post

نصرة لمكتسبات ثورتنا المجيدة.. تستمر المعركة للتصدّي للانقلاب

تونس الجمعة 08 أكتوبر 2021

مرآة تونس – جليلة فرج

منذ اندلاع الشرارة الأولى للربيع العربي يوم 17 ديسمبر 2010، كسر الشعب التونسي حاجز الخوف من النظام وقمعه ورفع شعار "لا خوف لا رعب السلطة ملك للشعب". وتأكد هذا الشعار يوم 14 جانفي 2011 زمن هروب بن علي. ومنذ ذلك الحين وقف الشعب التونسي بالمرصاد لكلّ من يتولّى مقاليد الحكم ويحاول أن يحيد عن المسار الديمقراطي. ورُفع هذا الشعار "لا خوف لا رعب السلطة ملك للشعب" في مواجهة الانقلاب الذي أصبح يهدّد ما حقّقه التونسيون من مكاسب ديمقراطية.

ومنذ استئثار الرئيس قيس سعيّد بالحكم وتجاهله لدستور الثورة، بعد قراراته التي اتخذها في 25 جويلية، والرامية إلى عزل رئيس الحكومة وتعليق عمل البرلمان وتولّي مهام كل السلط، وقف عدد من التونسيين في وجه سعيّد وأعلنوا رفضهم للانقلاب على دستور 2014 وعلى المسار الديمقراطي. وكانت بعض الأحزاب والنخب رافضة لقرارات سعيّد لكنها لم تتحرّك فعليا وظلّت فقط تندّد في بياناتها وتصريحاتها بالانقلاب.

ولكن ومنذ خطاب سعيّد يوم 22 سبتمبر الماضي، متى أكّد انقلابه فعلا على الدستور وعلى الديمقراطية وقمع الحريات وعزل الجميع وهو يستحوذ على كل السلط، توحّدت جميع القوى السياسية على مطلب واحد وهو الشعب يريد إسقاط الانقلاب.

ورفضت معظم الأحزاب خطوة سعيّد لإلغاء دستور 2014، واتهموه بتدبير انقلاب دستوري، وطالب عدد من التونسيين الرئيس سعيّد بالتنحي عن منصبه. واستفاقت النخبة واجتمعت آرائها بعد أن كانت مشتتة، ونجحت في توحيد الصفوف الرافضة للانقلاب وتظاهر آلاف التونسيين يوم 26 سبتمبر في شارع الحبيب بورقيبة في أكبر تحرّك مناهض للانقلاب دعت إليه حملة "مواطنون ضدّ الانقلاب" التي أطلقها سياسيون ونشطاء تونسيون.

هذه الخطوات أقلقت كثيرا رئيس الجمهورية وأزعجت الصفّ الانقلابي بعد أن كان الأغلبية في صفه في الداخل والخارج من إعلام ومنظمات حقوقية ووطنية وأغلب الأحزاب والمجتمع الدني، وبعد أن تلقى مساندة ودعم من رموز النخبة الذين أعطوه تفويضا كليا حتى يمضي قدما في الانقلاب ويقصي طرفا معيّنا.

ومن بين من بادر بالتصدّي لهذا الانقلاب الناشط السياسي أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، الذي يحسب له أنه منذ ظهور الحزب الدستوري الحرّ موسي وبقايا التجمع الدستوري الديمقراطي كان هو من الأوائل الذين نبّهوا بخطورة هذا الحزب وأكّدوا أنه سيجر الدولة إلى ما لا يحمد عقباه. واعتبر بن مبارك أن التجمع خطير جدا وبمجرد عودته للساحة السياسية سينحرف بالمسار الثوري، وهذا ما حصل للأسف.

ومثل العديد من التونسيين، ساند بن مبارك قيس سعيّد لأنه رأى فيه النظافة والطهورية، ودافع عن أهمية وجود صفّ ثوري، وهو من أكثر الشخصيات الذين نادوا برصّ الصفوف منذ إعلان نتائج انتخابات 2019، وطالب بالتجميع من أجل إعادة روح الثورة.

واعتبر بن مبارك أن حركة النهضة أساسا والتيار الديمقراطي وحركة الشعب والصافي سعيد وبعض المستقلين قادرون على مساندة سعيّد، وأن يمثلوا حزاما برلمانيا قويا مساندا للرئيس ويشكلون حكومة ثورية قوية قادرة على محاربة الفساد وتطهير البلاد من كل الفاسدين. وبعد ما فشلت حكومة الجملي واستقالت حكومة الفخفاخ وأصبح الرئيس يراوغ بالجميع.. تفطن بن مبارك مباشرة لكون الرئيس سعيّد يعمل ضدّ الدولة ونبّه بخطورة الوضع.

وكان بن مبارك في صفوف الثورة وضدّ الانقلاب ودافع عن الحق وعن المظلومين سواء من ائتلاف الكرامة أو من النهضة وكان ضدّ الإقامة الجبرية، وفي كل مرة يقوم فيها الرئيس بمخالفة دستورية منذ توليه الرئاسة، إلا ويجده أمامه بالمرصاد سواء في عدم توقيعه على المحكمة الدستورية، أو في عدم قبول أعضاء الحكومة لأداء اليمين..، وكان ضدّ تمشي الرئيس وجابهه في كل مرة بالفكرة والحجّة والقانون والدستور.

ولأنه شدّد على ضرورة توحيد الصفوف للتصدّي للانقلاب، وعلى أن المعركة ضدّ الانقلاب تحتاج الى كل الجهود والمبادرات ولا تحتاج إلى التشتيت وبعثرة الحركة، ولأنه أكّد أن المعركة ضدّ الانقلاب مستمرّة وتحتاج إلى المراكمة السلمية والعقل الاستراتيجي ولا تحتاج إلى العجلة والتصادم وأن الخطأ ممنوع، ولأنه اعتبر أن المعركة ضدّ الانقلاب كلّية لا نبحث من خلالها على تسوية جزئية بل إلى العودة كلّيا إلى منطق دولة القانون وقيم الجمهورية والإصلاح تحت سقف الديمقراطية والشرعيّة الدستورية، وأن تجزئة المحاور ليس مفيدا في هذه المرحلة، حاول المنقلبون إحداث بلبلة في صفوف الرافضين للانقلاب باتهام جوهر بن مبارك بالزعامتية والتفرّد بقيادة الصفّ، وبمحاولة اقتحام منزله لترهيبه وإخافته وارباكه. وجاءت محاولة اقتحام منزله بعد يومين من تعرضه إلى محاولة اعتداء قرب منزله من طرف "ميليشيات تابعة لتنسيقيات الانقلاب" مثلما وصفها بن مبارك.

فالانقلاب يريد فعلا تشتيت جبهة معارضته بشتى الوسائل القانونية والخارجة عن القانون وهو أمر خطير تجاوز استبداد نظام بن علي وقمعه، وصار الاطمئنان على الأفراد باقتحام منازلهم والاعتداء عليهم من قبل قوات الأمن.

ولأن هناك محاولات فاشلة ودنيئة لتشتيت الصفوف، وجب دعم الجبهة المناهضة للانقلاب وتجميع كل الجهود، خاصة وأن هذه الجبهة مدعومة خاصة من لمين والأسعد البوعزيزي والحبيب بوعجيلة والصافي سعيد وعياض اللومي وسامي براهم وسمير ديلو ومحسن السوداني وعبد اللطيف المكّي.. والكثير من السياسيين والحقوقيين..، وآلاف المواطنين الذين سيخرجون يوم الأحد 10 أكتوبر الجاري بشارع الحبيب بورقيبة في مظاهرة دعت لها "مواطنون ضدّ الانقلاب" لإسقاط الانقلاب ومن أجل الحق والحرية ونصرة لمكتسبات ثورتنا المجيدة.

 

galleries/website-size-2-01-2.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً