post

نشر مشروع الدستور الجديد في الرائد الرسمي

تونس الجمعة 01 جويلية 2022

صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، الخميس 30 جوان 2022، مشروع الدستور الذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة، ويعيد إرساء النظام الرئاسي الذي كان قائما قبل الثورة، ومن المقرر أن تعرض هذه المسودة على الاستفتاء في 25 جويلية 2022.

ويمنح الدستور الذي يأمل سعيد في أن يوافق عليه التونسيون، سلطات أوسع بكثر للرئيس على حساب البرلمان. وينص مشروع الدستور، الذي تضمن 142 فصلا موزعة على 10 أبواب، على أن يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية، وهو النظام الذي يعرف دوليا باسم النظام الرئاسي، في حين أنه كان نظاما شبه برلماني في دستور 2014.

ويتعلق الباب الأول بالأحكام العامة، فيما اختّص الباب الثاني بالحقوق والحريات، ليهتم الثالث بالوظيفة التشريعية، فالوظيفة التنفيذية بالباب الرابع، ثم الوظيفة القضائية.

وتعلّق الباب الخامس بالمحكمة الدستورية، والسادس بالجماعات المحلية والجهوية، والسابع بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والثامن بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم. وفصّل الباب التاسع في تنقيح الدستور، قبل أن يختتم في الباب العاشر بالأحكام الانتقالية.

ومن ملامح مشروع الدستور الجديد حديثه عن "وظيفة تشريعية" لا "سلطة"، حيث ستوكل "الوظيفة التشريعية"، إلى مجلس نيابي أول يسمى "مجلس نواب الشعب"، ومجلس ثان يسمى "المجلس الوطني للجهات والأقاليم".

كما يمنع مشروع الدستور الجديد القضاة من حق الإضراب، وينص على أن النائب الذي ينسحب من كتلته النيابية لا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى، وأن "النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية في صورة تعطيله للسير العادي لأعمال المجلس".

وينص أيضًا على أن رئيس الجمهورية يعين رئيس الحكومة كما يعين بقية أعضائها باقتراح من رئيسها كما لرئيس الجمهورية إنهاء مهام الحكومة أو عضو منها تلقائيًا أو باقتراح من رئيس الحكومة، وأن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة"، ولا يتضمن مشروع الدستور الجديد، أي فصل عن إمكانية سحب الثقة من رئيس الجمهورية أو عزله.

ولا يتضمن مشروع الدستور الجديد سنًا قصوى للترشح لرئاسة الجمهورية، بينما تم ترفيع السن الدنيا إلى 40 سنة (كانت 35 سنة في دستور 2014).

ويفرد مشروع الدستور، عملية انتخاب رئيس الجمهورية بضرورة أن تكون عامة ومباشرة من الناخبين، لكنه يصمت عن التوضيح فيما يتعلق بأعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

ويتضمن مشروع الدستور كذلك أن "الحكومة تسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية والحكومة مسؤولة أمامه".

ويلغي مشروع الدستور معظم الهيئات الدستورية المستقلة ومنها هيئة الاتصال السمعي البصري (الهايكا) وهيئة التنمية المستدامة وهيئة الحوكمة ومكافحة الفساد ويبقي فقط على هيئة الانتخابات.

ويرتبط مشروع الدستور الجديد في العديد من فصوله بالقانون الانتخابي الذي لم يجهز بعد (شروط الناخب يحددها القانون الانتخابي ووكالة النائب كذلك وتعويض النائب أيضًا وغير ذلك) والقانون الانتخابي مستثنى من مجال المراسيم.

ويقتصر باب الجماعات المحلية والجهوية في مشروع الدستور على فصل واحد يكتفي بالحديث عن مجالس بلدية وأخرى جهوية ومجالس الأقاليم وممارسة مهامها حسب ما يضبطه القانون دون تفاصيل.

وبالنسبة إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، فيتكون من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم. وينتخب أعضاء كل مجلس جهوي ثلاثة أعضاء، من بينهم لتمثيل جهتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وينتخب الأعضاء المنتخبون في المجالس الجهوية في كل إقليم نائبا واحدا من بينهم يمثل هذا الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم. ويتم تعويض النائب الممثل للإقليم طبقا لما يضبطه القانون الانتخابي.

وتعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. ولا يمكن المصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين.

ويمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية. و"سينظم القانون العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وفي ما يتعلق بالمحكمة الدستوريّة، أشار مشروع الدستور إلى أنّ المحكمة الدستورية تتألف من تسعة أعضاء، ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات.

وينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيساً لها طبقاً لما يضبطه القانون. وإذا بلغ أحد الأعضاء سن الإحالة على التقاعد، يتم تعويضه آلياً بمن يليه في الأقدمية، على ألّا تقل مدة العضوية في كل الحالات عن سنة واحدة. وحجّر الفصل 126 من مشروع الدستور الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أي وظائف أو مهام أخرى.

كما ينص مشروع الدستور الجديد في فصله 96 على أن "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم.. اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية.. مع عدم جواز حل مجلس نواب الشعب أو مجلس الجهات والأقاليم وعدم جواز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة" (ما يشبه الفصل 80 في دستور 2014).

ويشترط أيضا أن يكون الإسلام ديانة رئيس الجمهورية، وعلى أن "تونس جزء من الأمة الإسلامية والأمة العربية وجزء من المغرب العربي الكبير"، بما يعني تغيير الفصل الأول من الدساتير التونسية منذ الاستقلال، الذي ينص على أن تونس دولة دينها الإسلام.

ويشار أيضًا إلى أنّ مشروع الدستور الجديد ينص في أحكامه الانتقالية على أن "الدستور يدخل حيز التطبيق ابتداء من تاريخ الإعلان النهائي عن نتيجة الاستفتاء من قبل هيئة الانتخابات" دون إشارة لفرضية سقوطه بتصويت بـ"لا".

وصدر مشروع الدستور حتى يتسنى للناخبين والمشاركين في حملة الاستفتاء الاطلاع عليه قبل تحديد موقفهم النهائي خلال اليومين القادمين، حيث يقتضي قرار هيئة الانتخابات تخصيص يومي 1 و2 جويلية لتحديد الموقف النهائي من المشروع (مساند أو معارض).

وتنطلق الحملة الدعائية للاستفتاء بداية من يوم 3 جويلية وحتى 21 من نفس الشهر، فيما يتوجه التونسيون للتصويت على مشروع الدستور بـ"نعم" أو ''لا" يوم 25 جويلية داخل البلاد، وتنطلق عملية التصويت في الخارج اعتباراً من 23 جويلية.

وكانت رئاسة الجمهورية، أعلنت عشية الاثنين 20 جوان 2022، أن الرئيس المنسق لما يعرف بـ"الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" الصادق بلعيد سلّم الرئيس قيس سعيّد بـ"مشروع الدستور الذي تم إعداده في إطار الهيئة"، وذلك لدى استقباله بقصر الرئاسة بقرطاج. وذكرت، في بلاغ لها، أن سعيّد أكد أن "مشروع الدستور ليس نهائيًا وأن بعض فصوله قابلة للمراجعة ومزيد التفكير".

ومن جهته، قال بلعيد، وفق ما جاء في مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية إثر اللقاء، إنه "قدم للرئيس مسودّة مشروع دستور الجمهورية الجديدة، وأن الهيئة تمكنت من أن تكون في الموعد المحدد لها وهو 20 جوان 2022".

وأضاف الرئيس المنسق للهيئة المكلفة بإعداد مقترح مشروع دستور جديد أن "الظروف كانت صعبة نظرًا لقصر الوقت، لكن الهيئة توصلت بإعانة الجميع والكثير من الأخصائيين إلى وضع مسودة الدستور على أمل أن تنال رضا الرئيس قيس سعيّد"، وفق ما جاء على لسانه.

ويذكر أن "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" كان أعلن عن تكوينها الرئيس قيس سعيّد، في أمر رئاسي صدر بتاريخ 20 ماي 2022، وهي الهيئة المكلفة بـ"تقديم اقتراح مشروع دستور" على أن توجهه لسعيّد في أجل أقصاه 20 جوان 2022، ويكون له القرار النهائي بشأن النسخة التي ستوجه إلى الاستفتاء يوم 25 جويلية القادم، ثم إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر المقبل.

inbound4759613095182849025.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً