثنين، الرئيس سعيد، إلى "تجنيب البلاد مخاطر الخوض في إصلاحات سياسية غير مدروسة ومرتجلة، قد تفشل نهائيا الانتقال الديمقراطي، وتدمر ما تبقى من مقومات الدولة".

واعتبر ائتلاف صمود أن مشروع "البناء القاعدي" الذي قدّمه عدد من أعضاء "الحملة الرئاسية"، لا يرتقي لأن يؤسس لمنظومة بديلة للديمقراطية التمثيلية. ونبّه إلى أن "هذه الأطروحات والمضامين خطيرة وتؤسس لنظام سلطوي أحادي لا تتوفر فيه الشّروط الدنيا لتكريس دولة القانون ولحماية الحقوق والحريات".

توحيد الصفّ الديمقراطي

من جهتها، طالبت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في تونس الإثنين، بـ"توحيد الصف الديمقراطي بأحزابه ومُستقليه، للعمل معا من أجل الدفاع عن المكاسب الديمقراطية التي حققتها تونس، والحيلولة دون إجهاض التجربة".

ودعت التنسيقية (تضم أحزاب "التيار الديمقراطي"، و"الجمهوري" و"التكتل من أجل العمل والحريات"، وعددا من الشخصيات الوطنية)، إلى الاعتبار من اللحظة التاريخية، بمناسبة الذكرى 66 للاستقلال. وأشارت في بيان مشترك لها إلى أن "تونس تعيش أوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية لم تشهدها من قبل، بعد تعليق العمل بالدستور وسيطرة الحكم الفردي وتفاقم ضرب الحريات العامة والفردية والنيل من استقلال القضاء".

وطالبت كذلك "بإنهاء حالة الاستثناء، بالعمل على إنجاز حوار وطني شامل وبناء لوضع خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاتفاق على حكومة إنقاذ وطني والعودة إلى المسار الدستوري والعمل بأحكام الدستور، والإعداد لانتخابات عامة تُعيد إرساء الشرعية الدستورية المُنبثقة من الصندوق".

اتساع الفجوة

واعتبرت التنسيقية أن "الاستشارة الوطنية المزعومة، أظهرت اتساع الفجوة بين نظام الحكم والمجتمع في ضوء النتائج الهزيلة التي أسفرت عنها، بالرغم من استغلال إمكانات الدولة وتعبئة أجهزتها الإدارية والإعلامية لخدمة هذا المشروع الشخصي الفاشل، في غياب كل تفكير في حلول عاجلة لمجابهة الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة، التي لم تعرف البلاد مثيلا لها منذ الاستقلال".

وشدد البيان على أن "إقدام رئيس الجمهورية على الخرق الفاضح للدستور بتعليق عمل البرلمان وحل المجلس الأعلى للقضاء، قاد إلى تجميع كافة السلطات التشريعية والقضائية، فضلا عن التنفيذية، بأيدي رئيس الجمهورية".

وقالت التنسيقية إنه "في ظل حالة الاستثناء الراهنة تعددت محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري واستخدامه كأداة لقمع كل من ينتقد الوضع السائد ويحمل رئيس الجمهورية مسؤوليته فيه، ومحاولات تدجين الإعلام والعودة به إلى مربع التعليمات وترهيب الصحفيين بالاعتداء عليهم وإيقافهم تعسفيا ومحاكمتهم خارج إطار المرسوم عدد 115 والمختص وحده بالاعتماد في قضايا الصحافة والنشر فضلا عن تتبع المدونين والتضييق على الحق في التظاهر".

نتائج الاستشارة

وفي ساعة متأخرة من مساء الأحد 20 مارس، أعلن سعيد انتهاء الاستشارة الوطنية الإلكترونية، التي انطلقت فعليّا للعموم منذ 15 جانفي الماضي، وقال إن "أكثر من نصف مليون شاركوا في الاستشارة الإلكترونية، رغم حملات الازدراء والتشويه والعقبات من بعض الأطراف، وتم قطع المشاركة في هذه العملية الفريدة من نوعها من قبل هؤلاء الذين لا يريدون أن يعبر الشعب عن إرادته".

وبلغ عدد المشاركين في الاستشارة 534 ألفا و915 شخصا، أي بنسبة 7 بالمئة من عدد التونسيين المعنيين بالتصويت في الانتخابات. وتوزع المشاركون في الاستفتاء على 362 ألفا و210 من الذكور، و168 ألفا و705 من الإناث، أما الفئات العمرية الأكثر مشاركة فهي ما بين 30 و39 سنة، بنسبة 25.7 بالمئة.

وستقوم لجنة الصياغة التي سيعينها الرئيس وسينظم اختصاصاتها بأمر رئاسي، بعملية التأليف بين مختلف المقترحات والإجابات على أن تنهي أعمالها قبل نهاية شهر جوان، ثم صياغة مسودة التعديلات السياسية الكبرى لتعرض إثر ذلك نتائجها على استفتاء شعبي في 25 جويلية القادم.

وختم الرئيس سعيّد، ليلة الأحد، جملة من المراسيم الرئاسية الخاصة بـ"الصلح الجزائي وتوظيف عائداته، الشركات الأهلية ومقاومة المضاربة غير المشروعة".

وتعيش البلاد، أزمة سياسية، منذ 25 جويلية الماضي، على خلفية اتخاذ الرئيس سعيد، قرارات توصف بأنها انقلاب، بتجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وتعمقت الأزمة السياسية بعد إعلان الرئيس، في 13 ديسمبر الماضي، عن تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في جويلية المقبل.

inbound4921354842767252916.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً