post

بسبب تآكل الديمقراطية.. عضوان بمجلس الشيوخ الأمريكي يطالبان بايدن بفرض عقوبات على من قوّض الاستقرار في تونس

سياسة الجمعة 28 أكتوبر 2022

عبّر السيناتور الأمريكي عن الحزب الديمقراطي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بوب مينينديز، وجيم ريش عن الحزب الجمهوري والعضو البارز في اللجنة المذكورة عن تخوفهما مما اعتبراه “تآكل الديمقراطية التونسية” حاثين إدارة بايدن على "تنسيق الجهود مع شركاء الولايات المتحدة في مجموعة السبع لربط المساعدات المقدمة لتونس بمعايير إصلاح ديمقراطي واضحة"

وطالبا في رسالة موجهة الى وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن الرئيس الامريكي بـ”فرض عقوبات على كيانات تورطت في الفساد وقوضت الاستقرار الاقتصادي والسياسي التونسي من أجل مصلحتها الشخصية”.

وجاء في الرسالة التي نشرتها الخميس، لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للشؤون الخارجية بموقعها: “عزيزي الوزير بلينكن نوجه اليك هذه الرسالة للتعبير عن مخاوفنا من التآكل المستمر للمؤسسات الديمقراطية في تونس… نحثكم على التنسيق مع شركائنا في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى لربط المساعدة بمعايير الإصلاح الديمقراطي الواضحة.

علاوة على ذلك بينما تقوم الولايات المتحدة بتقييم مجموعة من الأدوات لمعالجة التراجع الديمقراطي في تونس، نطلب منك النظر في فرض عقوبات على الكيانات التي تورطت في الفساد وقوضت الاستقرار الاقتصادي والسياسي التونسي من أجل مصلحتها الشخصية “.

كما جاء في الرسالة “يمثل قانون انتخابات 15 سبتمبر الذي أصدره الرئيس سعيّد مزيدًا من التدهور للمعايير الديمقراطية التونسية ويقلل بشكل كبير من دور الأحزاب ويخلق حواجز غير معقولة أمام مرشحي المعارضة المحتملين وردا على ذلك أعلن العديد من الأحزاب الكبرى في تونس نيتها مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة…. أزمة الأمن الغذائي التي تلوح في الأفق والتضخم المرتفع وتدهور الأوضاع المعيشية تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في تونس.. ما لم تعزز الولايات المتحدة والشركاء ذوي التفكير المماثل الحاجة الملحة للعودة إلى العمليات والمؤسسات الديمقراطية فإن تونس ستنزلق إلى مزيد من عدم الاستقرار”.

سعيّد دفع بتونس نحو الفشل

ويذكر أن عضوين في الكونغرس الأميركي حذّرا الأربعاء 28 سبتمبر 2022، من أن تونس تقف الآن على شفا انهيار اقتصادي، ويتجلى ذلك في التدهور السريع لسعر العملة الوطنية (الدينار) وارتفاع أسعار الغذاء والوقود ومعدلات البطالة.

ونشرت المجلة الأمريكية فورين بوليسي مقالا لعضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ديلاوير، كريس كونز، والنائب عن ولاية كارولينا الشمالية، ديفيد برايس، قالا فيه إن الشعب التونسي ألهم العالم، في ديسمبر 2010 وجانفي 2011، خلال 28 يوما من الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية والمعروفة باسم ثورة الياسمين، والتي أطاحت بالدكتاتور القديم زين العابدين بن علي.

ويُنظر إلى ثورة الياسمين على نطاق واسع على أنها حفزت الربيع العربي الأوسع، ولسنوات بعد ذلك، برزت تونس باعتبارها قصة النجاح الديمقراطية الوحيدة للخروج من تلك الاضطرابات. وتبنت البلاد دستورا تقدميا وشاملا، ثم أجرت انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة في عامي 2014 و2019.

وفقدت قصة الأخبار السارة لتونس بريقها منذ ذلك الحين، وبعد أكثر من عقد بقليل من ثورة الياسمين، تكافح الديمقراطية في البلاد من أجل البقاء، ففي سلسلة من التحركات الوقحة خلال العام الماضي، قام الرئيس التونسي قيس سعيد - الذي انتخب ديمقراطيا في عام 2019 - بإقالة البرلمان ونقل صلاحياته إلى نفسه، مع تولي السلطة التنفيذية الكاملة وحل هيئة قضائية عليا كانت بمثابة هيئة رقابة وكدس اللجنة الانتخابية في البلاد بالموالين، وفقا لكونز وبرايس.

وفي البداية، دعم التونسيون بشكل كبير تحركات سعيد، وزعم الرئيس أنه كان يحاول إصلاح نظام مشلول، وعندما ضغط عليه النقاد، أشار إلى إصلاحات انتخابية معلقة وإجراء انتخابات برلمانية مقررة في ديسمبر من هذا العام.

وفي أوت الماضي، قال الكاتبان، "ترأسنا وفدا من الكونغرس الأمريكي من المجلسين ومن الحزبين إلى تونس العاصمة، لمعرفة أين تذهب البلاد من هنا، والتقينا قادة المجتمع المدني الذين عبروا عن إحباط عميق على مدى سنوات من الجمود السياسي والفساد في بلادهم بعد عقد من الديمقراطية، لم يتم تلبية مطالب التونسيين الأساسية المتمثلة في الوظائف والحرية والكرامة، والتي كانت شعار ثورة الياسمين.

وبدلا من ذلك، أدى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستويات المعيشة، ونقص الغذاء والوقود إلى تقويض الثقة العامة في المؤسسات الديمقراطية، وترك العديد من التونسيين يسعون بشدة إلى طريق مختلف إلى الأمام. في هذا السياق، من السهل فهم دعمهم لسعيد.

وأضاف الكاتبان: "قبل أسابيع قليلة من زيارتنا، في 25 جويلية، قام سعيد بتقنين استيلائه على السلطة من خلال استفتاء على دستور جديد كان قد صاغه بنفسه، ويأخذ هذا الدستور الجديد؛ السلطة من البرلمان ويركزها في يد الرئيس، ويضفي الطابع المؤسسي على ما فعله سعيد أصلا، كما يسمح للرئيس بإقالة البرلمان في أي وقت، ويلغي سلطة المساءلة البرلمانية، ويتضمن فقرات تتعلق بالأمن القومي والأخلاق التي تسمح للدولة بالحد من الحقوق، ونقلا عن أستاذ القانون صادق بلعيد، الذي أشرف على مسودة سابقة للدستور الجديد لكنه تنصل من النسخة النهائية، قوله لوسائل الإعلام التونسية إن الوثيقة يمكن أن "تمهد الطريق لدكتاتورية مشينة".

في حين نجح الاستفتاء، فإن المشاركة المنخفضة للناخبين بنسبة 30.5% والمقاطعات الجماعية من المجتمع المدني تظهر معارضة متزايدة لهجمات سعيد على الديمقراطية. ربما يكون ذلك لأن إصلاحات سعيد كلفت تونس الكثير من تقدمها الديمقراطي دون مواجهة تحدياتها الاقتصادية.

وتقع تونس الآن على شفا الانهيار الاقتصادي. وتراجعت عملة البلاد، الدينار، كما انخفض تصنيف السندات، وأسعار الغذاء والوقود آخذة في الارتفاع، وذلك بسبب النقص في المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والأرز الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتبلغ نسبة البطالة الإجمالية حوالي 17%، وتبلغ بطالة الشباب ضعف ذلك تقريبا. كما تستمر مستويات الفقر في الارتفاع، ويتفشى الفساد والمحسوبية.

وشدد كونز وبرايس على أنه "إذا كان لدى تونس أي أمل في معالجة أزمتها الاقتصادية، فسيحتاج سعيد إلى إجراء إصلاحات هيكلية جادة وتأمين دعم شعبي واسع، ولطالما أوصى الاقتصاديون التونسيون باتخاذ إجراءات، مثل خصخصة الشركات المملوكة للدولة وتحرير النشاط التجاري، لتعزيز تنمية القطاع الخاص ونمو المشاريع. لكن بدلا من الاستماع إليهم، ضاعف سعيد إنفاق القطاع العام وتحول إلى القروض الخارجية لدعم الاقتصاد التونسي. اعتبارا من ديسمبر 2021، شكّل الدين العام 80% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويلوح التخلف عن السداد في الأفق".

وقال الكاتبان، إن سعيد نجح في تقويض كل التقدم الديمقراطي في تونس تقريبا خلال العقد الماضي، لكن لم يفت الأوان لعكس المسار، وعلى الشعب التونسي وقادة المجتمع المدني أن يعلنوا أنهم لن يتسامحوا مع أي اعتداءات أخرى على الديمقراطية.

وأضافا: "يجب أن يحاسبوا سعيد على التزاماته العلنية بحماية الفضاء المدني وإجراء انتخابات برلمانية شاملة وشرعية بحلول نهاية هذا العام. إذا قرر الشعب التونسي بدلا من ذلك البقاء هادئا وفك ارتباطه بينما يواصل سعيد مسيرته، فلن يجدوا أنفسهم أقرب إلى النجاح الاقتصادي بينما ضحوا بالحريات الديمقراطية التي ناضلوا بشدة لتحقيقها، وإن الرخاء الاقتصادي والحقوق الديمقراطية يعزز كل منهما الآخر، ويمكن للشعب التونسي أن يحصل على كليهما، وهما يستحقان القتال من أجلهما معا.

تونس-مركا.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً