post

وفد البرلمان الأوروبي يؤكد أن الشرعية متساوية بين الرئيس والبرلمان ويدعو إلى حوار وطني شامل

تونس الخميس 14 أفريل 2022

اعتبر الوفد البرلماني الأوروبي، في ختام زيارته إلى تونس، أن الشرعية السياسية متساوية بين الرئيس وأعضاء البرلمان باعتبارها أنها تنبع من الشعب ومن نفس الدستور.

ودعا أعضاء لجنة الشؤون الخارجيّة بالبرلمان الأوروبي، خلال مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء في تونس في نهاية زيارتهم، إلى تنظيم حوار وطني شامل تونسي - تونسي بين جميع الأطراف لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية بصفة عاجلة.

والتقى الوفد البرلماني الأوروبي، الرئيس قيس سعيّد، ورئيسة الحكومة نجلاء بودن، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، واتحاد الشغل.. في إطار زيارة اطلاع وتقصي مستقبل المسار الديمقراطي والمشاورات الدائرة لتجاوز الأزمة.

وضم الوفد الذي زار تونس كلاً من مايكل جالر (رئيس) وخافيير نارت (عن كتلة تجديد أوروبا) وجاكوب دالوند (كتلة الخضر/التحالف الأوروبي الحر) وأندريا كوزولينو (التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين)، بحسب بلاغ نشرته بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس.

وقالت اللجنة، التي زارت تونس بين 11 و13 أفريل الجاري: "في الأيام الماضية، أتيحت لنا الفرصة للقاء عدد كبير من النظراء التونسيين بمن في ذلك الرئيس (قيس سعيّد) وممثّلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والنقابات والهيئة الوطنية للانتخابات والمجتمع المدني".

تركيز السلطات في يد الرئيس

وأشارت في بيانها الختامي: "لقد مرت تونس بما يفوق عقدا من التحول الديمقراطي، تم خلاله إرساء المؤسسات الديمقراطية واختبارها. وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها خلال هذا المسار، شهد العالم تطورا غير مسبوق في الحقوق والحريات الأساسية في تونس، لقد كانت البلاد بمثابة منارة للحرية في العالم العربي".

وأكد الوفد الأوروبي أنه لاحظ "تركز السلطات في يد الرئيس. وإننا ندرك بأن التونسيين ما زالوا يرنون إلى الديمقراطية والازدهار والعيش بكرامة. لكن، نلاحظ حاليا بقلق بالغ التدهور الحادّ والمستمرّ للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تفاقم بسبب جائحة كوفيد وحرب روسيا ضد أوكرانيا"، بحسب البيان.

وشدد البيان على أن "هناك حاجة ملحة للإصلاحات"، مشجعا "عددا كبيرا من المقترحات المنبثقة عن مختلف مكونات المجتمع التونسي في هذه العملية".

حوار تونسي- تونسي

وقال البيان إن "الاتحاد الأوروبي يواصل الوقوف جنبا إلى جنب مع تونس، بما في ذلك من خلال المساعدة المالية العاجلة والهامة. وإننا كذلك على استعداد للمشاركة في الجهود الشاملة والشفافة الرامية إلى تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتقديم المساعدة الفنية بما في ذلك المساعدة في تقييم خيارات الإصلاح الانتخابي".

وتابع: "إن انطباعنا الراسخ هو أن الشعب التونسي لديه ثقة كاملة في مهنية وحيادية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تم إثباتها في الانتخابات السابقة، ونحن نشدد على أهمية الحفاظ على استقلالية الهيئة. أكدنا خلال مناقشاتنا أن الشرعية السياسية لكل من الرئيس وأعضاء البرلمان تنبع بالتساوي من الشعب ومن نفس الدستور".

وأضاف البيان: "سعيا للمضي قدما، نشجع التونسيين بشكل عاجل على الشروع في حوار تونسي- تونسي منظم وواسع النطاق يشمل ممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمجتمع المدني والمنظمات النسائية، لأنه لا يمكن إيجاد حل لهذه الأزمة إلا من خلال المشاركة الكاملة لجميع الأطراف المعنية المذكورة أعلاه".

الحوار الوطني انطلق

وأكد الرئيس قيس سعيّد، خلال لقاء مع الوفد البرلماني الأوروبي، أن "الحوار الوطني انطلق فعلاً وسيكون على قاعدة نتائج الاستشارة الإلكترونية، وذلك من أجل الإعداد لتنظيم الاستفتاء وإجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

وذكّر سعيّد حسب بيان لرئاسة الجمهورية، "بتمسّكه بالحفاظ على وحدة الدولة التونسية واستمرارها وضمان سيادتها واستقلالية قرارها الوطني، والتصدي لكل محاولات ضربها من الداخل أو الالتفاف على إرادة الشعب التونسي". وشدّد بحسب نفس المصدر، على "حرصه الراسخ على تعزيز احترام حقوق الإنسان وصون الحريات، فضلاً عن بناء دولة ديمقراطية عادلة وقوية توفّر كل الضمانات للشعب التونسي، حتى يُعبّر عن آرائه وتطلعاته بكلّ حرية''.

وبرر سعيّد الإجراءات الانقلابية في 25 جويلية العام الماضي، وقال إن هناك جملة من الأسباب دفعته لذلك، وشدّد في السياق، على "حرصه التام على إنهاء هذه الفترة الاستثنائية عبر تنفيذ الخطوات التي تم إعلانها".

أصدقاء الكلّ

وقال النائب حاتم المليكي إن البرلمانيين الأوربيين الذين أدوا زيارة إلى تونس سعوا إلى الاستماع إلى جميع الأطراف ولم يقتصر الأمر على تصريحات رئيس الجمهورية كما أكدوا أنه لن يتم الاعتماد على "كلام" رئيس الجمهورية لوحده وذلك ردا على بيان رئاسة الجمهورية.

وتابع المليكي في تصريح إذاعي، أن الوفد البرلماني يتعامل مع الجانب التونسي بسياسة "أصدقاء الكل" التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي، ولاحظ أن التعامل مع رئيس الجمهورية يتم بصفته ممثلا لمؤسسة رئاسة الجمهورية وليس لشخصه.

محاولة لحل الأزمة

وقال عضو حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، أحمد الغيلوفي، في تصريح صحفي، إن بيان الوفد الأوروبي "يكرر ذات المطالب الأوروبية بالدعوة لحوار تونسي تونسي واسع النطاق يشمل جميع الأحزاب دون إقصاء ويقصدون بما فيها طبعاً النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس".

وتابع: "الأوروبيون يحاولون دفع قيس سعيّد ومن معه إلى حل الأزمة بواسطة الحوار والذهاب إلى ما بعد الانقلاب، ولكن نلاحظ أنه في كامل البيان لم نجد كلمة انقلاب أو إشارة إلى المراسيم وأوامر سعيد اللادستورية".

وأضاف: و"كأنهم يعتبرون الانقلاب أمراً واقعاً، لأن كل ما يمكن القيام به أو يستطيعون القيام به هو التخفيف من وطأة هذا الانقلاب وافتكاك هامش من الحرية، وربما قليل من الديمقراطية لحفظ ماء وجه أوروبا أمام الشعب التونسي ومع الرأي العام الأوروبي الداخلي".

وبيّن الغيلوفي "أنه رغم الإشارة إلى أن النواب والرئيس يشتركون في ذات الشرعية الانتخابية من الشعب، ولكن عدم إشارتهم للعودة إلى مؤسسات ما قبل 25 جويلية، هو قبول بهذا الانقلاب وبالأمر الواقع، كما يبدو أن سعيد وعدهم بشيء ما لعل أقله الموافقة على الإصلاحات الاقتصادية التي تفرضها القوى المالية المانحة على تونس".

وأشار إلى أن البيان "لم يتعرض إلى لقاء الوفد مع رئاسة البرلمان وقد بلغني أن الأوروبيين طالبوا ببقائه طي السرية وعدم إعلانه، وهذا دليل آخر على قبولهم بالانقلاب وعدم رغبتهم في الظهور كمعادين له".

وأضاف الغيلوفي أن "هذا يعكس منطق الاتحاد الأوروبي، ومن ورائه بالخصوص فرنسا، التي لا تبحث عن الديمقراطية في العالم الثالث وفي تونس، بل تبحث عن ثلاثة أشياء وهي المحافظة على امتيازاتها التاريخية، لغتها وثقافتها ونفوذها الاقتصادي في تونس، وثانياً الحفاظ على استقرار في تونس، وثالثاً محاربة الإسلام السياسي والتصدي للإرهاب والتطرف في المنطقة". وشدد على أن "هذا كل ما يريدونه ولا يعنيهم أن تشكل ديكتاتورية أو أنظمة استبدادية طالما تحقق لها هذه الشروط".

حوار بتشاركية واسعة

وإثر لقائه الوفد الأوروبي، انتقد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، إصرار الرئيس قيس سعيّد إطلاق حوار على أساس نتائج الاستشارة الوطنية، وقال: إذا تمّ "اعتبار هذه الاستشارة مرجعاً وقراراتها منطلقاً للحوار، في هذه الحالة نقول للرئيس قم بعملك كما تراه وتحمّل مسؤولية خياراتك ونتائج تلك الخطوات".

وبين أن "الاتحاد يبحث عن حوار بتشاركية واسعة وبحوار حقيقي يتضمن الآراء المختلفة، وحتى ينتج منه ميثاق وطني حقيقي يجمع عليه التونسيون"، وحذّر من أن "المرور بقوة ستكون له تبعات وتداعيات لسنوات طويلة ولا يجب أن نترك بلادنا للعبث".

وعلّق الطبوبي على لقائه الوفد الأوروبي، بالقول إن "هذه الثقة في الاتحاد وفي تاريخه تثلج الصدر من خلال الأدوار التي لعبها سابقاً والأدوار المستقبلية، وهو ما يحمله مسؤولية كبرى". وأضاف: "حمّلت الوفد المسؤولية، لأن الأوروبيين لم يستثمروا في الثورة التونسية كما يجب، مقارنة بالحرب الأوكرانية الروسية، فقد هبّ الجميع وضُخت أموال كبيرة".

278215264-350208870471053-3835041471885192593-n.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً