post

كيف ساهم نقص السيارات الجديدة في ارتفاع أسعار المستعملة؟

اقتصاد وأعمال الجمعة 21 جانفي 2022

تتسارع وتيرة ارتفاع أسعار السيارات المستعملة في تونس مع تزايد الإقبال عليها بسبب نقص المعروض من المركبات الجديدة، على خلفية تأثرها بسلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن تراجع القدرات الشرائية للكثير من المواطنين، الذين تغيرت أنماط شرائهم بفعل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد وتداعيات جائحة فيروس كورونا.

وتعاني سوق السيارات في تونس من تداعيات أزمة الرقائق الإلكترونية عالمياً (أشباه الموصلات)، والتي تسببت بتراجع تسليمات شركات السيارات في أنحاء العالم وعدم قدرة وكلاء البيع على تلبية طلبات التجار في السوق المحلية، ما جعل "أسواق المستعمل" بديلاً للكثيرين.

لكنّ أسعار العربات المستعملة تصدم المقدمين على الشراء، الذين يشكون من زيادات قياسية، فضلاً عن نقص في المعروض أيضا، خصوصاً العربات صغيرة الحجم التي يقبل عليها التونسيون بشكل كبير.

وتخلق السيارات المستعملة سوقاً تجارية نشيطة لمن يتكسّبون من العمل في مجالات البيع والأنشطة التجارية المرتبطة بها، مثل تجارة قطع غيار المركبات ومستلزماتها المختلفة.

ولا تقل زيادة الأسعار عن 20% خلال عام، مقتفية أثر أسعار السيارات الجديدة التي تشهد ارتفاعات أيضاً، ويتوقع الكثيرون أن تواصل أسعار السيارات المستعملة ارتفاعها خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً بعدما كشف قانون المالية لسنة 2022 أنّه لا نية لمراجعة أسعار السيارات الجديدة عبر خفض ضرائبها.

وتشهد السوق التونسية توريد ما بين 60 ألفاً و70 ألف سيارة جديدة سنوياً من قبل وكلاء البيع، بالإضافة إلى بيع نحو 20 ألف سيارة في سوق المستعمل، وفق تقديرات بعض التجار.

وتجارة السيارات المستعملة نشاط اقتصادي يوفر الرزق لآلاف التونسيين ممن يشتغلون في الأسواق المتخصصة التي تديرها البلديات أو في صالونات عرض العربات المستعملة، فضلاً عن الوسطاء الذين يعملون عبر صفحات متخصصة يديرونها على شبكات التواصل.

وسوق المروج ببن عروس وسوق مدنين، من أكبر أسواق المركبات المستعملة، وتمثل هذه الأسواق بورصة لقياس الأسعار، كما يعد الإقبال عليها مقياساً لمدى ازدهار الحركة التجارية في هذا القطاع.

وفي نهاية العام الماضي، 2021، طلبت غرفة وكلاء بيع السيارات من الحكومة خفض الضرائب على السيارات من أجل الحد من تصاعد أسعار المركبات الجديدة، غير أنّ قانون المالية لم يحمل أيّ إجراء في هذا الاتجاه.

ورجح رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات، إبراهيم دباش، في تصريح صحفي، أن تسجل المركبات الجديدة زيادة في الأسعار تراوح ما بين 3% و5% خلال العام الحالي، وأشار إلى أنّ هذه الزيادة ناتجة عن نقص المعروض العالمي.

وتتسبب أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي تضررت منها بشدة الشركات الأميركية والأوروبية على وجه الخصوص، في تغيير وجهة السوق التونسية نحو العربات الآسيوية التي توسعت حصتها من حجم المبيعات إلى أكثر من 50%، لتتصدر العلامات الصينية والكورية الجنوبية المراتب الخمسة الأولى في تصنيف المبيعات حتى نهاية أوت الماضي، وفق الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات، لتتقدم بذلك على الشركات الأوروبية التي استأثرت لعقود طويلة بالحصة الكبرى من السوق التونسية.

وبخلاف نقص المعروض من السيارات الجديدة الذي تسبب في زيادة أسعار المركبات المستعملة، كان لعامل القدرات الشرائية للمواطنين دور حاسم في الإقبال على سوق المستعمل.

وتتسع الفوارق بين القدرة الشرائية للمواطنين والأسعار بشكل لافت، حيث أنّ السعر الأدنى للعربات العائلية الجديدة لا يقل عن 30 ألف دينار، في حين لا يتجاوز معدل أجور الموظفين 1500 دينار شهرياً، ما يدفع الكثيرين للاقتراض من أجل شراء سيارة.

وبلغت القيمة المعلنة لقروض شراء السيارات حتى نوفمبر 2021 نحو ملياري دينار، بما يعادل 8% من مجموع القروض التي منحها القطاع المصرفي للتونسيين.

inbound9129200265932914019.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً