post

37 عاما على مجزرة 'حمام الشط'.. ذكرى الغدر الصهيوني وامتزاج الدماء التونسية والفلسطينية

سياسة السبت 01 أكتوبر 2022

يصادف اليوم ذكرى غارة غرّة أكتوبر 1985، هذا التاريخ الذي لا يُمحى من الذاكرة الشعبية على الدوام، حيث يحيي التونسيون والفلسطينيون ذكرى امتزاج دمائهم إثر عملية غادرة نفذها الكيان الصهيوني في حمام الشط.

ففي مثل هذا اليوم، كُتب حدث تونسي عربي، وطُرز بدماء الشهداء عندما نُفذ أعنف قصف جوّي في تاريخ تونس حيث قامت قوّات الاحتلال الصهيونيّة بقصف مدينة حمام الشط في محاولة للقضاء على قيادات منظمة التحرير الفلسطينيّة.

وأدّت هذه العملية حسب التقرير الرسمي للسلطات التونسيّة آنذاك إلى استشهاد 50 فلسطينيا و18 مواطنا تونسيا وجرح 100 شخص من فلسطينيين وتونسيين، إضافة إلى الخسائر المادية الفادحة.

وأطلق الاحتلال اسم "الساق الخشبية" على العملية التي استهدفت العديد من المقرات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية: مكتب الرئيس ياسر عرفات، بيته الخاص، مقر القوة 17 الحرس الرئاسي، الإدارة العسكرية التي تحتفظ بأرشيف مقاتلي الثورة الفلسطينية، الإدارة المالية، وبعض بيوت مرافقي أبو عمار والموظفين في مؤسسات المنظمة، جميعها سُويت بالأرض خلال أقل من عشرة دقائق.

وعلمت مخابرات الاحتلال أن القيادة الفلسطينية على موعد مع اجتماع كبير ومهم في مربعها الأمني في حمام الشط عند التاسعة والنصف من صباح الثلاثاء الأول من أكتوبر 1985، فأعد عدته للهجوم على الاجتماع وكسر ما لم يستطع كسره في احتلاله ومحاصرته لبيروت طيلة 88 يوما في صيف عام 1982. بعدها وجدت منظمة التحرير نفسها مجبرة على النزوح من بيروت لتعمل إسرائيل على تتبّع أعضائها في مختلف البلدان العربية لتدمير مقرّاتها والقضاء على قياداتها.

وكان رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات دعا القيادة العسكرية لعقد اجتماع في تونس، وقامت المنظمة بدعوة ضباطها وقادتها في الجزائر وتونس واليمن للالتحاق بالاجتماع، وفي صباح يوم الاجتماع كان عرفات يتمشى على شاطئ البحر وفي حوالي الساعة التاسعة، أبلغه مدير مكتبه العسكري بتأجيل الاجتماع لأن عدداً من كبار الضباط لم يتمكنوا من الوصول إلى تونس بسبب حجوزات الرحلات الجوية مما حتم تأجيل الاجتماع للمساء.

وبرغم علم الموساد بتأجيل الاجتماع، إلا أن الطائرات الإسرائيلية كانت اقتربت من الشواطئ التونسية وانهالت في الساعة العاشرة صباحا بوابل من الصواريخ على مقر قيادة الأركان الفلسطينية في منطقة حمام الشط، كما قصفت القوات الإسرائيلية مقرّ ياسر عرفات ومكتبه.

وخرج أبو عمار بعد الغارة مباشرة ومن فوق الدمار، وأعلن للعالم عبر وكالات الأنباء والاذاعات والتلفزة أنه حي يرزق. وذلك في الوقت الذي كان فيه ضباط مخابرات الاحتلال وقادة أجهزته الأمنية فرحون بمقتله ومقتل عدد كبير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية.

ولم تتمكن تونس من انتزاع موقف يدين الكيان الصهيوني من طرف مجلس الأمن بعد فيتو أمريكي منع صدور قرار يلزم الكيان بالاعتذار والتعويض لتونس، فهدّد الرئيس بورقيبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تراجعت لاحقا عن الفيتو وامتنعت عن التصويت لأول مرة في التاريخ ضد الاحتلال، ليصدر مجلس الأمن القرار رقم 573 الذي حمل أول إدانة للاحتلال وأقرّ حق تونس في التعويضات.

كما كان للشعب التونسي ردّه القوي والحازم، فعمّت المظاهرات أرجاء العاصمة تونس وتوجهت الجموع الغفيرة إلى السفارة الأمريكية للمطالبة بقطع العلاقات التونسية الأمريكية، كما شهد مستشفى "شارل نيكول" أكبر عملية تبرع بالدم لفائدة جرحى الغارة، وقام أصحاب الجرّافات من المواطنين بالتبرع بالعمل لإزالة الأنقاض.

وبعد مرور 37 سنة على اختلاط الدم الفلسطيني بالتونسي والتصاق اللحم باللحم، وتداخل الأعضاء الجسدية للشهداء الفلسطينيين والتونسيين، في أكبر ضربة تلقتها منظمة التحرير الفلسطينية من قبل الاحتلال الصهيوني، لم يعتذر الكيان إلى اليوم على ما آتاه في حق الشعبين وفي حق الدولة التونسية، بل أعاد انتهاك سيادة تونس لاحقا باغتيال خليل الوزير ـ أبو جهاد ـ سنة 1988، ثم اغتيال صلاح خلف ـ أبو إياد ـ سنة 1991 على أرض تونس.

مجزر-حمام-الشط.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً