post

هل يحقّ للانقلاب منع الاحتفال بعيد الثورة؟

تونس الجمعة 14 جانفي 2022

في 14 جانفي 2011 كان الإحساس عارما أنّ المسألة أكبر من مجرّد مظاهرات احتجاجيّة تفرّقها قوات الأمن كعادتها في كلّ مرّة، فكانت نهاية الديكتاتورية وبداية الحرية، ولكن بعد 11 سنة عادت الديكتاتورية في نسخة جديدة وصارت الدولة منهارة ومستبدة ومتغطرسة بعد أن عبثوا بها.

كان يُنظر إلى تونس على أنها البلد الوحيد الذي نجح في إنجاز انتقال ديمقراطي من بين دول عربية شهدت "ثورات الربيع العربي"، كمصر واليمن وليبيا وسوريا.. ولكن للأسف تكتل عليها الخارج المنقلب والداخل الخائن الانتهازي وجعلوها تشبههم أو حتى أسوء منهم.

ومنذ 25 جويلية الماضي شعرت بلحظات يأس وقهر من أن تضيع الثورة من أيادي ثوارها، بعد كل ما قدمه شبابها من دماء ونضالات وأثمان باهظة من أجل استعادة الحرية والكرامة المنشودة، ولكن سرعان ما زرع في قلبي الأمل بأن شعلة الثورة والمبادئ التي قامت من أجلها مستمرة ولن تخفت والأمل في التغيير باق في هذا البلد طالما هناك مقاومة وطالما هناك جيل ثوري يقول لا في وجه الحاكم، وطالما نور الثورة مازال حيا في القلوب، وطالما أن دوام الحال من المحال. فالثّورة لا تزال قائمة رغم تأخّر فهم متبلّدي الذّهن طالما هناك من الشّعب من مازال يريد.. والأكيد أن الشعب يريد.

11 سنة مرت على اندلاع الثورة ولازال الأحرار يناضلون في الشارع، ويحاربون الثورة المضادة والانقلاب على الثورة وعلى دستورها، ويحاربون بأحلام وردية كل المؤامرات الخارجية على الثورة التونسية، يحاربون رجال أعمال فاسدين وأخطبوط دولة ونقابات أمنية وإرهاب ولوبيات فساد وأناس تكيد لهذا الوطن، ودائما لازالت الثورة مستمرة وستنتصر عاجلا أم آجلا.

يمكن أن تكون للثورة كبوة ويمكن أن يسطو عليها الانقلاب بعض أشهر، ولكن "لابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر"، بيت الشعر الذي رفع في 14 جانفي 2011 وساهم في كسر جزء كبير من ديكتاتورية جثمت على رقابنا وعلى أرزاقنا أكثر من ستة عقود، الأكيد أنه سيُجدّد العهد مع الأحرار وسينجلي الليل وتنكسر القيود وتحيى الثورة في النفوس من جديد.

فلا عاش في تونس من خانها، ولكن للأسف اليوم نجد من خان يعيش في وطننا، بل وساهم في استباحة سيادة الوطن، والأكيد أن خيانته ستظهر للعيان وسيحاسب عنها، ونأمل أن لا يقال مثلما قيل من قبل "غلطوني".

14 جانفي هو عيد الثورة، هو يوم انتصار الشعب على الديكتاتورية، هو يوم هروب الطاغية، فتاريخ الشعوب يسطر بالنضالات ودماء الشهداء لا بالقرارات والمراسيم المعادية للحرية والديمقراطية.

تونس قطعت خلال العشريّة الماضية أشواطا على درب إرساء ممارسة الحريات السياسيّة وبناء المؤسسات الدستوريّة رغم بعض التعثرات، ولكن اليوم كل شيء توقف بل وسار إلى الوراء.

فهل تقدر بلادنا ونخبنا ومؤسساتنا وشعبنا على استئناف مسار استكمال بناء المؤسسات واكتساب الحرية من جديد والعمل على التخفيف على المواطنين مما باتوا يلاقونه من ضنك ومشقة حتى في حاجياتهم اليومية؟

اليوم وليس غدا، المطلوب هو تظافر الجهود ووحدة الصف ثم الاحتكام للنص الجامع الذي ارتضاه الجميع ميثاقا يحكم العلاقات خاصة بين الدولة ومواطنيها وبين مختلف مؤسسات الدولة، ألا وهو الدستور، دستور الثورة ومن بعده القانون الذي يعلو فوق إرادات الأفراد.

هم أرادوا أن يكون شارع الثورة مهجورا على غير عادته سنويا في 14 جانفي منذ عام 2011، أرادوا أن يخيّم الحزن على شارع الثورة، بتعلّة الإجراءات الصحية لمكافحة فيروس كورونا. ولكن إذا كان الشعب يريد فلماذا كل هذا الخوف من الشارع؟

حالة من الاستنفار وتطويق أمني غير مسبوق تشهدها العاصمة وخاصة شارع الحبيب بورقيبة، عقب إصدار الحكومة قرارا بحظر الجولان ومنع التظاهرات بدعوى تفشي وباء كورونا، وغداة دعوات بالتظاهر في الذكرى الحادية عشر للثورة رفضا لانقلاب سعيد.

ووضعت منذ ليلة الخميس، المئات من الحواجز على مختلف الأنهج والطرقات مع غلق للمنافذ المؤدية للشارع  الرمز. ويأتي التأهب الأمني قبيل ساعات من خروج مظاهرات تزامنا مع ذكرى ثورة 14 جانفي احتفالا بعيد الثورة واحتجاجا ورفضا لانقلاب الرئيس قيس سعيد على الثورة وعلى الدستور.

فهل قدر الشعب التونسي أن يعيش ديكتاتورية متجبرة وفاشلة أم أنه يستحق الأفضل؟

الثور-التونس.png

من الممكن أن يعجبك أيضاً