post

ليبيا.. اشتباكات في طرابلس ومساع دبلوماسية لحثّ الدبيبة وباشاغا على الالتزام بالتهدئة

سياسة السبت 27 أوت 2022

اندلعت ليلة أمس الجمعة وفجر اليوم السبت، اشتباكات مسلحة وسط العاصمة الليبية طرابلس، استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وسط دعوات أممية لتجنب المواجهات وحل الخلافات بالحوار بين كل الأطراف.

ونشرت مواقع تواصل اجتماعي مقاطع فيديو تظهر تبادل النيران في منطقتي "باب بن غشير" و"شارع الزاوية" وسط المدينة، واحتراق سيارات في أحد الأحياء، في حين لم تشر أي أنباء إلى سقوط ضحايا.

وتشهد العاصمة الليبية طرابلس منذ أيام تحشيدات عسكرية لقوات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأخرى لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا.

وشهدت المناطق الجنوبية للعاصمة الليبية، مساء أول أمس الخميس، انتشار وتوزيع قوات عسكرية تتبع لحكومة الدبيبة تحسبا لأي هجوم محتمل من قبل كتائب مسلحة تتبع لحكومة باشاغا.

وقال مصدر عسكري تابع لحكومة الدبيبة لوكالة الأناضول، مفضلا عدم نشر اسمه، إن "هذا الانتشار جاء بناء على الاجتماع الذي تم خلال اليومين الماضيين وجمع رئيس الأركان محمد الحداد وعدد من الكتائب المسلحة بالمنطقة الغربية". وأضاف المصدر ذاته أن "الكتائب والتشكيلات المسلحة التي بدأت فعليا في الانتشار في أغلب الأحياء الجنوبية للعاصمة هدفها هو حماية المدنيين".

تبادل الرسائل

وتأتي هذه التحركات بعد يومين من توجيه باشاغا خطابا إلى الدبيبة، طالبه فيه بتسليم السلطة "منعا للاقتتال والحروب، وتحقيقا لمبدأ التداول السلمي للسلطة".

وأكد باشاغا في بيان أسماه "بلاغ لإبراء الذمة" أن "حكومة الدبيبة انتهت دستوريا وقانونيا، وأنه يناشد فيه روح المواطن الصالح، الحريص على تجنب البلاد الشقاق والاقتتال، أن يجنح للسلم، ويقوم بتسليم السلطة سلميا ليتحقق السلام والرفاة"، وفق تعبيره.

وأضافت الرسالة الموجهة للدبيبة: "هذه بلاغ إبراء للذمة، وإقامة للحجة، ودعوة وطنية صادقة؛ احتراما لمصلحة الوطن، وتجسيدا لمعاني الشرعية والديمقراطية، وترسيخا لأسس الدولة المدنية التي ضحى لأجل قيامها رجال يستحقون الوفاء لهم". وختم باشاغا رسالته للدبيبة بقوله: "أقول لكم إنكم مسؤولون، وستسألون عما تفعلون، ولا أرجو أن ينطبق عليكم قول الله تعالى: "قفوهم إنهم مسؤولون".

واعتبر مراقبون، أن طلب باشاغا هو تمهيد لدخول العاصمة خاصة مع انتشار كتائب مسلحة تتبع للمنطقة العسكرية الغربية، موالية لحكومته.

وفي المقابل، رد الدبيبة على باشاغا قائلا: "إلى وزير الداخلية الأسبق (باشاغا)، وفّر عليك إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات بإشعال الحرب واستهداف المدنيين"، وفق ما نشره على حسابيه بفايسبوك وتويتر.

وقال الدبيبة إن حكومته "مستمرة في عملها بشكل طبيعي وباعتراف دولي إلى حين عقد الانتخابات". وأكد الدبيبة، أن "الحكومة القادمة ستكون ناتجة عن سلطة منتخبة ولا تراجع في ذلك". ورأى الدبيبة، أن استمرار حكومته "هو الضمان الوحيد للضغط على الأطراف حتى يذهبوا إلى الانتخابات، وغير ذلك فإنهم سيستمرون في صفقة التمديد".

وأوضح أنه "لا يوجد أي انقسام في ليبيا، فكلّ المؤسسات والبلديات والإدارة والوزارات والهيئات تحت حكومة الوحدة، بل يوجد خلاف سياسي لن يحلّ إلا عبر الانتخابات".

وقال الدبيبة في ما أسماها رسائل موجهة للجميع: "الليبيون سئموا حروبكم التي عوّدتمونا عليها في كل عام، ولا يريدون إلا الانتخابات للتخلص من الطبقات السياسية التي هيمنت على ليبيا منذ عشر سنين".

وطالب في رسائله رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، بأن "يطلقوا سراح الليبيين بإصدار القاعدة الدستورية التي توصل البلاد إلى الانتخابات". وأضاف: "لن يصدّق أحد أن الاتفاق على مادة خلافية واحدة يأخذ كل هذا الوقت، بعد أن حرموا الشعب الليبي من حقه في الانتخابات لمدة 8 سنوات".

الدعوة إلى خفض التصعيد

ودعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا إلى خفض التصعيد في ليبيا، كما سجلت واشنطن قلقها إثر تجدد الاشتباكات في العاصمة طرابلس، مع استمرار التجاذبات بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.

وكانت البعثة الأممية أعربت أنها تتابع "بقلق بالغ حشد القوات المتواصل والتهديد باللجوء إلى القوة لتسوية مزاعم الشرعية"، وجددت التأكيد على أن أي استخدام للقوة غير مقبول.

وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي، بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك: "نحن نراقب بقلق بالغ التطورات التي تحدث في ليبيا، بما في ذلك حشد القوات والتهديدات باللجوء إلى استخدام القوة من أجل منافع سياسية".

وأضاف: "من المهم للغاية ألا يكون هناك تصعيد على هذه الجبهة، وأن تضع الأطراف المعنية في حسبانها مصالح الشعب الليبي". وتابع: "أعتقد أن هذه المصالح تشمل إحلال السلام، لا أحد يريد للوضع أن يعود إلى الوراء". وأكد دوجاريك، أن "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، منخرطة الآن مع الأطراف كافة لتحقيق هذا الغرض".

من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تشعر بقلق عميق من (احتمال) تجدد التهديدات بمواجهة عنيفة في طرابلس، ودعت إلى وقف التصعيد الفوري من قبل جميع الأطراف.

الالتزام بالتهدئة

وفي سياق متصل، بحث رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي مع السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند أهمية التزام الأطراف الليبية بالتهدئة، إضافة لمناقشة مقترح المجموعة الدولية بشأن إدارة العائدات النفطية مع التأكيد على سيادة ليبيا عليها.

وجاء ذلك خلال استقبال المنفي للسفير نورلاند في تونس على هامش القمة اليابانية الأفريقية للتنمية التي تعقد في تونس العاصمة.

كما ناقش السفير الأميركي مع 5 من أعضاء مجلس النواب الجهود الجارية بشأن المسار الدستوري وأهمية الحفاظ على الهدوء حتى يختار الليبيون قيادتهم من خلال الانتخابات.

وتطرق النقاش إلى الحاجة إلى إدارة شفافة وعادلة للإيرادات الوطنية لتوفير الخدمات الأساسية للشعب الليبي في جميع ربوع ليبيا. وأعرب نورلاند عن تطلعه إلى استمرار الاتصالات الوثيقة مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتسريع التقدم على المسار السياسي.

وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى حكومة فتحي باشاغا التي كلّفها البرلمان، والثانية حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.

وأثار الخلاف بين حكومتي الدبيبة وباشاغا المخاوف من تحوّله لحرب، خاصة في ظل التحشيد المسلح المستمر في طرابلس. وفي 16 ماي الماضي، وقعت اشتباكات بين قوات موالية للحكومتين بعد دخول باشاغا للعاصمة آنذاك قبل الانسحاب منها.

inbound8625476925638989715.jpg

من الممكن أن يعجبك أيضاً