post

مظاهرة حاشدة رفضا لحلّ البرلمان.. فهل تغيّر الاحتجاجات مسار الرئيس قيس سعيد؟

تونس الإثنين 11 أفريل 2022

بدعوة من حراك "مواطنون ضد الانقلاب" و"حركة النهضة"، تظاهر عدد كبير من التونسيين أمس الأحد، إحياء لذكرى عيد الشهداء وتمسّكا بعودة البرلمان كسلطة تشريعية، ودفاعا عن الديمقراطية ودستور الجمهورية.

وشارك نواب وسياسيون من مختلف الانتماءات السياسية وأعضاء من مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في الوقفة الاحتجاجية، على غرار رئيس الهيئة السياسية لحزب "الأمل" أحمد نجيب الشابي والعميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني والنائب الأولى لرئيس البرلمان سميرة الشواشي وأعضاء الهيئة التنفيذية لـ"مواطنون ضد الانقلاب" منهم جوهر بن مبارك والحبيب بوعجيلة وشيماء عيسى وغيرهم.

ويظل سيناريو إفشال مسار الرئيس سعيد للتفرد بالحكم مطروحا بقوة، حسب بعض القيادات التي شاركت في المسيرة للمطالبة بالعودة للديمقراطية. وأكد المحتجون الشروع في توحد "الجبهة الديمقراطية" بصفة رسمية، والتي ستعمل على مواجهة الانقلاب والقرارات الفردية لقيس سعيّد، من خلال صياغة قرارات واتخاذ خطوات هامة في قادم الأيام.

ورفع المحتجّون عدّة شعارات تندّد بما وصفوه انقلابا على التجربة الديمقراطية واستهدافا للمؤسسات الديمقراطية والتضييق على الحقوق والحريات منها: "دستور حرية كرامة وطنية"، "يسقط يسقط الإنقلاب"، "حريات حريات دولة البوليس وفات"، "الحصانة دستورية برلمان الشرعية"، "خبز وماء وقيس سعيد لا"، يا مواطن يا مخدوع زاد الفقر زاد الجوع"، "انتهى عهد التعليمات"، "لا ديمقراطية دون سلطة تشريعية"، "لا محاكم عسكرية لقضايا مدنية"...

تضييقات أمنية

وشهدت شوارع العاصمة تشديدات أمنية كبيرة، وأكدت حملة "مواطنون ضدّ الانقلاب" وجود تضييقات كبيرة وهرسلة أمنية على الطرقات المؤدية للعاصمة طالت المواطنين القادمين للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية.

وفي المقابل، ذكرت وزارة الداخلية، في بلاغ لها، أن "مجموعة من الأشخاص تعمدت القيام بوقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة، بلغ عددهم الـ400 شخص، اختلطوا مع المارة ومستعملي الطريق مما عطّل حركة الجولان والتسوق بشارع الحبيب بورقيبة".

وتابعت: "تعاملًا مع هذا الحدث، تم تركيز نقاط تفتيش وتكثيف التواجد الأمني حماية للمواطنين والمارة وتسهيلًا لانسيابية حركة المرور"، حسب روايتها.

وتعليقا على بلاغ الداخلية، قال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي "يتميز شهر الصيام، عدى ممارسة الشعائر الدينية، بإنتاج عدد ضخم من الأعمال الدرامية ومن البرامج الترفيهية في محاولة لإدخال البهجة على نفوس الصائمين، وفي هذا الإطار أبت وزارة الداخلية إلا أن تدخل علينا البسمة رغم الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد بتأكيدها، في بلاغ رسمي، أن حوالي أربعمائة نفرا تجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة و"اختلطوا بالمارة"... رغم قرار الوالي تخصيصه للأنشطة الثقافية والسياحية."

وأضاف الشابي "اليوم تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن منظومة 25 جويلية لا تخطئ في حساباتها السياسية وحسب، بل وأيضا في كل ما يتعلق بعمليات الحساب الأخرى".

بدوره علّق الممثل مهذب الرميلي على بلاغ وزارة الداخلية حيث قال "أفضل عمل كوميدي رمضاني إلى حد الآن هو بلاغ وزارة الداخلية.. يقتل بالضحك".

تأزيم الوضع وإفلاس الدولة

من جانبها، قالت نائب رئيس مجلس النواب سميرة الشواشي خلال مشاركتها في الوقفة الاحتجاجية: "الجبهة الديمقراطية ستجمع كل القوى الديمقراطية، وتضبط خارطة طريق، ليتم عرض مخرجاتها على البرلمان للتصويت عليها كوفاق وطني".

وأضافت: "سيقودنا هذا إلى الخروج من اللا شرعية، والخروج من حكومة هذه الحكومة، وقيام حكومة إنقاذ وطني، ونمر لانتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية". واعتبرت الشواشي إحالة نواب على القضاء مهزلة وعبث فضيحة، بحسب تعبيرها. وقالت إنه "من العار محاكمة نواب الشعب ولكن لن نخاف ولن نتراجع".

وأضافت الشواشي في كلمة لها أمام المحتجين أنه "لا بد من عودة البرلمان وهناك روزنامة سيفرضها الشعب، بينما روزنامة المنقلب قائمة على بعض الآراء التي صيغت بطريقة متحيلة"، وبيّنت أن "المنقلب ومنذ 8 أشهر هو بصدد تأزيم الوضع وإفلاس الدولة بطريقة ممنهجة، وستتم المحاسبة".

التصدّي للانقلاب

ودعا العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني، في كلمة له خلال الوقفة الاحتجاجية، من وصفهم بـ"الأحرار الذين يؤمنون بالحرية والديمقراطية" إلى "التصدي بكل الوسائل السلمية والقانونية للانقلاب حتى ترجع الشرعية". وقال: "يجب أن نضع جميعًا اليد في اليد وأن نقف صفًا واحدًا في وجه الدكتاتورية والتسلّط".

وأعلن القيادي في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، الحبيب بوعجيلة، توحد "الجبهة الديمقراطية" بصفة رسمية، وأنها ستكون "جبهة عملية تصوغ مقترحات وتصورات للمرحلة القادمة".

ودعا المنظمات الوطنية إلى النأي بنفسها عن المشاركة في حوار مزيف، وبيّن أن الحوار الذي يقوم على "استشارة زائفة غير مقبول"، وأن المكان الطبيعي للمحاماة الوطنية التونسية هو الوقوف في صف الديمقراطية. وأشار إلى أن الرسالة اليوم هي للاتحاد العام التونسي للشغل للعودة للديمقراطية وللخروج من مربع 25 جويلية.

خارطة طريق

بدوره، قال عضو المبادرة الديمقراطية جوهر بن مبارك، إنه تم منع الآلاف من المواطنين من الوصول للعاصمة للمشاركة في المظاهرة. وأكد أن الحضور الحاشد الذي يعد بالآلاف هو "رد على المنقلب الذي حضر أنصاره ببضع عشرات، ولكن المحتجين يردون بقوة على المنقلب ويرددون يسقط الانقلاب".

وبيّن أن "هناك حضورا لافتا للمناضلين، الذي هو امتداد لأجيال خرجت في 1938 من أجل برلمان تونسي"، وأكد أن قرارات الانقلاب "باطلة وفي العدم، بما فيها حل البرلمان الذي سيظل قائما وكذلك الدستور والمجلس الأعلى للقضاء".

وكشف بن مبارك أن خارطة طريق دقيقة جدا بصدد الكتابة تحمل الخطوط العريضة للمرحلة القادمة لإنقاذ تونس من أزمتها إثر انقلاب الرئيس سعيد.

عودة الشرعية

وأكد رئيس الهيئة السياسية لحزب أمل، أحمد نجيب الشابي، أنه "بعد الثورة ولأول مرة في تاريخ تونس تحقق حلم التونسيين في برلمان ودستور يعطي للدولة كرامتها"، ووصفه بأنه "من أفضل الدساتير وأقر الفصل بين السلطات، ولكن بعض الأطراف التي لم تشارك يوما في الثورة والنضال تنمرت على الدستور، وحلت البرلمان"، وأشار إلى أن هناك "استنكارا دوليا لما يحصل".

وبين الشابي أن "الأزمة السياسية اقترنت بأزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة"، وأكد أن "حل الأزمة لن يكون سوى بعودة الشرعية والحوار الوطني".

 رسالة إلى كلّ من يهمه الأمر

من جانبه، اعتبر الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي أن المواطنين بعثوا رسالة إلى كلّ من يهمه الأمر بتظاهرهم ضد قرارات الرئيس قيس سعيد، ودعا إلى بقاء البرلمان منعقدا وتسيير المظاهرات في كل مناطق البلاد.

وأكد المرزوقي على صفحته بفايسبوك أنه "لا هدف غير الإطاحة بالمنقلب ومحاكمته وفي أسرع وقت". وتابع، "لو وصل سعيد لـ25 جويلية وفرض دستوره الجاهز في إطار مسرحية معروفة، خاصة إذا وصل 17 ديسمبر وأقام انتخاباته على أساس الأفراد فإنه خراب الدولة التي نعرفها ومعها خراب الاقتصاد وغرق البلاد نهائيا".

من جانبه، قال القيادي في حركة النهضة ورئيس الحكومة الأسبق، علي لعريض، في تصريح صحفي، إن "هذا التجمع تحضره عدة أطراف سياسية وشخصيات وطنية دفاعا عن الشرعية والوطن وإحياء لذكرى الشهداء"، وأكد أن "الأزمة استفحلت والسياسات العمومية التي ينتهجها سعيد جعلت تونس في عزلة وخاضعة لحكومة الفرد الواحد". وأضاف أن "الوضع الاجتماعي يتفاقم وينبئ بخطر حقيقي"، وأكد أن "الانقلاب عمق الأزمة".

ويشار إلى أن كلًّا من حزب حركة النهضة وحراك "مواطنون ضد الانقلاب" قد دعيا، في بيانين منفصلين سابقين، للمشاركة في وقفة احتجاجية الأحد "إحياء لذكرى عيد الشهداء وتمسكا ببرلمان منتخب ودفاعا عن الديمقراطية ودستور الجمهورية". فهل تغير الاحتجاجات في الشارع مسار الرئيس قيس سعيد؟

ويذكر أنه في 30 مارس الماضي، عقد البرلمان جلسة عامة، صوتت بأغلبية الحاضرين على إلغاء كل الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس سعيّد، ليقرر الأخير حل مجلس النواب بعد ساعات فقط من الجلسة. ولاحقا، قررت وزيرة العدل، ليلى جفال، فتح تحقيق قضائي ضد النواب المشاركين في الجلسة، بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، بتوجيه من سعيّد.

inbound8614952630733747004.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً