post

ماهي ملامح مشروع دستور اتحاد الشغل؟

تونس الجمعة 24 جوان 2022

قدّم الاتحاد العام التونسي للشغل، أمس الخميس، نسخة أولية من مبادرته حول رؤيته الإصلاحية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا لتونس، لمكونات المجتمع المدني، من أجل طرحها على النقاش والحوار ومزيد إثرائها في انتظار أن يتم عرضها نهائيًا على الهيئة الإدارية للاتحاد من أجل تبنيها، وفق ما أكده الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي.

وقال الطبوبي، في كلمة له خلال ورشة لاتحاد الشغل انتظمت بتونس العاصمة تحت عنوان "رؤية إصلاحية للنظام السياسي التونسي"، إن مبادرة الاتحاد لتعديل دستور 2014، تضم مقترحات ومضامين اقتصادية واجتماعية في علاقة بنظرة الاتحاد في الإصلاح، فضلًا عن تصوره للإصلاح فيما يتعلق بالنظام السياسي والنظام الانتخابي.

وأشار أمين عام اتحاد الشغل إلى أن الاتحاد، في مبادرته، لن يجرم الأحزاب لأنه يؤمن بالتنوع وبأهمية دور الأحزاب في بناء الديمقراطية، وقال: "نريد نظامًا مدنيًا جمهوريًا يكون فيه فضاء مفتوحًا للجميع، ولا يمكن أن نقبل مسارات أحادية الجانب".

وأضاف الطبوبي: "نحن دعاة حوار مسؤول يفضي إلى حلول ناجعة وحقيقية، ولهذا السبب رفضنا أن نكون طرفًا في هيئة الصادق بلعيد لأنه لا يمكن أن نزج بالاتحاد في مسار مجهول تطغى عليه المخاتلة ويترجم أفكارًا أحادية الجانب لا تتعلق بالشعب وبالنظام المدني وقيم الجمهورية والتوازن بين السلط وبضمان الحريات العامة والفردية"، حسب تصريحه.

ومن جهته، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري أن "هناك الملاحظات التي قدمت لاتحاد الشغل من مختلف المتدخلين في ورشة العمل، كما سترده ملاحظات كتابية أخرى بما يدفع إلى إثراء مبادرة اتحاد الشغل التي سيعرضها يومي 26 و27 جوان 2022 على الهيئة الإدارية الوطنية لتبنيها والدفاع عنها". وأضاف، في تصريح صحفي على هامش ورشة العمل، أن اتحاد الشغل سينتظر في الأثناء نشر مشروع الدستور الذي من المنتظر أن يصدر في آجال 30 جوان 2022.

وتابع الطاهري: "سنرى إن كان مشروع الدستور سيستجيب إلى تطلعاتنا أو هل يتوافق مع مشروع المبادرة التي نقدمها وهل سيحافظ على ضمانات الحقوق والحريات خاصة منها الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ضوء ذلك سنتفاعل". وأكد أن الاتحاد سيطرح مبادرته في حال تم التصويت بـ"لا" في الاستفتاء على مشروع الدستور الذي سينشره الرئيس قيس سعيّد.

إلغاء السياحة الحزبية

واقترح عدد من خبراء القانون الدستوري الذين ساهموا في إعداد مشروع لتعديل دستور 2014 بمبادرة من اتحاد الشغل في اطار ما أسماه الاتحاد بمشروع من أجل رؤية اصلاحية للنظام السياسي في تونس، إلغاء الاستقلالية المالية والادارية للبرلمان وتحديد المدة النيابية للنائب بثلاثة مدد متصلة أو منفصلة. كما اقترح مشروع الاتحاد إلغاء ما يعرف إعلاميا بالسياحة الحزبية بعد أن تبت المحكمة الدستورية في ملف النائب اذا استقال من الكتلة او القائمة التي ترشح باسمها.

وحصر مشروع الاتحاد ضمانة الحصانة للنواب في الاعمال النيابية فقط دون بقية التصرفات الاخرى التي يأتيها النائب مع سحب حق الاعتصام بالحصانة الجزائية كتابة وتأكيد مبدأ عدم تتبعه او ايقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة من قبل مجلس نواب الشعب بعد سماعه الا في حالات التلبس.

وجاء في مشروع التعديل الذي يتبناه الاتحاد العام التونسي للشغل عدم الاكتفاء بحق المعارضة في ترؤس لجنه المالية وطلب تشكيل لجان تحقيق، بل اسند للمعارضة احقية ترؤس لجان التحقيق وجوبنا.

دور رئيس الجمهورية

وسحب مشروع تعديل دستور 2014 الذي يقترحه الاتحاد العام التونسي للشغل حق تقديم المبادرة التشريعية من رئيس الجمهورية وذلك لتكريس دوره كحكم بين البرلمان والحكومة مع المحافظة على حقه في الاعتراض على مشاريع القوانين التي وافق عليها البرلمان وحقه في اللجوء الى الاستفتاء الشعبي في سياق دوره كسلطة تأثير معنويه تتدخل وفق هذه الالية قصد الاستجابة لتطلعات الشعب أو في مجالات لم تعرها الحكومة الاهتمام الكافي.

ومنح تعديل المقترح رئيس الجمهورية حق اصدار المراسيم باقتراح من رئيس الحكومة في حالة حل البرلمان مع استثناء النظام الانتخابي من مجال المراسيم. وأعاد التعديل الدستوري المقترح ضبط وتحديد دور رئيس الجمهورية بما هو رئيس للدولة ورمز لوحدتها واستمراريتها والسير العادي للمؤسسات الدستورية الديمقراطية في اطار احترام الدستور والقوانين.

وقالت لجنة صياغة التعديلات إن هذا التدقيق الجديد يغلق الباب امام كل صور مساس رئيس الجمهورية بالمؤسسات الدستورية التي وضعت لضمان ديمومة النظام الديمقراطي تحت اي مبرر كان.

وبخصوص الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، يقترح مشروع تعديل الدستور الذي اعده الاتحاد العام التونسي للشغل ان يكون المترشح لهذا المنصب تونسي الجنسية منذ الولادة وغير حامل لجنسية اخرى، بالغا من العمر 35 سنة على الاقل، وهو ما يقطع وفق لجنة الصياغة مع الترضيات التي تمت بخصوص الجنسية والتي لا تتناسب مع المنصب مع ضرورة اصلاح النظام الانتخابي بخصوص شروط الترشح.

وحصر مشروع التعديل مسألة اختصاصي رئيس الجمهورية بأنه القائد الاعلى للقوات المسلحة في القوات المسلحة العسكرية، وذلك لتفادي الخلط والجدل حول شمولية عبارة القوات المسلحة للقوات الاخرى غير العسكرية والحاملة للسلاح.

ومكن مشروع التعديل المقترح رئيس الجمهورية من ادوات الضغط على الحكومة والبرلمان لتجاوز كل الازمات السياسية باختيار اما حل البرلمان او اقالة الحكومة دون اضافة تضييقات عليه عند ممارسته هذه الصلاحيات مع المحافظة على قيود تضمن وعدم التلاعب بالآليتين لأسباب انتخابية، من خلال التنصيص على أنه لا يجوز حل البرلمان خلال الستة اشهر التي تلي نيل اول حكومة ثقة المجلس بعد الانتخابات التشريعية، او خلال الاشهر الستة الاخيرة من المدة الرئاسية او النيابية، كما لا يجوز اقالة الحكومة خلال ستة اشهر الاخيرة من المدة الرئاسية او النيابية.

كما نص مشروع التعديل على انه يختم رئيس الجمهورية وجوبا القوانين ويأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، واضاف التعديل عبارة وجوبا بخصوص الختم والنشر بالرائد الرسمي للتأكيد على ان المسألة تتعلق بأحد واجبات رئيس الجمهورية وليس بصلاحية يمتلك بشأنها سلطة تقديرية.

ويمكن مشروع التعديل اغلبية اعضاء مجلس النواب من المبادرة بلائحة معللة لإعفاء رئيس الجمهورية من اجل الخرق الجسيم للدستور ولا يمكن للمحكمة الدستورية عند البث في ذلك ان تحكم في صوره الادانة الا بالعزل، ولا يعفي ذلك من التتبعات الجزائية عند الاقتضاء ويترتب على الحكم بالعزل فقدانه لحق الترشح لأي انتخابات اخرى.

وأضاف مشروع التعديل فقرة جديدة تحجر على رئيس الجمهورية استعمال الية حل البرلمان للتصدي للائحة اعفاء مقدمة ضده من قبل اغلبية مجلس نواب الشعب من اجل الخرق الجسيم للدستور.

ويذكر أن رئاسة الجمهورية كانت أعلنت، عشية الاثنين 20 جوان 2022، أن الرئيس المنسق لما يعرف بـ"الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" الصادق بلعيد سلّم الرئيس قيس سعيّد "مشروع الدستور الذي تم إعداده في إطار الهيئة"، وذلك لدى استقباله بقصر الرئاسة بقرطاج. وذكرت، في بلاغ لها، أن الرئيس سعيّد أكد أن "مشروع الدستور ليس نهائيًا وأن بعض فصوله قابلة للمراجعة ومزيد التفكير".

inbound1820046887845336503.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً