post

الديمقراطية المشهديَة : تحقيق في مصيرها من المنظور الاتصالي

ثقافة وفن الجمعة 27 ماي 2022

صدر كتاب جديد للدكتور الصادق الحمامي عن دار محمد علي الحامي للنشر بعنوان "ديمقراطية مشهدية:  الميديا والاتصال  والسياسة في تونس" في 300 صفحة. 

الكتاب تحقيق في الديمقراطية التونسيّة  وفي  الانتقال السياسي  من المنظور التواصلي، بالإجابة عن سؤال مزدوج : ماذا فعلت السياسة بالميديا ؟ وماذا فعلت الميديا بالسياسة.

وفي حفل توقيع الكتاب أشرف الصحفي محمد اليوسفي على إدارة جلسة حوارية بمناسبة حفل التوقيع.

دار الحوار فصول الكتاب الثمانية وتمَ التركيز على مفهوم الديمقراطية  التونسية وكيف أصبحت ديمقراطية مشهدية وما هي خصائص هذه الديمقراطية المشهدية.

 

مفهوم الديمقراطية المشهدية

تشهد الديمقراطية توصيفات مختلفة تقوم أساسا على السياسة. واعتبر الدكتور الحمامي أنَ تونس تعيش ديمقراطية مشهدية باعتبار أنَ المشهد يجمع مفاهيم الجمهور والمشاعر والتعبير.فالميديا الاجتماعية والاتصال السياسي يُؤديان أدوارا حاسمة في الحياة السياسية.

تعرَض الحمامي في هذا السياق إلى نظرية المشهدة التي تتمثَل في ثلاثية المعلومات والاتصال والتقنية. فتنظيم المجتمع لنفسه وترتيب السلطات فيه يفترض نوعا من المسرحة تجعل من الديمقراطية قائمة على سلطة المشهد. ومن هنا فإنَ الفاعل السياسي تكون ممارسته للسياسة ذات بعد فرجوي.

كما أشار الحمامي إلى أنَ العلوم السياسية اهتمت بأدوار التلفزيون، في مشهدة السياسة وفق آليات مخصوصة، حيث تقع هيمنة القضايا ذات البعد السطحي على حساب القضايا السياسية ذات العلاقة بالشأن العام. 

 

ماهي خصائص المشهدية ؟

لخَص الحمامي مفهوم الديمقراطية التونسية في عشر خصائص كبرى:

1- تراجع الأحزاب وشخصنة السياسة وظهور الحزب الشخصي: أصبحنا نتحدث اليوم عن الحزب الشخصي، أي أنَ حزبا كاملا يتشكَل حول رئيسه الذي يُؤسسه أو يقوده أو يشتغل لصالح طموحات شخصية.

2- صعود الشخصيات التعبيرية: تتَسم الديمقراطية المشهدية هنا بظهور سياسيين تحوُلوا إلى ممثلين، حيث تكون تفاعلاتهم بواسطة أشكال تعبيرية قولية أو جسديَة تسمح بنقل المشاعر والأحاسيس.

3- طغيان التلفزيون وسلعنة الميديا: يمكن القول بأنَ السياسة الجديدة أصبحت مُتلفزة، وبذلك أصبحنا نتحدث برامج حوارية سياسية كوسيلة لتوسيع جمهور السياسي وبناء شعبيَته.

4- الميديا الاجتماعية وديناميكية الشاشات وإلغاء الوسائط: أساليب جديدة ظهرت مع الميديا الاجتماعية  وخصوصا الفايسبوك، ونرصد ذلك في الصفحات الرسمية للسياسيين والأحزاب والرئيس. حيث أصبح الفايسبوك مرآة الرأي العام الفورية لديهم.

5- المباشر..الزمن السياسي الجديد: مبدأ المباشر انطلق من خلال نقل مداولات مجلس نواب الشعب على التلفزة الوطنية، وهذا مثَل انتقالا حاسما في ظهور السياسيين.،

6- التنظيم المشهدي للحياة السياسية: إنَ السياسة الجديدة أصبحت تعتمد بشكل أساسي على المشهديَة والاستعراض. ونلاحظ هنا أسلوب رئيس الجمهورية المشهدي، من خلال خطبه السياسية وإلقاءه الدروس على الفايسبوك والتواصل مباشرة مع الشعب. 

7- في ظهور الجمهور: أصبح الرأي العام التونسي قوَة جديدة في تونس. فالديمقراطية التونسية تُتيح للمواطن الحق في التعبير عن رأيه بواسطة استطلاعات الرأي أو الميديا بأنواعها المختلفة.

8- ازدهار الصحافة التعبيرية على حساب الصحافة الإخبارية: إنَ الصحافة التعبيرية اجتاحت الساحة السياسية، حيث أصبح الصحفي يُعبَر عن مشاعره إزاء الشخصيات السياسية والأحزاب. وهذا ما أدَى إلى تهجين الخطاب الصحفي بالمزج بين الذاتي والموضوعي.

9- الناخب المُتقلَب ودو المعرفة المُشوَهة: اتُسمت الحياة السياسية اليوم بتقلَب الناخب والتغيَر المستمرَ لسلوكياته  الانتخابية. يأتي ذلك بسبب طبيعة المواد الإعلامية المُقدَمة وعدم توفَر المعرفة الضرورية التي تسمح له بالتعرَف على البرامج الانتخابية بشكل دقيق ونزيه. 

10- الاضطراب المعلوماتي والتضليل النسقي: يتعرَض الناخب اليوم إلى عمليات تسميم وتضليل وخداع مستمرَة وشاملة. إذ أصبحت البيئة المعلوماتية تساهم بشكل كبير في نشر الأخبار الزائفة دون أن يكون ذلك بنيَة التضليل. 

 

مستقبل الديمقراطية المشهدية في تونس

قدَم الكتاب تحقيقا نظريا وامبريقيا في الديمقراطية التونسية من المنظور التواصلي. فالميديا والاتصال ساهما في تشكيل مسارات الانتقال السياسي بشكل حاسم.

فاستعارة المشهد لا تسمح بفهم الحقل السياسي فحسب، بل تسمح لنا بفهم الأدوار التي تقوم بها الميديا في السياسة بما أنَها تحوَلت إلى مشهد يستخدمها السياسيون لاستعراض أنفسهم.

حيث اعتبر الدكتور الصادق الحمامي أن تونس تعيش حالة استثنائية منذ 25 جويلية 2021، فتعثَر الانتقال السياسي ساهم في عدم ظهور نظام ديمقراطي كامل الشروط.

 

تمخَضت عن الثورة خيبات أمل كثيرة، أزمات اقتصاديَة متتالية وعزوف عن المشاركة السياسية..غضب على النخب السياسية وعلى الإعلام وسط حركات سياسية شعبوية.

فالديمقراطية في العشريَة الأخيرة تستدعي منَا الانتباه ودراسة تحولات السلطة، فالسياسة الجديدة تُمارس سياسة رمزية بواسطة أساليب الفصاحة والبلاغة والمشهديَة.

إنَنا قد نكون بصدد السير نحو مسار معاكس يُمكن أن يكون مسار التراجع عن بناء الديمقراطية نفسها أو تدهور المسار الانتقالي برُمَته.

دمقراط-مشهد-auto-x2.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً