post

مسلسل "براءة" يثير الجدل بسبب "الزواج العرفي"

ثقافة وفن الأربعاء 13 أفريل 2022

أثار مسلسل "براءة"، الذي يعرض على قناة "الحوار التونسي"، جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب طرحه لقضية الزواج العرفي، الذي يجرّمه القانون التونسي منذ عام 1956.

ويتناول المسلسل، الذي يخرجه سامي الفهري، قضية رجل ستيني ثري متزوج، تزوج من الخادمة ذات 18 سنة، ليصدم عائلته بهذا الطلب الذي يلاقي رفضا من أهله وأبنائه ومن المجتمع، فيما قبلت زوجته بالأمر؛ للحفاظ على التماسك الأسري.

وأثار المسلسل موجة واسعة من الانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب تناوله قضية الزواج العرفي، الذي جرمه القانون التونسي المُقرّ عام 1956، والذي يمنع تعدد الزوجات، ويعاقب المخالفين بالسجن لمدة تصل 5 سنوات.

بين الرّفض والقبول

وارتفعت الأصوات منذ بثّ الحلقات الأولى للمسلسل بين ناقد لهذا العمل الفنّي نقداً لاذعاً، وهم الأكثريّة، وبين قِلّة دافعوا عن حق المبدع الفنّان في التطرق لأي موضوع اجتماعي مهما كان.

واحتد النقاش في الإذاعات، وعلى أعمدة المجلات والصّحف وخاصّة في مواقع التواصل الاجتماعي التّي طغى فيها الجدل حول المسلسل على مواضيع اجتماعية وسياسية ورياضية أخرى، وأصبح مسلسل "براءة" قضيّة رأي عام.

ورأى كثيرون أن المسلسل "يعيد تونس للوراء"، ويروج لقضية "محسومة بالقانون"، وهو "أمر ليس مقبولا على الإطلاق". وفي المقابل، تحدث آخرون عن عدد كبير من قضايا الزواج العرفي في تونس، وأن "الزواج العرفي أصبح حقيقة في تونس، ومسلسل براءة كشف هذه الحقيقة التي صدمت الكثيرين".

المسّ بحقوق المرأة

ووصل النقاش إلى الرئيس قيس سعيّد، بعدما اشتكت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسي، راضية الجربي خلال لقائها به قبل أيام، تطرق المسلسل لمسألة الزواج العرفي.

ونقلت الجربي عن سعيّد رفضه لمسألة الزواج العرفي في تونس، وتأكيده عدم المس بحقوق المرأة، قائلا: "الشعب التونسي لن يقبل بمثل هذه الممارسات".

واعتبرت الجربي التطرق للزواج العرفي في عمل فني، "عملية تمييع وتبسيط وتهيئة الناس لقبول مثل هذه الظواهر التي ناضلت من أجل القضاء عليها وعلى تعدد الزوجات النساء للسنوات"، على حد تعبيرها.

كما أكدت رئيسة المنظمة النسوية، أن العنف المسلط على النساء عبر الشاشة يُجرم من قبل القانون، ودعت هيئة الاتصال السمعي البصري للتدخل في هذا السياق.

الترويج لمنصة الفهري

وتحدّث الأستاذ الجامعي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار والباحث في الميديا الصادق الحمامي في تصريح إذاعي، عن برمجة القنوات الخاصة التي أصبحت "تجارية لا تحترم كراس الشروط وأصبحت أقرب إلى قنوات بومنديل رغم أنها مطالبة باحترام الضوابط طالما تحصلت على إجازة البثّ".

وانتقد الحمامي ما يقوم به البعض من باعثي القنوات التلفزية الذين "ينامون كامل السنة وفي شهر رمضان ينتجون مسلسلا يصمم على نموذج تلفزيون القمامة ويدّعون أن هذا العمل يعالج ظواهر اجتماعية للحصول على أكبر قدر ممكن من الإشهار وتحقيق أرباح على حساب المشاهد".

وأضاف "التلفزيون التجاري حول الإنسان إلى كائنات مسترخية لا تحتاج إلى التفكير والتثقيف". وشدّد على أن مسلسل براءة "صُمّم في إطار استراتيجية تسويقية لإحداث إثارة في المجتمع وبالتالي التسويق لمنصة سامي الفهري وليس بهدف إبداعي".

العودة إلى الوراء

من جانبه، قال الصحفي مكي هلال: "ثمة خلل في صناعة المضامين والعناوين: كأننا نعود للوراء للأسف ونطرح قضايا محسومة بالقانون في تونس (كالزواج العرفي)"، واستطرد: "ليس هذا دور الدراما ولا دور الإعلام المروّج لهذه الدراما"، حسب رأيه.

وأضاف في تدوينة فايسبوكية: "حتى لا نخلع أبوابا مفتوحة، كان يستحسن مناقشة المسلسل فنيًا لا قضاياه المحسومة قانونيا واجتماعيا، فالزواج العرفي جريمة (زواج على غير الصيغ القانونية) والترويج له كذلك"، وفق تقديره.

عمل مبدع

وكتب الباحث في العلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس عصام بن منصور على الفايسبوك: "مسلسل براءة لسامي الفهري يقطر سما زعافا ويهدف لغايات محددة أبرزها ضرب العائلة التونسية وإيقافه أصبح واجبا وطنيا".

ودعا الناقد السينمائي خميس الخيّاطي، في تدوينة له على الفايسبوك، إلى ضرورة الانتظار قبل الحكم على المسلسل، وأضاف: "الناس تناقش قضية الزواج العرفي دون معرفة التطورات الدرامية المقبلة للمسلسل".

وعبّر الأديب والسياسي والديبلوماسي السابق أحمد القديدي عن إعجابه بالمسلسل ويصفه بـ"العمل التلفزيوني المبدع"، وقال "هو يشيد بواقعية الموضوع الذي يطرحه وبارك الله فيمن أنتج هذا المسلسل الواقعي والراقي".

وزارة المرأة توضّح

وأكدت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، في تعليقها على الجدل الذي رافق انطلاق بثّ المسلسل التلفزيونيّ "براءة" وما تمّ طرحه من نقاش واسع حول التناول الدراميّ لمسألة "الزواج العرفيّ" في تونس، وتوقّف البعض عند ما قد يمثّله ذلك من تهديد لحقوق المرأة وانتهاك لمكاسبها ومسّ من كرامتها، التزام الدولة التونسيّة بـ"حماية الحقوق المكتسبة للمرأة" والعمل على "دعمها وتطويرها واتّخاذ كافة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضدّ المرأة".

وجدّدت الوزارة في بيان التأكيد على أن "الزواج العرفيّ" هو زواج على خلاف الصيغ القانونيّة وجريمة يعاقب عليها القانون بعقوبة سالبة للحريّة طبقا للفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصيّة وللقانون عدد 3 لسنة 1957 المتعلّق بتنظيم الحالية المدنيّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الجريمة المذكورة لا ينطبق عليها الفصل 53 من القانون الجزائي والمتعلّق بظروف التخفيف.

وشددت الوزارة على رفضها لكافة أوجه التطبيع مع جميع أشكال العنف الممارس ضد المرأة، ودعت كلّ الفاعلين وفي مقدّمتهم مؤسسات الإعلام وأهل الفنّ والثقافة إلى المساعدة على تكريس الالتزام المجتمعيّ الشامل بتطبيق مقتضيات القانون 58 المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة.

كما دعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري إلى ممارسة صلاحيّاتها لضمان احترام المعايير الخاصة بتصنيف الانتاجات الدراميّة وتحديد الفئات العمريّة المعنيّة بمشاهدتها والمواقيت المناسبة لبثّها، تحقيقا لمصلحة الطفل الفضلى، مذكّرة في هذا المجال بالدور المحوري للأسرة في حماية أبنائها.

ومسلسل "براءة" (30 حلقة) هو من تأليف وإخراج سامي الفهري، وهو صاحب قناة "الحوار التونسي"، وتواصل تصوير المسلسل ثلاثة أشهر، وهو من بطولة عزة السليماني، ياسين بن قمرة، فتحي الهداوي (في دور ونّاس الذي أقدم على الزواج العرفي)، ريم الرياحي (في دور زهرة الزوجة)، فاطمة برتقيس، نجلاء بن عبد الله، أحلام الفقيه وكوثر الباردي...

inbound4040657537135921231.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً