post

وجهة فرنسا المجهولة دوليا في عالم متغير وصعب

تونس الأربعاء 13 أفريل 2022

وجهة فرنسا المجهولة دوليا في عالم متغير وصعب

وجهة فرنسا المجهولة دوليا في عالم متغير وصعب، ومعقد حتى على مستوى التحالفات/العداوات.

- تقوم ديبلوماسية ماكرون الحائرة بتحركات كثيرة وتعمد الى تقديم مقترحات ومبادرات (شبيه بتلك التي يصوغها المجتمع المدني من اجل نيل تمويل من المانحين) دون مقومات حقيقية ناجعة او مؤثرة، وربما لم تنجح في اي وساطة او مفاوضات منذ اكثر من عشر سنوات، وقد بدأت بخسارة مناطق نفوذها ببعض الدول الافريقية (آخرها في نزاع روسي مباشر في مالي مع قوات الفاغنر) وسط تململ "مستعمراتها" وتراجع دورها فيها مقابل تدخل صيني او امريكي او روسي او تركي.

ونلاحظ ان حيرتها اليوم، خلال الازمة الاوكرانية/الروسية (حتى على مستوى التعبير) فقط عجز ماكرون عن التعبير عن مشاعر فرنسا تجاه الاحداث الاخيرة (ضد الانسانية) في اوكرانيا (خلال الحوار الانتخابي الاخير)، وظل مترددا في الافصاح عن مصطلح واحد مفهوم (غضب، قلق، خوف، تضامن، تنديد..) وحاول جمعها كلها معا لتنتج ما يعرف "باللاموقف".

وربما تفطن ماكرون للتلاعب الامريكي بفرنسا (التي تعمل على انهاكها والحد من تأثيرها وكل بلدان اوروبا الصاعدة) وربما تناساه البعض (فقد اندلعت مقدمة ازمة امريكية-فرنسية منذ اشهر وقد تم الغاء اكثر من صفقة اسلحة معها، تراجعت بعدها فرنسا لتلتزم الصمت)، وتلعب الولايات المتحدة الامريكية حاليا نفس دورها السابق اثناء الحرب العالمية الثانية (قانون الحياد) ثم التدخل في آخر الاحداث لتلعب الدور الاخير بعد انهاك الجميع بفعل الحروب.

اليوم يطل المستشرق-المستعرب جيل كيبال من تونس ليعبر عن ذلك صراحة من تونس: الاتحاد الاوربي لم يعد يثق بامريكا للدفاع عنه. موقف لا يعبر عن أي ذكاء، فقط يمكن القول ان ماكرون يبحث عن مساحة اهتمام امريكي ليعبر من خلالها عن قلقه وتوجسه ويسلط الضوء عليها (بعيدا عن مساحة اوكرانيا الغائبة عنها تماما)، ووجد تونس مناسبة لذلك، اذ يتصدر هذا الملف الترتيب الثالث على رفوف الديمقراطيين.

السلوك الديبلوماسي المتسرع ربما لماكرون، يجعلنا نتوقع انه سيدعو لمبادرة جديدة، لتشكيل حلف اوروبي جديد وتحالفات اخرى (اوروبية/افريقية/امريكيا اللاتينية/ آسيوية "وحتى الصين") في قادم الايام على غرار جبهة ستريزا، في محاولة لقيادة الحلف (وسيخلق حالة تنازع مباشر مع المانيا حول الزعامة مع مزيد اقصاء تركيا) ، وهو الذي اعلن مؤخرا عن عدم فاعلية حلف الأطلسي، وضرورة التفكير في بدائل جديدة.

محاولات غير جدية امام عالم جديد بأقطابه الثلاثة، لا يخدم فرنسا (ماكرون) التي تطمح نحو تغيير جديد وفقا لنتائج الانتخابات الأخيرة، تغيير ربما يخلص فرنسا من اليمين نحو اليسار الاجتماعي، وقد لا ينتظر هذا التغيير نهاية عهدة ماكرون التي من المنتظر ان يفوز بها بنسبة اصوات هزيلة (الحد الأدنى) قد تمس من شرعيته وتجعله ينغمس في ادارة شؤون البلاد الداخلية.

افتتاحية الموقع - 13 أفريل 2022
وسيم الخضراوي

من الممكن أن يعجبك أيضاً