post

انطلاق الانتخابات البرلمانية اللبنانية في الخارج.. هل تتمكّن أصوات المغتربين من التأثير في النتائج؟

الشرق الأوسط الجمعة 06 ماي 2022

قبل أسبوع واحد من موعد الانتخابات البرلمانية المقرر داخل لبنان في 15 ماي 2022، تتركّز الأنظار، اليوم الجمعة وبعد غد الأحد، على انتخابات اللبنانيين المغتربين، التي تعوّل عليها السلطة السياسية لتعزيز حظوظ فوزها، نسبة لما تمتلكه من قاعدة مناصرين منتشرين في الخارج، لا سيما "القدامى" منهم.

وانطلقت، اليوم الجمعة، المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية اللبنانيّة لعام 2022، لاختيار 128 نائباً سيشكّلون البرلمان المقبل، لولاية تمتدّ 4 سنوات.

ويتوجّه لبنانيّو الاغتراب في 10 دول (تعتمد يوم الجمعة عطلة نهاية الأسبوع) إلى صناديق الاقتراع اليوم، للمشاركة في الانتخابات للدورة الثانية على التوالي، على أن تجرى المرحلة الثانية، بعد غد الأحد في 8 ماي ، في 48 دولة أخرى، تعتمد يوم الأحد عطلة نهاية الأسبوع، على أن يُسمح للمقيمين في أوكرانيا، الذين تسجّلوا للمشاركة في العمليّة الانتخابية، وعددهم 339، الاقتراع استثنائياً في لبنان، في 15 ماي المقبل، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتتجه أنظار جميع القوى السياسية التقليدية والمنبثقة عن المجتمع المدني نحو انتخابات المغتربين التي تُعقد للمرة الثانية في لبنان بعد دورة انتخابات 2018، نظرا لقدرة أصواتهم على التأثير في نتائج الانتخابات، وهو ما تجلى في الاستقطاب السياسي بين مختلف القوى، إذ يسعى كل منها لجذب أكبر قدر من المغتربين لمصلحته.

وفي المقابل، تتكئ المجموعات المدنية المستقلة عليها لقلب المعادلة، خصوصاً من بوابة الدور الذي لعبه الاغتراب في "انتفاضة 17 أكتوبر"، خصوصاً بالتحركات الشعبية، واعتمادها بشكل أساسي على المُغادرين "الجُدد" الحاقدين على المنظومة الحاكمة، الذين هُجِّروا قسراً منذ العام 2019 بفعل الأزمة الاقتصادية.

وأتاح قانون الانتخاب الجديد، الذي أُقرّ عام 2017، للبنانيّين المغتربين حقّ الاقتراع في الخارج. وفي وقت كان يفترض أن تخصَّص لهم في هذه الدورة 6 مقاعد، سقطت هذه الصيغة، بعد تعديل قانون الانتخابات، وإسقاط الدائرة الـ 16 المخصّصة لهم، وترحيلها إلى الانتخابات المقبلة في 2026.

معلومات عن الناخبين المغتربين

ويبلغ عدد الناخبين اللبنانيين المغتربين المسجلين في الخارج 225.114 ناخبا، وهو أعلى بنحو 3 أضعاف من أعداد أولئك المغتربين المسجلين بانتخابات 2018، حين بلغوا 92180 ألف ناخب أي بزيادة مقدارها 132934 وكان اقترع منهم 46799 بنسبة 50.76 في المائة، وذلك بحسب أرقام شركة الأبحاث والدراسات "الدولية للمعلومات".

وينتشر هؤلاء الناخبون المسجلون في 58 دولة بالقارات الست، بعد استثناء أوكرانيا (ربطاً بالغزو الروسي)، لكنهم يشكلون نسبة 25% من إجمالي اللبنانيين المقيمين في الخارج الذين يحق لهم الاقتراع، وتقدّر أعدادهم بنحو 970 ألفا، حسب مركز "الدولية للمعلومات". وتتواجد النسبة الأكبر من الناخبين المغتربين، والتي تبلغ 30.6 في المائة، في القارة الأوروبية.

وفي هذه الدورة، تتميز انتخابات المغتربين، بالإقبال الكثيف على التسجيل، وهو ما يُنتَظر منه ترجمة في نسبة الاقتراع للتأثير جدياً في العملية الانتخابية، وانعكاسها لتحفيز الناس على التصويت في لبنان.

وتنطلق انتخابات المغتربين اليوم في الدول التي تعتمد نهار الجمعة يوم عطلة نهاية الأسبوع، وهي السعودية (13095 ناخباً مسجلاً)، وقطر (7339 ناخباً مسجلاً)، والكويت (5752)، وسورية (1010)، وسلطنة عمان (901)، ومصر (707)، وإيران (640)، والبحرين (637)، والأردن (482)، والعراق (327 ناخباً مسجلاً)، مع الإشارة إلى أن الانتخابات ستجرى في الإمارات (25052 ناخباً مسجلاً) يوم الأحد المقبل بعدما اعتمدته عطلة رسمية.

وتفتح صناديق الاقتراع من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة العاشرة ليلاً، وذلك في مراكز الاقتراع التي حددتها وزارة الداخلية. وعند دخول الناخب إلى قلم الاقتراع، يقوم رئيس القلم بالتثبت من هويته، استناداً إلى بطاقة هويته أو جواز سفره اللبناني العادي الصالح، وورود اسمه على القائمة الانتخابية، على أن يصوت الناخب للائحة في الدائرة الانتخابية التي ينحدر منها لبنانياً.

وبعد إتمام الإجراءات المطلوبة وفق الأصول، ترسل المغلفات الخاصة الكبيرة العائدة لأوراق الاقتراع وباقي المستندات الانتخابية إلى مصرف لبنان عبر وزارة الخارجية والمغتربين، بحيث إنه في نهاية عملية الاقتراع على الأراضي اللبنانية، يوم الأحد 15 ماي الحالي، ترسل المغلفات والمستندات إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها من قبلها وتوثيق نتائجها.

مناطق محسوبة على الأحزاب التقليدية

وكما في الداخل اللبناني حيث هناك مناطق محسوبة على الأحزاب التقليدية حيث قاعدة مناصريها، كذلك في الخارج. وتعدّ بعض الدول والعواصم والمدن مصبوغة سياسياً، لا سيما منها تلك التي لجأ إليها اللبنانيون إبان الحرب الاهلية (1975 – 1990) وما زالوا مرتبطين بزعمائهم، علماً أن البعض منها تغيّر نفسها الحزبي بعد الأزمات الاقتصادية، فتوافد إليها مهجرون قسراً غالبيتهم من الشباب، ما خلط الكثير من الأوراق والحسابات الانتخابية.

ومع الإشارة إلى أن مقاطعة "تيار المستقبل" وشارعه الانتخابات سيكون لها تأثير على النتائج والحسابات الانتخابية، نسبة إلى عدد المسجلين الناخبين السُنة من غير المقيمين، خصوصاً في أوروبا 12390 ناخباً، عدا عن آسيا والدول العربية 20547 ناخباً.

وتبعاً للأرقام، هناك انتشار كبير للناخبين من الطائفة السنية على صعيد دائرة بيروت الثانية (11 مقعداً نيابياً 6 منها للطائفة السنية)، سواء في أميركا الشمالية حيث بلغ عدد المسجلين 3456 ناخباً، وأوروبا 5604 ناخبين، وآسيا والدول العربية 7665 ناخباً.

وتشهد هذه الدائرة، التي تتنافس فيها 10 لوائح، معركة شرسة، خصوصاً مع مقاطعة رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري وجمهوره الانتخابات. وتتجه الأنظار إلى من سيملأ مقعده ويحصد أكثرية المقاعد، فيما الطامحون للفوز كثر، على رأسهم "معنوياً وسياسياً" رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة الذي يدعم لائحة "بيروت تواجه" برئاسة خالد قباني، إضافة إلى فؤاد مخزومي الذي تمكن في العام 2018 من حصد 11346 صوتاً.

دور مؤثر للاغتراب في دائرة الشمال الثالثة

ويلعب الاغتراب الدور المؤثر الأكبر على صعيد دائرة الشمال الثالثة مارونياً (10 مقاعد نيابية تضم زغرتا – بشري – الكورة - البترون) سواء في أميركا الشمالية حيث تسجل 4740 ناخباً، وأوروبا حيث تسجل 3040 ناخباً، وفي آسيا والدول العربية حيث تسجل 2344.

وتعدّ المواجهة في هذه الدائرة التي تتنافس فيها 7 لوائح، وتحديداً قضاء البترون، من الأشرس، والتي يحاول جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، أن يثبتها معقلاً له، ويعود نائباً فيها، في ظلّ منافسة قوية ستكون مع خصمه المسيحي الأكبر حزب "القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع. علماً أن استطلاعات الرأي تظهر تراجعاً لشعبية باسيل و"التيار الوطني الحر"، سواء في لبنان أو الخارج.

إفريقيا معقل "أمل" و"حزب الله"

وتعتبر إفريقيا معقل الثنائي "حزب الله" وحركة "أمل" بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري. وسيكون للمنتشرين فيها كلمة مهمة في الانتخابات، ولا سيما في دائرتي الجنوب الثانية (6921 ناخباً) التي يترشح عنها بري، وتضم صور والزهراني وتتنافس فيها 4 لوائح، والجنوب الثالثة (3540 ناخباً) وتضم النبطية، وبنت جبيل، ومرجعيون، وحاصبيا، وتتنافس فيها 3 لوائح. كذلك يبرز الصوت الشيعي في أوروبا على صعيد الجنوب الثالثة (7349 ناخباً) وفي الجنوب الثانية (5735 ناخباً).

ورغم أن النتائج كانت دائماً محسومة في الجنوب لصالح الثنائي، الحزب والحركة، بيد أن هذه الدورة ستشهد معركة بين المنظومة والقوى التي انبثقت عن انتفاضة "17 أكتوبر"، والتي تمكنت، بعكس باقي الدوائر الانتخابية، من تجاوز فخّ تشتت اللوائح التي تضرّ بها، الأمر الذي من شأنه أن يعزز حظوظها ويجعلها قادرة على إحداث خرق.

ويشار إلى أن الدول التي سيجرى فيها الاقتراع في 8 ماي هي فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، كندا، الإمارات، أستراليا، ألمانيا، بريطانيا، أيرلندا الشمالية، كوت ديفوار، السويد، بلجيكا، البرازيل، سويسرا، نيجيريا، إيطاليا، المكسيك، إسبانيا، غانا، تركيا، فنزويلا، هولندا، الغابون، قبرص، الكونغو، سيراليون، الدنمارك، السنغال، رومانيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، بنين، توغو، زامبيا، جمهورية جنوب أفريقيا، ليبيريا، غينيا، أنغولا، روسيا، مالي، بوركينا فاسو، النمسا، كولومبيا، المملكة المغربية، أيرلندا، الكاميرون، هنغاريا، الأكوادور، بولندا، ولوكسمبورغ.

inbound3999762546843269531.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً